بغداد | تضغط فصائل المقاومة العراقية على الحكومة لتنفيذ قرار خروج القوات الأجنبية ومنها الولايات المتحدة من البلاد، وذلك على خلفية استهدافها مقاتلي «الحشد الشعبي»، معلنةً أن لا «هدنة» مع القوات الأميركية، وإنما تعليق للهجمات على القواعد العسكرية الأميركية المتمركزة في سوريا والعراق، بشكل مؤقّت. لكنّ اللافت أن تلك الفصائل بدأت تتحدّث عن عودة عمليات المقاومة حتى طرد الاحتلال. ومنذ بداية «الهدنة» بين حركة «حماس» ودولة الاحتلال، يوم الجمعة الماضي، توقّفت الهجمات الصاروخية على القواعد الأميركية في سوريا والعراق التي كانت تتبنّاها «المقاومة الإسلامية في العراق» بشكل يومي منذ بداية حرب إسرائيل على قطاع غزة. وأعلنت بعض الفصائل، ومن بينها «كتائب حزب الله»، خفض وتيرة تصعيد العمليات على القواعد، إلى حين انتهاء مدة الهدنة، فيما أكّد الأمين العام للكتائب، أبو حسين الحميداوي، في تصريح صحافي، أن المواجهات مع القوات المحتلة لن تتوقف إلا بتحرير العراق من الاحتلال.وكانت القوات الأميركية استهدفت بضربتين، يومَي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، مقرات تابعة لـ«الحشد الشعبي» في غرب بغداد وجنوبها، ما أسفر عن سقوط 8 شهداء على الأقل وجرحى. وفي السياق، يؤكد المتحدث باسم «كتائب سيد الشهداء»، كاظم الفرطوسي، لـ«الأخبار»، أن «فصائل المقاومة ليست لديها هدنة مع أميركا، خاصة بعد سقوط الشهداء في جرف النصر (الصخر) قبل أيام». ويوضح أنه «لا يمكن أن تكون هناك هدنة من دون تحميل الولايات المتحدة مسؤولية خرق السيادة ودماء الشهداء الذين سقطوا. وإلى الآن لم نسمع أو ننسّق بيننا كمقاومة بشأن هدنة، وما يشاع عنها من حديث في الإعلام، غير صحيح».
ويرى الفرطوسي أن «الأوضاع في غزة تختلف عن العراق، فهناك الوضع الإنساني كارثي ويستوجب قبول الهدنة من قبل حماس»، مضيفاً أن «اعتداءات أميركا على السيادة والحشد الشعبي لن تمر بسهولة (...) وحتى قضية القبول بهدنة من دون إجراء تتحمّل الولايات المتحدة مسؤوليته، مستبعد تماماً».
الفصائل تطالب بتحميل الولايات المتحدة مسؤولية خرق السيادة وسفك الدماء


من جهته، يعتقد القيادي في «حركة النجباء»، فراس ياسر، أنه «منذ انطلاق العمليات ضدّ المصالح الأميركية في سوريا والعراق بعد عملية طوفان الأقصى، أخذت المقاومة الإسلامية مبدأ الظهير والمساند للمقاومة الفلسطينية، وكانت ضرباتنا فاعلة ومؤثّرة، ما أظهر أن دور المقاومة كان كبيراً في إرغام الكيان والولايات المتحدة على الاستجابة لهذه الهدنة». ويؤكد ياسر، لـ«الأخبار»، أن «وقف ضربات المقاومة على القواعد الأميركية، مرتبط بمبدأ وحدة الساحات. فقد كان الشرط الأساسي لانطلاق عمليات فصائل المقاومة هو أن تمدُّد عمليات طوفان الأقصى داخل فلسطين وتمدُّد الاعتداء على الساحة الفلسطينية سوف يواجَهان بتمدُّد استهداف المصالح الأميركية». ويلفت إلى أن «هناك التزاماً مبدئياً بسحب هذه الهدنة على كل الساحات. لكن في ما يخص الساحة العراقية، نحن لدينا مشكلة مع الوجود الأميركي، ما يعني أنه ليس بالضرورة أن تلتزم المقاومة العراقية بذلك، نتيجة اعتداء الولايات المتحدة على السيادة، ولا سيما بعد الاستهداف الأخير لقوات الحشد الشعبي في منطقة جرف النصر».
وفي الإطار نفسه، يشير الخبير العسكري، عباس الزيدي، إلى أن «تصعيد المقاومة العراقية ضد الأميركيين يقرّره الميدان، ما يعني أنه إذا انتهت الهدنة وعاد القتال، فسيرجع نشاط المقاومة وعملها من ناحية الضغط والإسناد وفق إستراتيجية وحدة الساحات». ويوضح الزيدي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «المقاومة العراقية وضعها مختلف عن كل المقاومات، وذلك بسبب وجود احتلال أميركي. فلذا، لا أعتقد أن هجمات المقاومة ستتوقّف طالما القوات الأميركية موجودة».
ويتابع أن «مقارعة الاحتلال لا تحتاج إلى ظرف أو مناسبة، فهذا الشيء مستمر عند المقاومة، لكن توقف الضربات في الوقت الحالي جاء ربما لمراعاة ظروف غزة فقط».
وأما العميد المتقاعد، عدنان الكناني، فيرى أن «هناك هدنة متفقاً عليها بشكل غير مباشر، وهدفها إيقاف هجمات الفصائل العراقية على القواعد الأميركية. وفي المقابل، لن تقوم أميركا بقصف معسكرات قوات الحشد». ويضيف أن «الفصائل لن تتوقف عن مهاجمة القواعد الأميركية، إذا بقيت الحرب في غزة، لأنها تعتقد أن الولايات المتحدة هي داعمة ومساندة لإسرائيل، فيتوجّب عليها مواجهتها نصرةً لغزة».