صنعاء | لوّحت الولايات المتحدة بنسف كلّ المساعي الأممية والإقليمية التي بُذلت من أجل إحلال السلام في اليمن. وكشف مبعوثها الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، في تصريحات صحافية، نية بلاده إجهاض مساعي السلام في حال استمرار التصعيد في البحر الأحمر، مبرّراً هذا التوجه بتهديد حركة «أنصار الله» الاقتصاد العالمي من خلال عملياتها العسكرية ضد الملاحة المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر. وقال إنه يتوجّب على "الحوثيين" إدراك أنه لا يمكن تحقيق سلام في ظل استمرار هجماتهم، مشيراً إلى أن تلك الهجمات تُعرقل جهود إدخال المساعدات إلى قطاع غزة. وقرأ مراقبون في تصريحات ليندركينغ رسائل ضغط تعكس بحث الولايات المتحدة عن مبرّر لتفجير الأوضاع في اليمن، بعد فشل اعتداءاتها العسكرية كافة في وقف العمليات اليمنية ضد السفن المتّجهة نحو موانئ الاحتلال الإسرائيلي والسفن الأميركية والبريطانية. وجاءت التهديدات الأميركية الجديدة، والتي استهجنتها صنعاء، في أعقاب إعادة حركة «أنصار الله» إلى "قائمة الإرهاب" من قبل الخارجية الأميركية، وتوازياً مع رصد حراك ديبلوماسي مكثّف تقوم به السفارة الأميركية في الرياض، في إطار ترتيبات تسعى واشنطن إلى تمريرها باسم حكومة عدن أو بطلب منها.
يأتي ذلك وسط تحريض متصاعد من قبل هذه الأخيرة ومجلسها الرئاسي ضد عمليات قوات صنعاء في البحرين الأحمر والعربي. وبحسب مصادر حكومية في عدن، تحدثت إلى «الأخبار»، فإن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة التابعة لـ"الرئاسي" إعداد خطة لنقل مقارّ المنظمات الدولية من صنعاء إلى عدن، وقطع المساعدات كلياً عن الأولى، فضلاً عن إجراءات أخرى.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت إدراج أربعة قادة عسكريين في قائمة عقوباتها، من بينهم وزير دفاع صنعاء وقائد القوات البحرية وقائد الدفاع الساحلي. لكن مصادر اقتصادية في العاصمة قلّلت، في حديث إلى "الأخبار"، من أهمية تلك العقوبات، مؤكدة أن القادة الأربعة لا يملكون أي أرصدة في بنوك أميركية أو غربية.
الإمارات تدعم تصعيد الوضع في مختلف جبهات اليمن لوقف الهجمات ضد إسرائيل


تأتي كلّ هذه الضغوط في أعقاب فشل واشنطن في فتح قنوات ديبلوماسية جديدة مع صنعاء، وتأكيد مصادر غربية فشلها أيضاً، خلال يومين من المحادثات، في حثّ بكين على استخدام ثقلها الديبلوماسي والاقتصادي لوقف الهجمات في البحر الأحمر.
وفي تعليقه على ذلك، أكد نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ، حسين العزي، في تصريح صحافي، حرص صنعاء على تحقيق السلام في اليمن، مشيراً إلى أن لدى حكومته "قدرات عسكرية كفيلة بإغراق سفن وبوارج العدو الأميركي والبريطاني والإسرائيلي، من أيّ مكان في سواحل اليمن إلى أي نقطة في كل من البحر الأحمر والعربي والأبيض المتوسط". بدوره، أوضح عضو وفد "أنصار الله" المفاوض، عبد الملك العجري، أن الجهود السياسية لحكومة صنعاء تأتي في سياق التحذير من خطورة التهديدات الأميركية والبريطانية بتخريب العملية السياسية، وإعادة تحريك الحرب في اليمن. واتّهم العجري، في منشور على «إكس»، الولايات المتحدة وبريطانيا بالعمل على خلق فوضى تهدّد الملاحة والتجارة العالمية للهروب من استحقاقات وقف الحرب العدوانية على غزة، معتبراً أنه «إذا كانت هناك مغامرات غير محسوبة، فهي ما تقوم به إسرائيل وحلفاؤها الأميركيون والبريطانيون».
في المقابل، وفي أعقاب لقاء جمع السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، برئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، في الرياض، وتشديد الأخير على ضرورة دعم قواته مالياً وعسكرياً لمواجهة ما وصفه بـ"تهديدات الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر"، وطلبه دعماً أميركياً لتصعيد الجبهات في اليمن، رصدت صنعاء تحركات عسكرية لقوات حكومة عدن في محافظات شبوة والبيضاء والضالع وبعض مناطق الساحل، استعداداً على ما يبدو لخوض معركة ضد "أنصار الله"، وهو السيناريو الذي تحدث عنه مستشار رئيس الإمارات، عبد الخالق عبد الله، في سلسلة منشورات له على «إكس»، مؤكداً دعم بلاده لتصعيد الوضع في مختلف جبهات اليمن، لوقف الهجمات البحرية التي تقوم بها صنعاء.
ووفقاً لأكثر من مصدر، استدعت قيادة القوات الموالية للإمارات في الساحل الغربي جميع مجنّديها الذين كانوا في إجازات، وأوقفت منح أي إجازات في الوقت الحالي. وقالت المصادر إنه رُصد وصول قوات جديدة إلى مدينة المخا المطلّة على باب المندب، الأسبوع الماضي، بعد تدريبها في إريتريا على أيدي ضباط أميركيين. وكانت قناتا «الحدث» و«العربية» قد روّجتا لمخطط أميركي يهدف إلى السيطرة على جزيرة كمران الواقعة قبالة مدينة الحديدة.