رام الله | باتت سياسة هدم المنازل الفلسطينية، وتحديداً منازل الأسرى والمناضلين الفلسطينيين ركيزة أساسية في سلسلة العقوبات الجماعية التي تمارسها إسرائيل لمنع أي عمل وطني مقاوم ضدها، إذ تستهدف دولة الاحتلال، من وراء سياسة «الهدم الأمني» تلك، عقاب عائلات الأسرى والشهداء، وهو ما كثّفت العمل به منذ السابع من أكتوبر. وضمن هذا السياق، اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال، مساء السبت، مدينة الخليل في عملية عسكرية استمرت لأكثر من 8 ساعات، فرضت في خلالها حصاراً على عدد من الطرق ومنعت الفلسطينيين من التنقّل في عدة أحياء، لتحاصر بعد ذلك منزل الشهيد نصرالله القواسمي وتقوم بتفجيره، وإخلاء السكان من المنازل المحيطة به.أيضاً، هدّمت جرافات العدو، فجر أمس الأحد، منزل الشهيد عبد القادر القواسمي، مهشّمةً في طريقها مركبات الفلسطينيين في محيط المنزل، بينما أطلق جنود الاحتلال قنابل الصوت والرصاص في اتجاه الفلسطينيين، ليصاب شاب بالرصاص المطاطي في الوجه. وكان جيش العدو اقتحم، في 30 كانون الأول الماضي، منازل الشهيدين القواسمة، والشهيد حسن قفيشة، وأخذ قياساتها تمهيداً لتفجيرها، علماً أن الشبان الثلاثة استشهدوا برصاص الاحتلال في 16 تشرين الثاني الماضي، بعد تنفيذهم عملية إطلاق نار على حاجز النفق العسكري بين مدينتَي القدس وبيت لحم، أسفرت عن مقتل جندي إسرائيلي وإصابة 7 بجروح متفاوتة.
وسُجّل، منذ السابع من أكتوبر، تفجير 21 منزلاً، وهدم 82 أخرى في مناطق مختلفة من الضفة الغربية. ويقول المدير العام لـ«العمل الشعبي ودعم الصمود» في «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان»، عبدالله أبو رحمة، إن «إسرائيل باتت تتعجّل تنفيذ سياسة "الهدم الأمني"، على عكس ما كان يجري في الفترة السابقة من إعطاء وقت طويل للإجراءات القانونية، أما اليوم ففي أسابيع تنفّذ قوات الاحتلال عملية الهدم». ويشير أبو رحمة، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى «ارتفاع في عمليات الهدم في الشهور الأخيرة»، موضحاً أنه سابقاً كان يجري إخطار العائلات بعمليات الهدم ومن ثم يتم الترافع لسنوات، بينما في ظل تولّي بتسلئيل سموتريتش، منصب وزير الإدارة المدنية في وزارة الدفاع، «بتنا نلمس تسريعاً في عمليات الهدم». ويوضح أن الهدف من وراء هذه السياسة يتمثّل في «محاولة ردع الفلسطينيين عن القيام بأي عمل نضالي من خلال هدم منازلهم وعقاب أكبر عدد ممكن من ذويهم وعائلاتهم»، من جهة، و«إرضاء الشارع الإسرائيلي والمستوطنين»، من جهة أخرى، مستدركاً بأن «هذه السياسة فشلت، فعمليات الهدم سواء الأمنية أو الإدارية (تحت ذريعة عدم الترخيص) لم توقف العمل المقاوم، بل بات يتصاعد ولا يتراجع».
رفضت السلطة الفلسطينية تسلّم أموال المقاصّة


اعتقالات هي الأوسع من نوعها
في غضون ذلك، شنّت قوات الاحتلال، فجر أمس، حملة اقتحامات واسعة لبلدات وقرى ومدن مختلفة في الضفة، تخلّلتها اشتباكات مسلحة عنيفة، كان أبرزها في بلدة ميثلون جنوب جنين، والتي نفّذ الجيش اعتقالات فيها، فيما أطلق مقاومون قنابل محلية الصنع (أكواع) في اتجاهه وفجّروا عبوات ناسفة بآلياته العسكرية، ليرد هو بقنابل الغاز والصوت، من دون وقوع إصابات. كما أطلق مقاومون النار في اتجاه حاجز دوتان العسكري قرب مدينة جنين. كذلك، اقتحم جيش العدو مدينتَي نابلس وقلقيلية واعتقل شباناً، فيما داهم أيضاً بلدتَي عارورة شمال غرب رام الله وقرية مردا شمال سلفيت، حيث أجرى تحقيقات ميدانية، وعاث خراباً في عدد من المنازل. وبحسب المؤسسات التي تُعنى بشؤون الأسرى، فإن حصيلة الاعتقالات في الضفة بلغت 6170 معتقلاً، منذ 7 أكتوبر الماضي.

قرصنة بتفاهمات دولية
على خط موازٍ، أعلنت السلطة الفلسطينية، صباح أمس، رفضها تسلّم أموال المقاصّة، بعد أن صادق «المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون السياسية والأمنية» (الكابينت) على خطة لتحويل هذه الأموال إلى السلطة، عبر النرويج، التي سيتم إيداع المبلغ المقتطع والمخصّص لقطاع غزة لديها. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير»، حسين الشيخ، إن «أي انتقاص من حقوقنا المالية أو أي شروط تضعها إسرائيل تقوم على منع السلطة من الدفع لأهلنا في قطاع غزة مرفوضة من جانبنا»، مطالباً «المجتمع الدولي بوقف هذا التصرف القائم على القرصنة وسرقة أموال الشعب الفلسطيني، وإجبار إسرائيل على تحويل أموالنا كافة». ويقضي القرار الإسرائيلي، بإيداع مبلغ يراوح بين 750 و800 مليون شيكل، في «حساب ائتماني» في النرويج، بإمكان رام الله الحصول على حصة الضفة منه، فيما يُحظر على أوسلو أن تنقل أموالاً إلى غزة منه، حتى لو كانت على شكل قرض. وفي حال تمّ ذلك، فإن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، مخوّل بوقف تحويل هذه الأموال، علماً أن موعد التحويل يحدده سموتريتش نفسه أيضاً.