صنعاء | بعد فشلها في ضرب قدرات قوات صنعاء، وارتفاع تكاليف العمليات العسكرية التي نفّذتها في الأيام الماضية في اليمن، من دون أن تتمكّن من وقف الهجمات اليمنية على السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى الموانئ المحتلة، تدرس واشنطن خفض تصعيدها في البحر الأحمر في الأيام القادمة، وتحريك الفصائل الموالية للإمارات في الداخل، لتفجير الوضع عسكرياً، والانقلاب على اتفاق التهدئة، وإعادة الأوضاع إلى ما قبل الهدنة المطبّقة منذ نيسان 2022.هذا الخيار الذي قد يعيد اليمن إلى مربع الحرب الداخلية، ويقوّض جهود السلام الإقليمية والدولية التي بُذلت على مدى أكثر من عامين، أصبح آخر خيارات واشنطن والأقلّ كلفة عليها، على أن تتولّى دفة تنفيذه الإمارات، بمشاركة دول عربية أخرى منها البحرين، ودول أخرى تولّت أبو ظبي التشاور معها برعاية ودعم أميركيّين. وقالت مصادر سياسية في صنعاء، لـ«الأخبار»، إن الإمارات تواصلت مع دول غربية لإقناعها بالإسهام في دعم الفصائل الموالية لها في اليمن وتمويلها، حتى تتولّى هي مهمّة استهداف حركة «أنصار الله». وأوضحت المصادر أنّ التحركات الأميركية والبريطانية كافة التي قام بها مبعوثو البلدين لدى الحكومة الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي، تشير إلى أن الجانب الأميركي يسعى إلى إشعال الجبهات الداخلية اليمنية، ودعم تلك الحكومة التي طالبت المبعوث الأميركي لدى اليمن، تيم ليندركينغ، بإعادة النظر في تصنيف حركة «أنصار الله» كحركة إرهابية، وفرملة الاتفاقات كافة التي جرت معها، ومنها اتّفاق الحديدة، وإعادة الأوضاع إلى ماقبل التهدئة، كون ذلك أكثر جدوى.
وفي أعقاب مناشدة رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، الولايات المتحدة وبريطانيا، دعم قواته «لاستعادة مؤسسات الدولة» مقابل حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر، عقد نائبه، عيدروس الزبيدي، وهو قائد الفصائل الإماراتية جنوبي اليمن، لقاءات مكثفة على هامش مؤتمر «دافوس» في سويسرا مع قيادات أميركية وبريطانية، إذ اعتبر أنّ «الحلّ يكون بدعم القوى المعارضة للحوثيين لاستعادة صنعاء والحديدة». ووصف، في حديث إلى صحيفة «الغارديان»، خطة السلام في اليمن بـ«المجمدة»، ورأى أنّ اتفاق التهدئة ووقف إطلاق النار صارا في حكم المنتهيين، وهو ما يؤكد أنّ الإمارات تدفع بالفصائل الموالية لها نحو الانقلاب على خطة السلام التي وافقت الأطراف اليمنية على المضي في تنفيذها، وكان من المزمع توقيع الاتفاق بشأنها الشهر الجاري برعاية الأمم المتحدة. 
الزبيدي: «التحالف العربي» لا يريد تكرار سيناريو تدخّله الذي ركّز على الغارات الجوية


وكشف الزبيدي، وهو أيضاً رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي»، عن خطة جديدة تتضمّن تدخلاً برياً في اليمن، مشيراً إلى أن ما وصفه بـ«التحالف العربي» لا يريد تكرار سيناريو تدخّله الذي ركّز على الغارات الجوية، بل سيدعم الفصائل الموالية له على الأرض لتحقيق تقدم. وقلّل من أهمية الغارات الأميركية، ملوّحاً بأن الأطراف اليمنية هي الوحيدة القادرة على مواجهة حركة «أنصار الله»، وإضعاف قدراتها العسكرية. وجاء هذا الحديث عشية تسريبات وسائل إعلام مقربة من حكومة معين عبد الملك، عن مساعٍ إماراتية لإقناع الولايات المتحدة وبريطانيا والغرب بدعم خطة تتضمّن تصعيداً على جبهات أربع محافظات هي: الحديدة والبيضاء وحجّة وصعدة. وسبق للتحالف أن فشل في تحقيق أيّ تقدم في تلك المحافظات الإستراتيجية الواقعة في شمال اليمن ووسطه وغربه في السنوات الماضية.
وكانت عمدت قيادات عليا في «المجلس الرئاسي» إلى إثارة مخاوف الولايات المتحدة من ردّ فعل حركة «أنصار الله» الانتقامية، على خلفية الهجمات التي نفّذتها الأولى بمشاركة بريطانيا، أو تلك التي قادتها منفردة ضد أهداف متعدّدة في مناطق سيطرة صنعاء. وقالت إن تلك العمليات لا تكفي لردع التهديد الذي تتعرّض له حرية الملاحة على طول البحر الأحمر، مشيرة إلى أنّ تحالف «حارس الازدهار» يكرّر الأخطاء نفسها التي وقع فيها التحالف السعودي - الإماراتي، بعد أن مضى وحيداً في مواجهة قوات صنعاء، من دون التنسيق الكامل مع وزارة دفاع حكومة عدن لتبادل المعلومات وتقييم فعالية الضربات الجوية الأميركية على أهداف في مناطق سيطرة «أنصار الله». وبدورها، كشفت مصادر موالية لـ«التحالف» في جنوب اليمن، لـ«الأخبار»، عن قيام الولايات المتحدة بتدريب العشرات من الضباط التابعين للفصائل الإماراتية في قاعدة عسكرية تابعة لها في جيبوتي منذ أسابيع.