القاهرة | شهدت الأيام الماضية نشاطاً إسرائيلياً متزايداً، وبمعدّات عسكرية ثقيلة، على «محور فلاديلفيا» الذي يخضع للسيطرة الفلسطينية منذ الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة، وذلك من دون التنسيق مع مصر التي اعتادت إبلاغها بأيّ «تحركات غير طبيعية» على الشريط الحدودي، وخاصة في المنطقة «ج» المنصوص على نزع السلاح فيها بموجب «اتفاقية كامب ديفيد». وكانت القاهرة حذّرت، منذ بداية الهجوم البري على القطاع، من التجاوز الإسرائيلي على هذا المحور الذي يصل بين معبر كرم أبو سالم والبحر المتوسط، معتبرة أن «منع النشاط في هذه المنطقة خطّ أحمر لا يجب تجاوزه»، وفقاً لتصريحات نشرتها وسائل إعلام رسمية نقلاً عن مصادر مسؤولة في إشارة إلى جهاز المخابرات. ولم تبلّغ تل أبيب، الجانب المصري، بتحرّكاتها تلك إلّا في اللحظات الأخيرة، في محاولة لتجنّب مزيد من التوتّر مع القاهرة.وعلى الرغم من إغلاق مصر جميع فتحات الأنفاق على الجانب المصري منذ سنوات، إلّا أن إسرائيل تتحدّث عن استمرار وجود فتحات تتيح تهريب الأسرى وتحرّك قادة «حماس» وإدخال الأسلحة. ويأتي هذا في وقت تشهد فيه المنطقة المحيطة بـ«فلاديلفيا» على الجانب المصري، استنفاراً عسكرياً غير مسبوق تحسّباً لأيّ محاولات لاقتحام الحدود، وهو ما جعل الدبابات المصرية والإسرائيلية وجهاً لوجه، للمرّة الأولى منذ توقيع «كامب ديفيد». وإلى جانب الاستنفار المذكور، لجأت مصر إلى الوساطة الأميركية، باعتبار أنّ الولايات المتحدة كانت الوسيط في جميع المفاوضات التي عُقدت لأجل إدخال معدّات عسكرية مصرية ثقيلة إلى سيناء، بكميات أكبر ممّا هو منصوص عليه في الاتفاقية، وذلك لمواجهة الجماعات المتشدّدة هناك.
صاحبت الدخول الأميركي على الخطّ، سجالاتٌ بين العسكريين المصريين ونظرائهم الإسرائيليين


وصاحبت الدخول الأميركي على الخطّ، سجالاتٌ بين العسكريين المصريين ونظرائهم الإسرائيليين، على رغم أن السلطات المصرية حاولت حصر الأمر إعلامياً وسياسياً، بدعوى أن الآليات العسكرية المصرية المتمركزة في «فلاديلفيا» يمكنها التعامل مع أيّ خروقات قد تحدث على الشريط الحدودي. ومع ذلك، حذّرت القاهرة، عبر القنوات الديبلوماسية، من أن أيّ احتكاك غير مقصود قد تكون له عواقب كارثية، طالبةً من الأميركيين إقناع الإسرائيليين بعدم وجود أيّ أنفاق في هذه المنطقة، بما يعني انتفاء ضرورة هكذا تحرّكات، وهو ما حدث بالفعل عبر خطوط التفاوض التي رعتها واشنطن لتجاوز الأمر بشكل سريع. ويسود اعتقاد لدى المصريين بأن التحركات الإسرائيلية تستهدف التغطية على الإخفاق الذي تعرّضت له القوات الإسرائيلية على الأرض في غزة، وإظهار نوع من السيطرة من طريق التحرّك في منطقة آمنة نسبياً، لكن مصر تخشى من أن تؤدّي محاولة إظهار القوة تلك، إلى اضطرابات على الشريط الحدودي، الذي جرت إعادة النظر في القوات الموجودة فيه منذ بداية الحرب.