القاهرة | تختلف دوافع المرشحين الثلاثة المنافسين للرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات، إذ يحمل كل منهم أسبابه للقبول بدور «الكومبارس» في مشهد الانتخابات الرئاسية المحسوم سلفاً لمصلحة السيسي، حتى من قبل فتح باب الترشح. فأجهزة الدولة التي تخالف القانون والدستور بلافتات دعائية تدعم الجنرال، وتستعرض إنجازاته، لم تجد أيّ اعتراض من «الهيئة الوطنية للانتخابات» التي يمنحها الدستور والقانون سلطات واسعة للتعامل مع هذه المخالفات.وجرى منذ وقت مبكر التنسيق مع رئيس حزب «الوفد»، عبد السند يمامة، لكي يخوض رئيسه الانتخابات في مواجهة السيسي. وهو تنسيق تحدّث عنه صراحة القيادي التاريخي في الحزب، منير فخري عبد النور، الذي شغل مناصب وزارية عدة حتى في حكومات السيسي، مؤكداً أن قرار خوض الانتخابات، من قبل الحزب الداعم للرئيس في مواقفه داخلياً وخارجياً، جاء بتنسيقات أمنية. ولم يكن الأمر مختلفاً بالنسبة إلى المرشح حازم عمر، رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، فهو الرجل الذي دُفِع من قبل الأجهزة الأمنية، كبديل للمشاركة في السباق، في حال كانت ثمة ممانعة قوية لدى ممثل حزب الوفد. وكان السيسي نفسه قد عيّن عمر، بقرار جمهوري، كعضو في مجلس «الشيوخ» عام 2022، حيث يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات العربية في المجلس حتى الآن.
أما رئيس الحزب «المصري الديموقراطي»، فريد زهران، فيمكن اعتباره مرشحاً لفئة من المعارضة المصرية لم تستطِع التوافق على موقف موحّد من خوض الانتخابات، بعد المضايقات التي تعرّض لها السياسي أحمد طنطاوي، وتشكيك أحزاب المعارضة في جدوى العملية الانتخابية من الأساس. وبدأت تلك المضايقات تزامناً مع فتح باب الترشح، إذ عمل «الأمن» على إعاقة ترشّح طنطاوي، ومنع المواطنين في الداخل والخارج من تسجيل التوكيلات اللازمة له لخوض الانتخابات، مع عدم نشر أيّ أخبار أو معلومات عنه في مختلف وسائل الإعلام المصرية، ما انتهى إلى منعه من دخول السباق الانتخابي. وامتدّ المنع ليشمل ملاحقته قضائياً، في رسالة تعبّر عن قوة قبضة الدولة حتى ضدّ المعارضة الهامشية المسموح بها.
يبدو أن رهان زهران على فترة ما بعد الانتخابات في زيادة فرص حزبه في الحياة السياسية محفوف بالمخاطر


وبالعودة إلى فريد زهران، فإنه خاض السباق الانتخابي أملاً بفتح المجال أمام حزبه للحركة بحرية وتعريف المواطنين برؤية الحزب، وذلك رغم قرار «التيار الليبرالي الحر»، الذي شارك في تأسيسه مع أحزاب وشخصيات عامة، مقاطعة الانتخابات. ودفع هذا القرار رئيسة حزب «الدستور» والإعلامية جميلة إسماعيل إلى الانسحاب من المشهد، بينما واصل زهران الطريق منفرداً، مدعوماً بتأييد محدود وفردي من بعض أعضاء «التيار». وعرض زهران، في جولاته الانتخابية المختلفة، رؤية سياسية واقتصادية ظهر أنها مغايرة لرؤية السيسي في قضايا وملفات عدة، في وقت يُنظر إليه فيه على أنه محسوب على الدولة أيضاً؛ ليس فقط لسقف الانتقادات المنخفض الذي وجّهه إلى الرئيس وحكومته، ولكن أيضاً لوجود أعضاء في حملته الانتخابية منتمين إلى «تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين» التي أسّستها وتديرها الأجهزة الأمنية.
هكذا، لم يخرج زهران خلال الحملة الانتخابية عن النص كثيراً، باستثناء تصريحات محدودة أطلقها في بعض الأحيان وحملت تجاوزاً، لكن جرى تقويمه سريعاً، وخاصة بعدما منع أول ظهور إعلامي له بسبب حدة التصريحات. لكن المرشح الذي يأمل بنيله صفة «وصيف» للرئيس في الانتخابات، بعدما فشل في جمع توكيلات شعبية لتأييده من مختلف المحافظات، مكتفياً بخوض الانتخابات عبر تأييد نواب البرلمان، لم يتوقع إقبالاً كبيراً على التصويت. ولعلّ أبرز ما حذّر منه زهران هو غياب الرؤية للتغيير والبديل الذي يمكن أن يتسلّم السلطة، على عكس ما حدث في 2011 عندما كانت «جماعة الإخوان المسلمين» موجودة ككيان منظّم، فيما لا وجود لكيان مماثل بتنظيمه، حالياً، من خارج إطار أجهزة الدولة يمكنه تسلّم السلطة، وفق قوله. ويبدو أن رهان زهران على فترة ما بعد الانتخابات في زيادة فرص حزبه في الحياة السياسية محفوف بالمخاطر، في ظل عدم الرضى الكامل عمّا قام به خلال فترة الدعاية الانتخابية.