طهران | بالتزامن مع إثارة مزاعم، خلال الأيام الماضية، في وسائل الإعلام الغربية، حول أن إيران ليست في وارد الانخراط في حربٍ دفاعاً عن قطاع غزة، سعى المسؤولون الإيرانيون، في تصريحاتهم وحَراكهم الدبلوماسي، إلى دحض هذه الرواية، وإظهار أنهم يراقبون ويرصدون المشهد والتطورات عن كثب. وفي هذا الإطار تحديداً، جاءت رسالة قائد «قوة القدس» في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إلى قائد كتائب «القسام»، محمد الضيف، والتي جاء فيها: «(إنّنا) سنفعل كلّ ما يجب فعله في هذه المعركة التاريخية». وإذ أثنى على عملية «طوفان الأقصى»، قال قاآني إن «إخوانكم في محور المقاومة متّحدون معكم ولن يسمحوا للعدو بأن يحقّق أهدافه القذرة في غزة وفلسطين؛ إنّنا باقون على عهدنا الأخوي الذي يوحّدنا معاً، ونطمئنكم بأننا سنقوم بأيّ عمل يجب القيام به في هذه المعركة التاريخية».ويبدو أن رسالة قاآني إلى الضيف، وتأكيده دعمَ إيران لـ»حماس» في الحرب الجارية، يأتيان كردّ فعل على النبأ الذي بثّته، الأربعاء الماضي، وكالة «رويترز»، حول ما دار من نقاش في اللقاء الذي جمع، مطلع الشهر الجاري، المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، إلى رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية. ونقلت الوكالة عن «مسؤولين كبار في إيران وحماس»، طلبوا عدم الكشف عن هويّاتهم، قولهم إن «المرشد الإيراني أخبر هنية، خلال لقائهما في طهران، بأن حماس لم تُبلِّغ إيران بالهجوم على إسرائيل»، ولذلك، فإن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستواصل تقديم دعمها السياسي والمعنوي للحركة، لكن من دون التدخّل بشكل مباشر في الحرب الجارية». وقبل رسالة قاآني إلى الضيف، وصف القيادي في حركة «حماس»، أسامة حمدان، خبر «رويترز» بأنه «محض كذب وافتراء»، قائلاً: «الكلّ يعرف طبيعة العلاقة بين الحركة والجمهورية الإسلامية، ويعرف الجميع موقف الجمهورية الإسلامية الداعم للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني وللمقاومة، ويعلم الجميع موقف آية الله السيد علي الخامنئي الداعم للمقاومة».
وفي هذا الوقت، بدأ وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، جولة خارجية جديدة، في إطار الحراك الدبلوماسي لبحث الأوضاع في غزة. وزار، هذا الأسبوع، مدينة جنيف السويسرية، حيث التقى بمسؤولين من الأمم المتحدة، وآخرين من «اللجنة الدولية للصليب الأحمر».
تخرج، اليوم السبت، مسيرات في طهران، ومراكز 31 محافظة إيرانية، دعماً لـ «أطفال غزة المظلومين»

وخلال الزيارة التي استمرّت على مدى ثلاثة أيام، التقى الوزير الإيراني، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسّق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، وكذلك مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، ورئيسة «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، ميريانا سبورلجاريك إيجر، لمناقشة تطوّرات الوضع في غزة. أيضاً، استقبل أمير عبد اللهيان، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسِن، في مقرّ البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في جنيف، إلى جانب لقاء أجراه مع نظيرته الفرنسية، كاثرين كولونا. وفي ختام زيارته لجنيف، قال أمير عبد اللهيان، في معرض إشارته إلى اللقاءات التي أجراها: «لقد اتّفقنا في وجهات النظر على ضرورة أن تتوقّف الجرائم ضدّ المدنيين على الفور، وأن يُعاد فتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع إلى غزة». وعن اللقاء الذي جمعه إلى الوزيرة الفرنسية، قال: «لقد حذّرناها من أنه إذا استمرّ الوضع في غزة (على حاله)، فإن أيّ احتمال، بما في ذلك توسيع نطاق الحرب، وارد». وفي تصريح آخر، قال وزير الخارجية الإيراني، في مقابلة مع شبكة تلفزيون «سي بي إس»، إن بلاده لم تسعَ إلى «توسيع الأزمة» الناجمة عن الهجوم المفاجئ لحركة «حماس»، وإن الهجمات المنظّمة التي تشنّها حركات المقاومة في المنطقة (المدعومة من إيران)، استندت إلى «قرارها المستقلّ».
وفي الوقت الذي حذّرت فيه السلطات الإيرانية من انتشار الحرب في المنطقة، فإن بعض الأطراف الإيرانية، حذّرت هي أيضاً من دخول الجمهورية الإسلامية في مثل هذه الحرب. وفي هذا السياق، أشاد وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف، في مقابلة صحافية، بموقف المرشد خامنئي، والأمين العام لـ»حزب الله» اللبناني، السيد حسن نصرالله، المتمثّل بالامتناع عن الدخول في الحرب إلى جانب «حماس»، واصفاً إيّاه بالموقف «الذكي». وأضاف جواد ظريف: «دعمُنا للمقاومة لا يشمل الحرب إلى جانبهم»، مبيّناً: «لقد خَدَعتنا روسيا في أوكرانيا. أخذوا الطائرات المُسيّرة وكشفوا عن ذلك بأنفسهم، وهذا له أسباب رهيبة للغاية في حسابات التوازن النووي. الأمر دقيق بالنسبة إليهم، وخطير بالنسبة إلينا. لكن في حالة غزة، المرشد يركّز على الأمر بالكامل. وبعيداً من مناقشة المشاكل الاقتصادية، فإن دخول إيران وحزب الله في هذه الحرب يحقّق في الواقع أمنية إسرائيل، وشخص نتنياهو». كذلك، اعتبر الوزير السابق أن الحرب في غزة «خلقت أجواء مؤاتية في العالم العربي لتحسين العلاقات مع إيران»، موضحاً أنه في إمكان بلاده «استغلال هذه الحالة والتقارب مع الدول العربية، ويجب على إيران أن تفشِل مشروع سلام الدول العربية مع إسرائيل، أو ما يسمّى «اتفاقات أبراهام»، لأن هذه الاتفاقات أقيمت على افتراض أن إيران تشكل تهديداً لهذه الدول».
ويُرتقب أن تخرج، اليوم السبت، مسيرات في طهران، ومراكز 31 محافظة إيرانية، دعماً لـ»أطفال غزة المظلومين»، على أن يلقي القائد العام لـ»الحرس الثوري»، اللواء حسين سلامي، كلمة في مسيرة طهران.