رام الله | واصل جيش الاحتلال، لليوم الثاني على التوالي، أمس، عدوانه على مدينة جنين ومخيّمها شمال الضفة الغربية، موسّعاً اقتحاماته لتشمل أحياء جديدة. وفي تفاصيل ما يجري في المخيم، أفادت مصادر محلية، «الأخبار»، بأن الاحتلال «يعمل على تدعيم قواته بتعزيزات عسكرية على مدار الساعة، في وقت ينتشر فيه جنوده في مناطق متفرّقة في مدينة جنين، ويشنّون عمليات اقتحام واسعة». وأضافت المصادر أن القوات المتوغّلة في حارات المخيم، «تنفّذ اليوم أكبر وأوسع اقتحام في أحياء المدينة، وهو ما يجعل هذه العملية العسكرية الأوسع من نوعها منذ عملية «السور الواقي» واجتياح المخيم عام 2002». وبحسب المصادر، قام جيش الاحتلال، حتى عصر أمس، بقصف 15 منزلاً وتدميرها بشكل كامل جرّاء استهدافه إياها بالصواريخ المحمولة كتفاً، وشنّ حملة اعتقالات واسعة طاولت أكثر من 120 مواطناً جرى نقل بعضهم إلى معسكر «سالم»، وآخرين إلى ثكنات عسكرية أقامها الجيش بعد احتلاله منازلَ في المخيم، قبل أن يفرج عن بعضهم لاحقاً. وتبيّن المصادر أن حجم الدمار كبير جداً في المخيم وأطرافه وأحياء كثيرة في المدينة، حيث تعمّدت جرافات العدو العسكرية الضخمة، وعددها خمس، تخريب الشوارع وتجريفها وتدمير البنى التحتية والخدماتية، وسط استمرار الآليات المعادية في حصار المستشفيات وتمركزها عند أبوابها واستهداف طواقم الإسعاف. وأعلنت وزارة الصحة، أمس، استشهاد الشاب باسم زيدان بعد تلقّيه رصاصة قنّاص في الرأس، قرب منزله الكائن في جبل أبو ظهير في المدينة، ليرتفع عدد الشهداء منذ بدء العملية العسكرية إلى 8، 4 منهم قضوا جرّاء استهدافهم بغارة نفّذتها طائرة مُسيّرة في البلدة القديمة في مدينة السيباط.في المقابل، أعلن جيش الاحتلال، عصر أمس، إصابة أربعة من جنوده، بعدما استُهدفوا بعبوات وإطلاق نار من مسلحين فلسطينيين، خلال الاشتباكات العنيفة التي وقعت في جنين ومخيّمها. ومن جهتها، أعلنت «كتائب القسام» في مخيم جنين، أن المقاومة أوقعت قوة لجيش العدو في كمين محكم، واستهدفتها بعبوة ناسفة أصيبت على إثرها مجموعة من الجنود، فيما أكّد شهود عيان من المدينة إصابة العديد من عناصر القوات المقتحِمة على محاور عدة، سواء بعبوات ناسفة، أو خلال الاشتباكات المسلّحة، على غرار ما جرى في «مستشفى الأمل» (خارج المخيم)، حيث أصيب على الأقل جنديان، وشوهدا وهما يسقطان على الأرض. وفي محاولة لاستفزاز الأهالي، استهدف جنود الاحتلال منازل المقاومين والشهداء؛ إذ فجّروا وأحرقوا منزل المقاوم المطارَد عدي البعجاوي في جنين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى محيط منزل الشهيد جميل العموري في المخيم، في الوقت الذي دخل فيه عشرات الجنود أحد المساجد، وشرعوا في الغناء عبر مكبّرات الصوت، ما دفع الأهالي إلى إعادة بثّ خطاب مسجَّل للناطق باسم «القسام»، «أبو عبيدة»، الأمر الذي حمل جيش الاحتلال على الاستنفار.
كشفت مؤسسات الأسرى عن احتجاز 142 أسيرة من النساء والفتيات من غزة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بينهن طفلات رضيعات، ونساء مسنّات


ومنذ بدء الحرب على غزة، كان متوقّعاً أن يقدِم جيش الاحتلال على تصعيد عدوانه على الضفة الغربية، وتحديداً على معاقل المقاومة، في حين وصفت صحيفة «معاريف» العبرية ما يجري في جنين «تفكيكاً لعاصمة الإرهاب في الضفة الغربية»، و«رسالة من قبل الجيش الإسرائيلي إلى حركة حماس في جنين»، مشيرة إلى أن المعركة هناك مهمّة كوْنها جزءاً من محاولة استعادة نظرية الردع الإسرائيلية بعد السابع من أكتوبر، وأن الحرب على «حماس» ليست في غزة فقط. ويأتي هذا بينما حذّر «الهلال الأحمر» من أن الوضع في مخيم جنين في تدهور مستمرّ نتيجة الاقتحام المتواصل، فيما هناك عشرات النداءات والاستغاثات لحالات مرضية لا تستطيع طواقم الإسعاف الوصول إليها بسبب المعوقات التي يضعها جيش الاحتلال.
وبالتزامن مع العدوان الواسع في مخيم جنين، شنّت قوات الاحتلال، فجر وصباح أمس، حملة اقتحامات ومداهمات في مناطق مختلفة في الضفة الغربية والقدس المحتلّتَين، تخلّلتها مواجهات واعتقالات طاولت العشرات، وكان أبرز فصولها اقتحام مدينة نابلس، والتوغّل في مخيم بلاطة شرق المدينة، والبلدة القديمة، حيث اندلعت اشتباكات مسلّحة عنيفة مع مقاومين، فيما رصدت كاميرات المراقبة إصابة جندي من الجيش. كما اقتحمت القوات الإسرائيلية بلدة ترمسعيا وبلعين وبيت لقيا في محافظة رام الله، بالإضافة إلى اقتحامها مخيم الأمعري، حيث صادرت عدداً من مركبات الفلسطينيين، فيما سُجلت اشتباكات في مخيم العزة في مدينة بيت لحم. كذلك، أصيب شاب برضوض وجروح في كل أنحاء جسده، جرّاء اعتداء قوات الاحتلال عليه بالضرب المبرح في منطقة المطينة على المدخل الشرقي لقرية حوسان، فيما اقتحم جيش العدو مدينة قلقيلية، وأصاب طفلاً فلسطينياً بالرصاص الحي واعتقله أثناء توجّهه إلى دوامه المدرسي.
أما مدينة القدس، فشهدت، منذ ساعات الصباح، اقتحاماً واسعاً، وتحديداً في رأس العَمود، حيث هدمت قوات الاحتلال مبنى سكنيّاً مكوّناً من طبقتَين، في كلّ منهما أربع شقق، مساحة كل واحدة 110 أمتار مربّعة، وتعيش فيه 4 عائلات مقدسية، وذلك بعدما صدر قرار من المحكمة بهدمه، على رغم دفع أصحاب المبنى مخالفات لمصلحة بلدية الاحتلال بقيمة 800 ألف شيكل (216 ألف دولار). كما شنّ جيش العدو حملة اعتقالات واسعة، كان أبرزها في قرية تلفيت، جنوب نابلس، التي اقتحمها قرابة 500 جندي، واعتقلوا فيها 25 مواطناً على الأقل، واستولوا على 15 مركبة، وفتّشوا عشرات المنازل وعاثوا خراباً في محتوياتها، بعد إغلاق كلّ مداخل القرية ومنع الدخول والخروج منها منذ فجر أمس.
في غضون ذلك، تواصل قوات الاحتلال التعتيم على ظروف الأسرى في سجونها. وفي هذا الإطار، عقدت مؤسّسات الأسرى، وعائلة المعتقل الشهيد عبد الرحمن مرعي، لقاءً مغلقاً مع مجموعة من القناصل والدبلوماسيين، ناقشت في خلاله قضيّة استشهاد مرعي في معتقلات الاحتلال، وآخر التطوّرات حول واقع المعتقلين، في ظلّ تصاعُد عمليات التعذيب بحقّهم، فضلاً عن استعراض ما يقوم به العدو أثناء الاعتقالات من إطلاق النار على المعتقلين وإصابتهم، واستخدامهم دروعاً بشرية، والاعتداء عليهم بالضرب، والتهديد بالاغتصاب. وكشفت «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» و«نادي الأسير» عن احتجاز 142 أسيرة من غزة، بينهن طفلات رضيعات، ونساء مسنّات، جرى اعتقالهنّ خلال الاجتياح البري للقطاع، وهنّ محتجزات في عدة سجون، منها سجنا «الدامون» و«هشارون»، مؤكّدة أن الاحتلال ينفّذ جرائم مروّعة وفظيعة بحقّ معتقلي غزة، إلى جانب رفضه الكشف عن مصيرهم، من حيث أعدادهم، وأماكن احتجازهم، وحالتهم الصحيّة.