الحسكة | نفّذت الولايات المتحدة تهديداتها بالردّ على تصعيد «المقاومة الإسلامية في العراق» عملياتها ضدّ قواعدها العسكرية في كلّ من سوريا والعراق، وذلك عبر شنّ طائراتها الحربية، بعد منتصف ليل الأربعاء - الخميس، اعتداءات على مواقع للقوات الرديفة للجيش السوري في محافظة دير الزور. وسارع «البنتاغون» إلى تبنّي تلك الاعتداءات، عبر بيان رسمي أكد فيه أن قواته «نفّذت ضربة في إطار الدفاع عن النفس على منشأة شرق سوريا»، فيما قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، في إفادة صحافية، إنّ «طائرتين من طراز «إف 15» شنّتا غارة ضدّ منشأة» زعم أنها «لتخزين السلاح تابعة للحرس الثوري الإيراني والمجموعات المرتبطة به»، مشيراً إلى أنّ هذه الغارة «تأتي ردّاً على سلسلة هجمات استهدفت قواتنا في العراق وسوريا». وبينما قال أوستن «(إننا) جاهزون لاتخاذ إجراءات إضافية دفاعاً عن قواتنا ومنشآتنا»، حثّ في الوقت نفسه «على عدم التصعيد»، وهو ما نقلته وسائل إعلام أميركية أيضاً عن «البنتاغون»، الذي أكّد أن واشنطن «اتّخذت إجراءات إضافية للتواصل مباشرة مع إيران لتوضيح أنها لا تسعى إلى التصعيد». وقد أعلن «البنتاغون» إصابة 56 جندياً بإصابات طفيفة أو ارتجاج دماغي في 46 هجوماً على قواعد ومنشآت أميركية في العراق وسوريا منذ 17 تشرين الأول الفائت.من جهتها، أوضحت مصادر ميدانية من دير الزور، في حديث إلى «الأخبار»، أنّ «قوات الاحتلال الأميركي شنّت عدواناً على مواقع عدّة للقوات الرديفة للجيش السوري في شارع بور سعيد وحي هرابش في الأطراف الشرقية لمدينة دير الزور»، مبيّنةً أنّ «الغارات طاولت مخبزاً ومستودعات خالية للقوات الرديفة، ونقاطاً بالقرب من مديرية المطبوعات والكتب المدرسية». وإذ أفادت المصادر بأنّ الهجمات الأميركية «أدّت إلى خسائر محدودة في نقاط حراسة للقوات الرديفة»، فقد نفت أن «تكون الغارات استهدفت مستودعاً للأسلحة والصواريخ»، لافتةً إلى أنّ «استهداف مستودعات التسليح والصواريخ يعني وقوع انفجارات متتالية، وهو ما لم يحدث بعد الاستهداف». واعتبرت أنّ «الولايات المتحدة تحاول إظهار الهجوم على أنه بمثابة ضربة كبيرة للمقاومة الشعبية أدّت إلى إلحاق ضرر بمستودعات صواريخ تُستخدم في قصف قواعدها غير الشرعية»، مؤكّدة أنّ «كلّ ذلك هو محاولات لحفظ ماء الوجه أمام الداخل والإعلام الأميركي الذي بدأ يضغط بشكلٍ أكبر على المسؤولين، ما يدلّ على الأثر الكبير لضربات المقاومة ضدّ قواعد واشنطن في المنطقة».
ويُعتبر هذا الاستهداف الثاني من نوعه منذ تصعيد المقاومة هجماتها على القواعد الأميركية في سوريا والعراق، بعد استهداف مماثل قبل نحو أسبوعين طاول نقاطاً للقوات الرديفة في البادية التي تفصل الميادين عن القورية في ريف دير الزور الشرقي. كما أنّه جاء بعد نحو عشرة أيام على استهداف طائرات إسرائيلية شحنة من المواد الغذائية على معبر «البوكمال - القائم» الحدودي، كانت في طريقها من العراق في اتجاه الأراضي السورية. كذلك، وقعت الاعتداءات الأميركية بعد ساعات قليلة من هجوم عنيف لخلايا تنظيم «داعش» على مواقع للجيش السوري والقوات الرديفة في منطقة الكوم في بادية السخنة على مقربة من مثلث حماه - حمص - الرقة، أدّى إلى استشهاد وإصابة عدد من عناصر القوات الرديفة المكلّفة بمهام حماية حقول النفط وقوافله.
في المقابل، لم تتأخّر فصائل المقاومة في الردّ على الاعتداءات الأميركية، عبر تنفيذ ثلاث هجمات في أقلّ من ستّ ساعات، مستهدفةً لمرّتين قاعدة حقل «العمر» النفطي في ريف دير الزور الشرقي، ومرّة قاعدة معمل غاز «كونيكو» في الريف الشمالي لمحافظة دير الزور. هكذا، شهدت «قاعدة العمر الهجوم الأعنف للمقاومة منذ تأسيس القاعدة في ريف دير الزور، قبل أربعة أعوام»، وفق مصادر محلية أكّدت «سماع أكثر من عشرة أصوات داخل القاعدة، مع تصاعد ألسنة النار من داخلها، ما يدلّ على أنّ حجم الاستهداف أكبر من الاستهدافات الخمس السابقة لها في الأيام الأخيرة».
وتأتي هذه العمليات وسط تقديرات بتصعيد المقاومة ضرباتها للقواعد الأميركية، وخصوصاً في ظلّ هشاشة فاعلية الخيارات التي لجأت إليها واشنطن إلى الآن، في لجمها أو ردعها عن مواصلة استهداف القواعد وإلحاق أكبر أضرار ممكنة فيها.
واللافت هنا أن المقاومة لا تفتأ تُظهر قدرة عالية على الوصول إلى القواعد الأميركية، على الرغم من استقدام الأميركيين ترسانة من الأسلحة الدفاعية، سواءً عبر طائرات الشحن، أو إدخال أكثر من مئة وخمسين شاحنة إلى قواعدهم في سوريا والعراق. وفي هذا المجال، أكدت المصادر الميدانية، في حديث إلى «الأخبار»، أنّ «الاحتلال الأميركي عمِل منذ بدء المقاومة تصعيد عملياتها ضدّ قواعده غير الشرعية في سوريا، على اتّخاذ تدابير عدّة في محاولة لاحتواء هذا التصعيد»، لافتةً إلى أنه «قام، من ضمن ما قام به، بدفع ذراعه الإسرائيلية إلى تنفيذ قصف على البوكمال، نهاية الشهر الفائت، وأتبع ذلك بتحريك خلايا تنظيم داعش انطلاقاً من منطقة الـ55 كم، مع تقديم الدعم الاستخباراتي والعسكري لها، للضغط على المقاومة وإشغالها».
وكشفت المصادر أنّ «هناك إرباكاً واضحاً داخل القواعد الأميركية، وسط تواتر معلومات عن إلغاء الإجازات للجنود الأميركيين، في ظلّ عدم قدرة كلّ أنظمة الدفاع الجوي المنقولة إلى سوريا على وقف هجمات المقاومة، بما فيها منظومات ثاد وأفينجر وهيمارس»، مشيرةً إلى أن «كلّ ذلك دفعهم إلى التدخّل على نحوٍ مباشر وضرب أهداف للقوات الرديفة للجيش السوري». وتوقّعت المصادر أن «تكون هذه الاعتداءات الأميركية ذات أثر عكسي، عبر لجوء المقاومة إلى زيادة استهدافاتها للأميركيين، وهو ما حصل بالفعل بعد العدوان الأول على بادية الميادين قبل أسبوعين»، مقدّرةً أنّ «الإصرار الأميركي على تقديم الدعم المفتوح للكيان الصهيوني في حربه الهمجية على غزة، سيدفع المقاومين ليس فقط إلى زيادة عدد الضربات ضدّ هذه القواعد، وإنما أيضاً إلى تطوير الأساليب المستخدَمة في الهجمات، وإلحاق أكبر الخسائر الممكنة بالقواعد الأميركية في كلّ من سوريا والعراق».