أما على الصعيد السياسي، فاشتكى المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، من «عجز الأفكار»، موضحاً أن أكثر ما يقلقه «هو العدول عن التوافق في أي وقت في سوريا»، محذّراً في الوقت ذاته مما سماه «تسرب الحرب في غزة إلى سوريا». بيدرسن، الذي شارك في الدورة الـ21 من «منتدى الدوحة»، رأى أنه «يجب على الجميع التوقف والمراجعة بما يخص الأزمة»، مشيراً إلى أنه «من الصعب العمل على الأرض في سوريا وفي حال لم نضمن التهدئة والبدء بالعمل وفق مبدأ خطوة بخطوة، سنخاطر بكارثة كبرى في سوريا»، مضيفاً أنه «يجب الحفاظ على العلنية السياسية (...) السوريون يريدون المشاركة في جميع الملفات واتخاذ القرارات بالعملية السياسية»، وفق تعبيره.
تتابع أنقرة عمليات إنشاء حزام بشري على الشريط الحدودي، ضمن عملية تغيير ديموغرافية بعد طرد السكان الأكراد من ريف حلب الشمالي
وتتزامن تصريحات المبعوث الأممي مع التخفيض غير المسبوق لحجم المساعدات الأممية إلى المحتاجين في سوريا، بعد إعلان «منظمة الأغذية العالمية» (WFP) توقيف جميع مشاريعها هناك باستثناء بعض المشاريع الصغيرة، وتخفيض مفوّضية اللاجئين حجم الدعم الذي تقدّمه للسوريين اللاجئين في لبنان والأردن إلى أدنى مستوى له منذ بدء الحرب في سوريا قبل أكثر من 12 عاماً. وفي هذا الإطار، اكتفى بيدرسن بالقول إن «هناك نقصاً كبيراً في المساعدات، ما يؤثر على الحياة المعيشية»، من دون الإشارة إلى سبب تراجع حجم المساعدات برغم سماح الحكومة السورية بتمريرها عبر الحدود وفق رخصة سيادية، إثر عجز مجلس الأمن عن التوافق على صيغة واضحة لإدخالها.
وفيما لا يزال المسار الأممي للحل في سوريا (مسار اللجنة الدستورية) مجمّداً، بعد عرقلة واشنطن المبادرة العربية، وإغلاقها الأبواب أمام إعادة اللاجئين السوريين، وإصرارها على عقد اجتماعات اللجنة في جنيف، أعلن السفير الروسي في دمشق، ألكسندر يفيموف، العمل على عقد لقاء جديد ضمن مسار «أستانا» قبل نهاية العام الحالي. ورأى يفيموف، في لقاء مطوّل نشرته جريدة «الوطن» السورية، أن مسار «أستانا» هو المسار الوحيد الفعّال، قائلاً: «على مدى السنوات الماضية رأينا أنه في أستانا فقط كان من الممكن تحقيق التقدم في هذا الاتجاه، ويُمكن عقد الاجتماع المُقبل في إطار هذا المسار قبل نهاية العام».
وفي ما يتعلق بالتقارب السوري - التركي برعاية ودفع روسي وإيراني، ذكر السفير الروسي أنه «بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية في تركيا في أيار من العام الحالي، المفاوضات من هذا النوع لم تعُدْ تُعقد، ومع ذلك لا جدوى من الحديث عن إنهاء هذا التنسيق، على الأقل لأن هدف هذه المفاوضات الرئيسيّ يلبي مصالح كلٍّ من الجمهورية العربية السورية والجمهورية التركية على المدى البعيد». وأضاف يفيموف أنه «لسوء الحظ فإن الأمور لا تحدث دائماً بالسرعة التي نرغب بها جميعاً، ففي بعض الأحيان تتدخّل عوامل غير مُتوقّعة وتغيّر الظروف القائمة»، مشيراً إلى أن «التدهور الحاد للوضع في منطقة النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي أدّى إلى تحويل الاهتمام الرئيسيّ إليه، ودفع بالتالي مشاكل أخرى مُهمة إلى الخلف بشكل مؤقّت، وبمجرد أن يسمح الوضع بذلك، سيتم استئناف العمل على تقريب المواقف بين دمشق وأنقرة». وتابع: «لا نزال نعتبر إعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة أحد العوامل المهمة في التسوية السورية، ونحن مقتنعون بأن استئناف علاقات حسن الجوار التي تقوم بطبيعة الحال على احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها، لن يكون له تأثير إيجابي في الوضع في سوريا فحسب، بل سيسهم أيضاً في التحسن الشامل للوضع في المنطقة كلها».