في هذا الوقت، عادت الحرارة إلى الخطوط التفاوضية، بعدما شهدت جموداً كبيراً خلال الأسبوعين الفائتين. ومن المعلوم أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، كان قد وجّه فريقه الحكومي بممارسة ضغوطات على قطر، لتحريك ملف التفاوض حول الأسرى، قبل أيام، وهو عبّر عن امتعاضه من عدم تقدّم المفاوضات، ومما اعتبره بروداً قطرياً. كذلك، أوصى نتنياهو فريقه، بمنح مصر مساحة أكبر في التفاوض، فيما يستفيد هنا من حالة أشبه بالتسابق بين القطريين والمصريين، حول من يأتي بالصيغة الأفضل للصفقة الممكنة. وبناءً عليه، اتصل المصريون بالفصائل الفلسطينية، قبل يومين، وطلبوا الاجتماع بقياداتها في القاهرة خلال وقت قصير، وأعلموها بوجود مقترح إسرائيلي «معدّل»، في حين طلب الفلسطينيون توضيحات حول التعديلات المزعومة. وبحسب معلومات «الأخبار»، لم تصل هذه التوضيحات بعد، والتي على أساسها سيُتخذ قرار التوجّه إلى القاهرة من عدمه. أما قطرياً، فقد أرسل المسؤولون في الدوحة، إلى تل أبيب، خلال اليومين الماضيين، مقترحاً جديداً أيضاً، وتولّى الإسرائيليون تسريب جزء من فحواه، بينما التزم القطريون الصمت حياله. وبحسب وسائل الإعلام العبرية، فإن المقترح القطري الجديد يتضمّن «إبعاد قادة حركة حماس» الحاليين من قطاع غزة، وتبادلاً للأسرى على أساس «إنساني» في المرحلة الأولى، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل القطاع في المرحلة الأخيرة.
عادت الحرارة إلى الخطوط التفاوضية، بعدما شهدت جموداً كبيراً خلال الأسبوعين الفائتين
في المقابل، نقل الكاتب الإسرائيلي باراك رافيد، في موقع «واللا»، عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم إنه «لا يوجد تغيير كبير في المقترحات المقدّمة من قطر ومصر حول صفقة تبادل جديدة»، وإن «المعضلة الحقيقية التي يجب على حكومة الحرب أن تقرّرها، هي ما إذا كانت إسرائيل مستعدّة لوقف الحرب مقابل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين». وكان رئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، تولّى إطلاع أعضاء «كابينت الحرب» على الاقتراحات الجديدة للصفقة، مساء أمس، فيما لم يمضِ وقت طويل، حتى أعلنت قناة «كان» العبرية، أن «هنالك أغلبية مطلقة في مجلس الوزراء الإسرائيلي ضدّ المقترح القطري»، ناقلة عن مصدر في المجلس قوله إن هذا المقترح «مضيعة للوقت». كما تحدّث صحافيون إسرائيليون بنوع من السخرية، عن أنه «من يظنّ أن السنوار أو الضيف، سيوافقان على مقترحات للنّفي خارج غزة، فهو لا يعرف السنوار ولا الضيف ولا حتى يعرف حماس».
ومن بيروت، كان القيادي في حركة «حماس»، أسامة حمدان، يعلن صراحة أن «أسرى العدو لن يعودوا، ما لم يُستجب لشروط المقاومة، وأوّلها وقف العدوان». وأكّد حمدان أن «حكومة الاحتلال تمارس تدليساً بشأن ما يتمّ تداوله عن المبادرات بهدف تهدئة الشارع (الإسرائيلي)»، مضيفاً أنه «لا مبادرات، ما لم يتمّ الحديث عن وقف كامل للحرب». وتطرّق حمدان الى «فكرة نزع سلاح المقاومة»، معتبراً أنها «ساذجة ولا تراعي حقائق الأمور». وأشار، في ردّ واضح على ما تداوله الإعلام الإسرائيلي، إلى أن «الحديث عن خروج المقاومة ومغادرتها (القطاع) مجرّد وهم»، مؤكداً أن «الوضع في غزة أعقد وأفضل مما يظنه الاحتلال».
إلى ذلك، اختُتمت، مساء أمس في مدينة العقبة الأردنية، القمة الثلاثية التي جمعت الملك الأردني عبدالله الثاني، والرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي، والفلسطيني محمود عباس، والتي تعدّ الأولى للمسؤولين الثلاثة منذ بداية العدوان على غزة. وجدّد هؤلاء، خلال القمة، رفضهم لأي خطط إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة. كما أكّدوا رفضهم الفصل بين غزة والضفة، محذّرين من محاولات إعادة احتلال أجزاء من القطاع، أو إقامة مناطق آمنة فيه.