لم تسفر حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة، عن قتلى وجرحى في صفوف جنود جيش العدو فقط، إنّما تسبّبت أيضاً بإعاقات دائمة لعدد منهم، فضلاً عن حالات فقدان نظر ومشكلات في البصر، وصولاً إلى تصنيف الآلاف كمعوّقي حرب. كذلك، ثمّة عدد كبير من الجنود النظاميين والاحتياطيين الذين أصيبوا بالصم، أو إعاقات جزئية في السمع، بعضها صُنّف كإعاقات دائمة. ويعود السبب في هذه الأخيرة، وفقاً لصحيفة «معاريف»، إلى أصوات القصف المدفعي والجوي الذي يشنّه الجيش الإسرائيلي على غزة، منذ نحو ثلاثة أشهر. ووفقاً للصحيفة، فإن الأضرار السمعية الناجمة عن أصوات القصف «تُعتبر ظاهرة معروفة في التاريخ الطبي العالمي، وأيضاً في إسرائيل»؛ إذ إنه في أعقاب حرب الأيام الستة (النكسة العربية الكبرى)، والتي لم يمتلك الجنود فيها أدوات حماية، أصيب كثيرون منهم بمشكلات في السمع، تسبّبت بفقدان بعضهم لهذه الحاسّة، فيما عانى آخرون من فقدان جزئي للسمع.وعلى الرغم من أن الجيش «يشدّد على جنوده لجهة استخدام سدّادات الأذنين»، إلا أنه في بعض الأحيان «لا يمكن استخدامها، وخصوصاً في إطار العمليات العسكرية التي تتطلّب منهم إصغاءً تاماً لكلّ حركة في المحيط من شأنها أن تسبّب خطراً على حياتهم». وفي هذا الإطار، ذكرت الصحيفة أن مستشفى «بيلنسيون» استقبل عدداً كبيراً من الجرحى، إذ وصل إليه 100 جندي يعانون من تلف في السمع بدرجات متفاوتة، أو طنين في الأذنين (المعروف باسم طنين الأذن). وخضع الجنود لسلسلة من الفحوصات، بما في ذلك اختبارات السمع المتقدّمة، فيما أولئك الذين تبيّن أن لديهم انخفاضاً كبيراً في السمع بدؤوا بتلقّي العلاج بجرعة عالية من الأدوية لتجنّب الآثار الجانبية.
الأضرار السمعية الناجمة عن أصوات القصف تُعتبر ظاهرة معروفة في التاريخ الطبي العالمي


ووفقاً لمدير قسم جراحة الأذنين في مستشفيَي «بيلنسيون» و«شارون»، البروفيسور أوهاد حيلي، فإن «ظاهرة الإصابات السمعية في صفوف الجنود، باتت ظاهرة معروفة جداً، وهي تشغلنا في الأيام الأخيرة». وأشار حيلي إلى أنه عالج بنفسه عدداً كبيراً من الجنود، مضيفاً أنه «يجري الحديث عن صدمة صوتية يحدث فيها ضجيج عالٍ جداً ومفاجئ بسبب انفجار أو إطلاق نار كثيف». وبيّن أنه «يمكن للطاقة التي تتعرّض لها الأذن، أن تُلحق الضرر بالهياكل المجهرية للأذن الداخلية، والتي تسمّى الخلايا الشعرية، المسؤولة عن تحويل حركة الصوت إلى تحفيز عصبي. ونتيجة لذلك، قد يتطوّر الأمر إلى انخفاض في السمع الحسّي العصبي، أو تلف في السمع». وتابع حيلي أن «فقدان السمع في بعض الحالات يكون مؤقتاً ويتحسّن تلقائياً، لكن عندما لا يتلقّى الجندي علاجاً عاجلاً خلال يوم أو يومين من التعرّض للضوضاء، فإن الضرر قد يستمرّ لمدة طويلة، وأحياناً يصاحب الجندي أشهراً أو حتى سنوات». وأوضح أن «العلاج بالستيرويد المعطى للجنود، قد يحدّ من الالتهابات الناتجة من الصدمة، والتي تصيب الأذن نتيجة التعرّض للضوضاء»، وأنه «في حالة فقدان السمع أو الإصابة بطنين في الأذنين، يجب إخلاء الجندي بشكل عاجل إلى المستشفى، وعدم العودة إلى منطقة الضوضاء قبل شفاء الأذن. فالأذن التي لم تلتئم تكون أكثر حساسية للصدمات المتكرّرة، وإذا عاد الجندي إلى ساحة المعركة قبل الشفاء، فقد يحدث ضرر أكثر خطورة للسمع».