بغداد | أثارت الغارات الأميركية التي استهدفت مواقع ومقرّات تقول واشنطن إنها تابعة لمحور المقاومة داخل سوريا فقط، وليس في العراق، تساؤلات الكثير من المراقبين. ويعتقد بعض الفصائل العراقية أن الولايات المتحدة تخشى فتح جبهة جديدة ضدّ قواتها، فضلاً عن أنها تريد الحفاظ على علاقة مستقرّة مع الحكومة الحالية التي وعد رئيسها، محمد شياع السوداني، سابقاً، بملاحقة «مطلقي الصواريخ» ضدّ المصالح الأميركية، مشدّداً على حماية الطواقم الديبلوماسية والقوات الاستشارية في إطار الاتفاقات المبرمة مع واشنطن. وفي أقلّ من ثلاثة أسابيع، شنّت الولايات المتحدة ما يقرب من ثلاث ضربات على مواقع في سوريا تؤكد أنها مرتبطة بإيران، بينما بلغت هجمات «المقاومة الإسلامية في العراق» ضدّ القوات الأميركية في سوريا والعراق أكثر من 45 هجوماً منذ منتصف تشرين الأول الماضي، أسفرت عن إصابة العشرات من الجنود الأميركيين، وفقاً لمسؤولين أميركيين.ويسود الأوساطَ العراقية اعتقادٌ بأن الهجمات الأميركية اقتصرت على الأراضي السورية، رغبةً من واشنطن في الحفاظ على علاقتها شبه المتوازنة مع بغداد، لكن الإدارة الأميركية تضغط على الحكومة العراقية لردع فصائل المقاومة التي توجّه ضرباتها إلى قواعدها العسكرية. ويتساءل المتحدث باسم «كتائب سيد الشهداء»، كاظم الفرطوسي، عمّا إذا كانت الولايات المتحدة تعلم فعلاً إلى مَن تعود المقرّات التي استهدفتها في سوريا، مؤكداً، في تصريح إلى «الأخبار»، أنّ «الاستهدافات الأميركية لنا سواءً كانت في سوريا أو العراق، ستزيد من حجم ضربات المقاومة ضدّها، وبشكل غير مسبوق»، مستبعداً أن «تردّ الولايات المتحدة في داخل العراق، لأن ذلك سيجعلها في ورطة أخرى، إضافة إلى ورطتها الناجمة عن مساعدة إسرائيل في جرائمها الشنيعة ضدّ المدنيين في قطاع غزة وخاصة الأطفال». وبينما أفادت تقارير سابقاً بأن الولايات المتحدة أبلغت السوداني بأنها ستردّ داخل العراق، إذا استمرّ قصف المقاومة العراقية لقواعدها، يوضح الفرطوسي أن «موقفنا نتّخذه بمعزل عن الحكومة العراقية، رغم أن هناك من يريد الخلط بين الموقفَين. نحن نرحّب بمواقف الحكومة ضدّ إسرائيل، ونتفهّم في الوقت نفسه أن لديها اتّفاقات مع دول أخرى. أمّا موقفنا، فننطلق فيه من اعتبارات شعبية عقائدية لضرب المحتلّ الأميركي في أيّ مكان».
المقاومة العراقية تمتلك سلاحاً إستراتيجياً، يؤهّلها لأن تدكّ الأراضي الفلسطينية المحتلة


أمّا عضو المكتب السياسي لـ«حركة عصائب أهل الحق»، أحمد عبد الحسين، فيؤكد أنه «سيكون هناك المزيد من التصعيد ضدّ الولايات المتحدة وإسرائيل في الأيام المقبلة، عن طريق المسيّرات أو الصواريخ الموجّهة، وقد تكون متوازية مع ضربات المقاومة الإسلامية في قطاع غزة وحزب الله في لبنان». ويشير عبد الحسين، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «هناك بنداً موجوداً في ميثاق جامعة الدول العربية، يقضي بأنه في حال حدوث أيّ اعتداء من قِبل دولة أجنبية على أيّ دولة عربية، يكون حق الردّ مكفولاً للدول العربية، وهذا ما قام به العراق كدولة ومقاومة في ضرب القوات الأميركية المحتلّة». ويؤكد أن «الردّ الأميركي على مقرّات تدّعي الولايات المتحدة أنها تابعة لنا في سوريا، لن يثني المقاومة عن عزمها، فهي ستستمرّ في ضرباتها ضدّ أميركا وإسرائيل»، متابعاً أنه «في حال تحوّلت ضربات الولايات المتحدة إلى داخل العراق، فهي لا تدرك حجم الضرر الذي سيلحق بها، رغم أنها تعرف دقّة استهدافاتنا، كون لديها تجربة سابقة مريرة عندما احتلّت العراق عام 2003».
من جهته، يعتقد عضو تحالف «نبني»، علي الفتلاوي، أنه «كلّما زادت أميركا من غطرستها ودعمها لإسرائيل في حربها ضدّ غزة، ستزداد هجمات المقاومة العراقية عليها»، لافتاً، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «المقاومة العراقية باتت تمتلك سلاحاً إستراتيجياً، يؤهّلها لأن تدكّ القواعد الأميركية والأراضي الفلسطينية المحتلّة». ويضيف الفتلاوي أنّ «المقاومة شرعت في مرحلة جديدة تتعدّى الطائرات المسيّرة والصواريخ وغيرها، فالهدف الحالي هو ضرب تل أبيب. ولذلك، أميركا الآن في حالة ذعر شديد كونها فتحت عليها أكثر من جبهة، ولا سيّما من العراق وسوريا ولبنان». ويرى أنّ «أميركا غير قادرة على قصف أيّ مقرّ في العراق، حتى لا تفتح جبهة جديدة على نفسها، وهي في وضع مربك، في ضوء التأثير السلبي عليها نتيجة دعمها المفتوح لحرب إسرائيل ضدّ القطاع، فضلاً عن أنه تربطها اتفاقيات مع الحكومة العراقية. لكن المقاومة كونها نابعة من إرادة شعبية، فهي مستمرّة في توسيع هجماتها ضدّ أميركا».
إلى ذلك، يرى عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، حسين العامري، أنّ «أميركا لا تستطيع أن تُحارب على جميع الجبهات ولديها مصالح في المنطقة. فلهذا، من الصعوبة شنّ ضربات داخل العراق». ويشير العامري، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «لجنة الدفاع النيابية في حوار مستمرّ مع الحكومة بشأن تطبيق قرار خروج القوات الأميركية»، متابعاً أن «رئيس الوزراء لديه جدّية كبيرة في موضوع خروج كل القوات القتالية»، مؤكداً أنّ «تهديدات واشنطن سوف تزيد من إصرار المقاومة على ضرب القواعد العسكرية والمصالح الأميركية».