غزة | بعد مرور شهر كامل على انطلاق معركة «طوفان الأقصى»، ونحو أسبوعين على بدء العملية البرية، لا تزال «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، حتى يوم أمس، تحافظ على الوتيرة نفسها في التصدّي للقوات الإسرائيلية الغازية، فيما يخرج مقاوموها من بين الركام ويصطادون الدبابات ويصوّرونها ويبثّون مشاهدها.ويوم أمس، تلقّت قوات الاحتلال في شمال غرب غزة النصيب الأكبر من عمليات الاستهداف، وتحديداً في مخيم الشاطئ. فعلى الرغم من تنفيذ الطائرات الحربية عشرات الغارات المتتالية هناك، في تطبيق لسياسة الأرض المحروقة، أظهر مقاومو «القسام» استعداداً مهولاً لخوض الالتحام المباشر مع القوات الغازية على مشارف المخيم، حيث استهدفوا 10 دبابات على الأقل، وناقلة جند وجرافة، بقذائف «الياسين 105»، وعبوة «العمل الفدائي». وفي شمال بيت حانون أيضاً، تمكّن المقاومون من استهداف 3 دبابات باستخدام «الياسين»، بينها دبابتان في منطقة الزراعة، لتؤكد المقاومة لاحقاً تمكّنها من تدمير 15 آليةً عسكريةً بشكل كلي وجزئي. وبالإضافة إلى ذلك، دارت اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال في محورَي شمال غرب وجنوب مدينة غزة، حيث دكّ مقاتلو «القسام» القوات المتوغّلة بعشرات من قذائف «الهاون».
أما على صعيد الإدارة الإعلامية للمعركة، فواصلت «القسام» نشر مقاطع مصوّرة لمشاهد من الاشتباكات الضارية التي يخوضها مقاوموها مع قوات العدو وتدميرهم لعدد من الآليات، كان آخرها مشاهد تظهر التحام هؤلاء مع القوات المتوغّلة شمال غرب بيت لاهيا وتدميرهم عدداً من الآليات، الأحد الماضي. وأنبأ هذا المقطع، بوضوح، بأن سياسة القصف والتدمير والتجويع والأرض المحروقة، لم توهن من عزيمة المقاومين، الذين ازدادوا قوة وإصراراً على القتال حتى الرمق الأخير، وأن هؤلاء يتمتّعون بأريحية حركية، ومعنويات مرتفعة، ويتصرّفون بتنافسية قتالية. كذلك، أظهر مقطع آخر إطلاق دفعة من الطائرات المُسيّرة في اتجاه أهداف مختلفة في فلسطين المحتلة.
يشير ظهور نتنياهو ووزيرَي الحرب في مؤتمرات صحافية منفردة، إلى الخلاف المتعاظم داخل المستوَييْن السياسي والعسكري في إسرائيل


وبخصوص الأسرى والمحتجزين، أعلنت «القسام»، في بيان، أنها «كانت قبل عدة أيام على وشك الإفراج عن 12 محتجزاً في غزة من حملة الجنسيات الأجنبية ولكنّ الاحتلال عرقل ذلك»، مؤكّدة «الاستعداد للإفراج عنهم»، مجدّداً. وفي وقت لاحق، نقل موقع «واللا» العبري، عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن الإدارة الأميركية حثّت رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، على «وقف إطلاق نار لمدة 3 أيام في مدينة غزة، وذلك للتمكّن من إحداث تقدم لإطلاق سراح بعض الأسرى»، علماً أن نتنياهو كان عطّل المبادرة المشار إليها ومبادرتين سابقتين لإطلاق مجموعة من المحتجزين.
في هذا الوقت، وخلافاً لمعطيات الواقع، خرج نتنياهو ليعلن «استهداف واغتيال» من كان لهم دور في عملية «طوفان الأقصى»، وأن قواته «وصلت إلى أماكن لم تتوقّع حماس أن نصل إليها»، في محاولة لتصدير صور «إنجازات» حول العملية البرية. وأضاف: «إننا لن نوقف إطلاق النار ولن ندخل الوقود قبل إطلاق المختطفين»، متابعاً أنه حثّ السفراء الأجانب على «المطالبة بالإفراج عن جميع المختطفين (بلا أي مقابل)». وفي المقابل، اعتبر القيادي في «حماس»، عزت الرشق، في حديث إلى «الجزيرة»، أن «نتنياهو يكذب ليخفّف حالة الرعب والانهيار التي يعانيها شعبه»، وأضاف: «لا ننكر استشهاد بعض مقاتلينا لكن نتنياهو يضخّم ونطالبه بالكشف عن القادة الذين استهدفهم». من جهتها، وفي تعليقها على تصريحات أركان الحرب، قالت «القناة 13» العبرية إن البيانات الإعلامية لهؤلاء «صفر معلومات»، علماً أن نتنياهو ووزيرَي الحرب يوآف غالانت وبيني غانتس ظهروا في مؤتمرات صحافية منفردة، في ما يشير إلى الخلاف المتعاظم داخل المستوَييْن السياسي والعسكري في إسرائيل.
وبالعودة إلى الميدان، واصلت المقاومة استهداف مدن الداخل المحتل ومستوطنات «غلاف غزة»، برشقات صاروخية وصلت إلى «تل أبيب» حيث أُغلق على إثرها مطار «بن غوريون». كما طاولت الرشقات «غوش دان» و«سديروت» و«مفلاسيم»، وذلك رداً على مجازر العدو بحقّ أهالي القطاع، والتي أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 10328 مواطناً، من بينهم 4237 طفلاً و2719 امرأة وفتاة و631 مسناً، بينما ارتفع عدد المصابين إلى 26 ألف مصاب على الأقل، فضلاً عن أكثر من 3 آلاف مفقود.