بغداد | مع اتساع المواجهة بين قوات الاحتلال الأميركي و«المقاومة الإسلامية في العراق»، والتي سعت رئاسة الوزراء العراقية إلى تجنّبها، كان لا بد لهذه الأخيرة من أن تخرج لتوضح ملابسات ما حدث منذ بداية تلك المواجهة، وموقفها الحقيقي من الوجود الأميركي في العراق، وهو ما فعله الناطق باسمها، باسم العوادي، في حديث إلى «الأخبار»، شدّد فيه على الحاجة إلى حوار عسكري وأمني مهني يستطيع أن يضع خارطة طريق تقود إلى تواريخ محدّدة لإنهاء مهمة «التحالف الدولي».وأشار العوادي إلى أن «الحكومة سعت منذ اندلاع حرب غزة، للوقوف مع الشعب الفلسطيني، وإدانة الوحشية الإسرائيلية بصورة ظاهرة وقوية، لكنها سعت أيضاً مع كل الأطراف والدول من أجل إيقاف الحرب وعدم توسيع نطاقها لتشمل جبهات أخرى، ولعبت دوراً دبلوماسياً كبيراً في التحذير من مخاطر استمرار الحرب على عموم المنطقة والعراق». واعتبر أن «الحكومة استطاعت أن تحافظ على توازن مواقفها، وعبّرت عن ذلك بصورة صادقة قولاً وفعلاً، بإدانة كل الأفعال التي تتم خارج نطاق الدولة والحكومة»، مضيفاً أنها «اعتبرت أن القرار السيادي (العسكري والأمني) الأول المتعلّق بمصلحة العراق العليا، هو بيد الحكومة العراقية حصراً، وأنها قادرة على القيام بكامل التزاماتها بمنع تحويل العراق إلى ساحة حرب بين فعل وردّ فعل».
ورداً على مقولة إن الحكومة لم تستطع إيقاف الضربات من مختلف الأطراف، دافع العوادي «بأنها استطاعت تحجيم الأفعال والردود عليها من خلال خطوات سياسية ودبلوماسية وأمنية، وأنه لولا جهود الحكومة، لكانت صور المواجهة مختلفة جداً عما هي عليه الآن من ناحية التصعيد والآثار المترتبة على عموم المنطقة والعراق». ولفت إلى أنه «قبل بدء حرب غزة بشهرين تماماً، ومنذ تاريخ زيارة الوفد العراقي لواشنطن برئاسة وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش، تم إخطار الجميع بحاجة العراق إلى مناقشة مهمة قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش. وتمّت تسمية لجنة عليا بصورة أولية لإجراء ترتيبات لمثل هذا الحوار، لكنّ التأخير يعود إلى تأزّم الوضع في المنطقة بسبب حرب غزة». وتابع أن «رئيس الوزراء عبّر رسمياً وعلناً مرتين عن أن إنهاء مهمة التحالف الدولي أصبح من أولويات الحكومة خلال المرحلة القادمة. وبدون شك، نحن بحاجة إلى حوار عسكري وأمني مهني يستطيع أن يضع خارطة طريق أو جدولة زمنية متفقاً عليها تقود إلى تواريخ محدّدة للوصول إلى عملية إنهاء مهمة التحالف الدولي لمحاربة داعش، والانتقال إلى عقد الاتفاقات الثنائية السياسية والعسكرية والاقتصادية والاستثمارية مع بقية دول التحالف».
وعزّزت هجمات الولايات المتحدة على مقرات أمنية تابعة لـ«الحشد الشعبي»، المواقف الرسمية السياسية والشعبية الداعية إلى إنهاء الوجود الأميركي. وفي هذا السياق، يؤكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، علي البنداوي، أن «هناك رغبة عراقية خالصة في إنهاء الوجود الأجنبي»، مضيفاً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «حكومة السوداني، ومن خلال اجتماعاتنا معها، باتت عازمة على تطبيق قرار البرلمان بإخراج قوات التحالف، خاصة بعد الأحداث الأمنية الأخيرة».
العوادي: لولا جهود الحكومة، لكانت صور المواجهة مختلفة جداً عما هي عليه الآن


من جانبه، يرى القيادي في «حركة النجباء»، حيدر اللامي، أن «الاحتلال الأميركي ومن يتّبعه لا ينفع معهم سوى القوة. والآن لغة السلاح هي اللغة الحاضرة، ولا توجد لغة غيرها بالنسبة إلى فصائل المقاومة العراقية»، لافتاً، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «هناك من يرى أنه بحجة الصالح العام وبناء الدولة والحفاظ على العملية السياسية، يمكن التنازل عن سيادة الدولة وقرارها السياسي والاقتصادي والأمني. ونحن نقول إنه بوجود الاحتلال الأميركي، لا يمكن بناء دولة وتحقيق الأمن والاستقرار». ويتابع أن «كل من يتبجّح بالسيادة ويعتبر المقاومة الإسلامية التي تستهدف قوات محتلة في داخل العراق، جماعات خارج القانون، نقول له إن هذا الاحتلال لا يسمح لكم ببناء دولة قوية وأن تحققوا الأمن والاستقرار. لا بد لكم من أن تفهموا ذلك». ويرى أنه «عندما تعجز السلطة عن أداء مهامها ووظائفها التي في مقدّمتها سيادة البلد، من غير المنطقي أن تقف القوى الشعبية مكتوفة الأيدي بوجود احتلال لا يحترم كرامة الإنسان وسيادة البلد»، معتبراً أن «اتفاقية الإطار الإستراتيجي المبرمة بين الحكومتين العراقية والأميركية مجحفة ولها آثار سلبية على الدولة والشعب، ومع ذلك لم تلتزم بها أميركا». ويطالب الحكومة بالانسحاب من هذه الاتفاقية.
في المقابل، يعتقد النائب السابق في البرلمان، حسن الجنابي، أن «بيانات الحكومة الأخيرة ومواقفها العملية كانت فاعلة، حينما أوضحت بشكل رسمي للإدارة الأميركية أن العراق قادر على حماية نفسه ولا يحتاج إلى وجود مستشارين، ولا قوات قتالية على أراضيه، ولذا أعتقد أن على المقاومة الإسلامية أن تعطي الفرصة للحكومة لإخراج الأميركيين». ويشير، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «جميع الاتفاقيات الأمنية مع الجانب الأميركي تحتاج إلى مراجعات عميقة من قبل الحكومة، لأن الظروف تغيّرت ولم يعد العراق بحاجة إلى قوات أجنبية تحميه، بل أصبحت تشكّل خطراً عليه وعلى أمنه في الآونة الأخيرة».
ميدانياً، أعلن «جهاز مكافحة الإرهاب» في إقليم كردستان العراق، أن قاعدة «حرير» الجوية في أربيل، والتي تستضيف قوات أميركية ودولية، استُهدفت بطائرة مُسيّرة مسلحة، أمس، من دون أن يشير إلى ما إذا كان الهجوم أسفر عن قتلى أو جرحى أو أضرار. وفي المقابل، وجّه الجيش الأميركي الشكر للشرطة العراقية لاكتشافها صاروخ «كروز» قبل أيام، قال مسؤول أميركي إنه كان يستهدف قوات أميركية في البلاد.