بشكل متزامن، أعلنت حكومتا المملكة المتحدة والولايات المتحدة فرضَ عقوبات جديدة على قادة ومموّلين لهم ارتباطات بحركتَي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» في فلسطين. وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية في لندن، فإن الحكومتَين البريطانية والأميركية استهدفتا بحملة من العقوبات، سبعة أشخاص قالتا إنهم مرتبطون بالحركتَين، لمواجهة ما سمّتاه «التهديد المستمرّ الذي تشكلّه المنظمات الإرهابية»، وسعياً لتعطيل عملياتها من خلال تجفيف مصادر تمويلها، وفرض قيود سفر على قادتها، ومنْع تزويدها بأسلحة ومعدّات عسكرية من قِبَل الأشخاص أو الأشخاص الاعتباريين البريطانيين والأميركيين.وهذه هي المرّة الثانية التي تلجأ فيها سلطات البلدَين إلى فرض عقوبات ضدّ الحركتَين، إذ كانت قد استهدفتا عدداً من كوادرهما في تشرين الثاني الماضي بعقوبات مماثلة. وأكدت الوزارة أن لندن وواشنطن «متّحدتان في تضامنهما مع إسرائيل»، وفي دعمهما لحربها على قطاع غزة، وستواصلان العمل معاً لدعم الجهود الرامية إلى منع التصعيد الإقليمي للصراع، وكذلك التفاهمات التي من شأنها السماح بوصول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى السكان المدنيين في القطاع المحاصَر. وجدّدت الوزارة التزام وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، بالعمل على «التصدّي للأعمال الإرهابية»، وضمان «ألّا يكون لحركة حماس مستقبل في حكم غزة».
وشملت قائمة الأشخاص المستهدَفين بالعقوبات، كلّاً من: محمود الزهار (أحد قادة ومؤسسي «حماس» في غزة)، علي بركة (المكلّف بالعلاقات الخارجية لحركة «حماس» في لبنان)، ماهر عبيد (قيادي سياسي شغل مناصب عليا في «حماس»)، أكرم العجوري (نائب الأمين العام لـ»الجهاد الإسلامي» في فلسطين وقائد «سرايا القدس»)، خالد شومان ورضا علي خميس «لقيامهما بتحويل الأموال إلى حماس من خلال محلّ الصرافة الذي يمتلكانه في لبنان وأيمن أحمد الدويك (مقيم في الجزائر ويدير أنشطة تمويل لمصلحة حماس، وساعد في إدارة محفظة استثمارات الحركة في الخارج). وتنضمّ هذه الدفعة من المستهدفين بالعقوبات إلى قائمة تشرين الثاني الماضي، والتي شملت كلاً من: يحيى السنوار (مسؤول «حماس» في غزة)، محمد الضيف (قائد «كتائب القسام»)، مروان عيسى (نائب قائد»القسام»)، موسى دودين (قائد «حماس» في الضفة الغربية)، وعبد الباسط حمزة (مقيم في السودان ويمتلك - بحسب الحكومة البريطانية - شبكة من الشركات التي تقوم بغسل الأموال والمتاجرة بالعملات لمصلحة «حماس») ونبيل شومان (يحوّل الأموال إلى حماس من خلال محلّ صرافة له في لبنان).
وأشارت الخارجية، في بيانها، إلى شمول القوائم أشخاصاً مقيمين خارج قطاع غزّة (لبنان، الجزائر والسودان). وتشكّل هذه العقوبات جزءاً من سلسلة أوسع من التدابير التي شرعت الحكومة البريطانية في اتخاذها دعماً لإسرائيل في حربها على غزة، بما في ذلك تأسيس مجموعة عمل دولية لتمكين المملكة المتحدة وشركائها من تبادل المعلومات الاستخبارية المالية حول أنشطة الحركات «الإرهابية» الفلسطينية. على أن الوزارة قالت إنها بينما ستستمرّ في إجراءاتها لعزل حركتَي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» في فلسطين، فإنها، في الوقت نفسه، ستواصل العمل مع شركاء مقبولين سعياً للتوصل إلى حلّ سياسي طويل الأجل حتى يتمكّن الإسرائيليون والفلسطينيون من العيش في سلام، وفق ما جاء في البيان. وذكرت أنها ضاعفت التزاماتها التمويلية الموجّهة إلى جهات فلسطينية هذا العام.
أتى الإعلان عن فرض العقوبات في أعقاب الكشف عن إرسال لندن قوات بريطانية إضافية إلى منطقة شرق المتوسط


وأتى الإعلان عن فرض العقوبات، في أعقاب الكشف عن إرسال لندن قوات بريطانية إضافية إلى منطقة شرق المتوسط، بلغ عديدها إلى الآن حوالي الألف جندي، وانضمّت إلى وحدة من قوات النخبة الخاصة (ساس) المتمركزة في قبرص استعداداً للتدخل في قطاع غزة بغرض تحرير أسرى يحملون الجنسية البريطانية، يُعتقد أنهم محتجزون لدى المقاومة. وطلبت السلطات البريطانية من وسائل الإعلام عدم نشر معلومات تتعلّق بعمليات «ساس» في المنطقة، فيما رفض الجيش البريطاني نفي أو تأكيد مشاركته بالفعل في العمليات مع الجيش الإسرائيلي على الأرض في غزة. وبحسب وزير القوات المسلحة البريطاني، جيمس هيبي، فإن نصف هذا العدد من القوات الإضافية، أُرسل إلى القاعدَتين العسكريتَين البريطانيتَين في جزيرة قبرص، فيما تمّ نشر أعداد أخرى في أماكن غير محددة في كل من مصر ولبنان وإسرائيل، وربّما دول أخرى قالت السلطات إنها ستبقى في نطاق من السرية لأسباب «أمنية عملياتية». وبذلك، يرتفع عديد القوات البريطانية في قبرص إلى ثلاثة آلاف، منهم حوالي 2700 عسكري، إلى جانب 300 من الموظفين المدنيين. كما تستضيف القواعد البريطانية مفرزة من 129 طياراً مقاتلاً أميركياً، ومقارّ أمنية تتبع الاستخبارات المركزية الأميركية.
وتحتلّ بريطانيا ما تسمّيه «مناطق سيادية» في قبرص - تشكل 3% من مساحة الجزيرة، وتعرف باسم «ديكيليا» في شرق الجزيرة و»أكروتيري» في غربها -، وتقيم عليها منشآت عسكرية واستخبارية ضخمة وسرية للغاية. وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قد كشفت أخيراً أن الولايات المتحدة استخدمت القاعدة البريطانية في أكروتيري لنقل أسلحة من مستودعات استراتيجية تابعة للجيش الأميركي و»حلف شمال الأطلسي» في أوروبا إلى تل أبيب - على بعد 180 ميلاً من قبرص - في إطار جسر جوي من 40 طائرة نقل أميركية حملت معدات وأسلحة، وأيضاً قوات مقاتلة. ولا يبدو أن السلطات القبرصية على علم بما يجرى، إذ من غير الواضح ما إذا كانت لندن قد أبلغت نيقوسيا حتى بنشر وحدة القوات الخاصة أو القوات البريطانية الإضافية. وفي هذا الإطار، نفى الناطق باسم الحكومة القبرصية، كونستانتينوس ليتيمبيوتيس، معرفة بلاده بطبيعة الرحلات الجوية التي كشفت عنها «هآرتس»، وهو ما ردّده لاحقاً الرئيس القبرصي، نيكوس خريستودوليديس، قائلاً إن حكومته «لا تمتلك معلومات في شأن الرحلات الجوية (للجيش الأميركي انطلاقاً من القواعد البريطانية)»، مؤكداً رفضه استخدام بلاده قاعدة للعمليات الحربية، ومطالباً السلطات البريطانية بإعلام حكومته بما يجري، مذكراً إيّاها باستخدامها القواعد قبل 20 عاماً في «الحرب التي شنّتها ضدّ العراق على أساس من الأكاذيب والخداع، وأودت بحياة الملايين، ولا تزال تتسبّب بالضرر إلى اليوم»، من دون موافقة نيقوسيا.