على عكس التحليلات التي جرى تداولها في كثير من وسائل الإعلام حول انهيار مسار التقارب العربي - السوري، يتتابع هذا المسار بخطوات ثابتة نحو عودة طبيعية للعلاقات، التي شهدت عقداً من الاضطرابات والقطيعة، وهو ما يتجلّى في استعادة التمثيل الديبلوماسي بين دمشق ومعظم العواصم العربية.
المقداد يتسلّم نسخة من أوراق اعتماد الشحي سفيراً للإمارات لدى سوريا (سانا)

وأخيراً، أوفدت الإمارات التي كانت من أولى الدول التي انفتحت على سوريا، وقادت حتى وقت قريب مسار الانفتاح، قبل أن تتسلّم السعودية زمام الأمور، سفيراً لها في العاصمة السورية، قدّم أوراق اعتماده إلى وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، ليكون بذلك حسن أحمد سليمان الشحي أول سفير إماراتي في سوريا منذ عام 2011. يأتي هذا في وقت تنتظر فيه الأوساط الديبلوماسية خطوة مماثلة من الرياض، التي عيّنت فيها دمشق أحد أبرز ديبلوماسييها، النائب السابق لوزير الخارجية أيمن سوسان، سفيراً لها.
ويبدو انتقاء الإمارات لسفيرها الجديد، الشحي، منطقياً إلى درجة كبيرة، فالرجل عمل سفيراً في السودان قبل أن يشغل منصب سفير الإمارات في العراق لأربع سنوات، حتى عام 2019، في وقت يشغل فيه حالياً آخر سفير إماراتي في سوريا منصب السفير في بغداد.
على أن تعيين السفير الشحي، الذي يأتي مفوضاً وفوق العادة، تأخر فعلياً نحو ست سنوات عن إعادة الإمارات افتتاح سفارتها في سوريا عام 2018، ليتولّى مسؤولية تسيير شؤونها القائم بالأعمال بالنيابة، عبد الحكيم النعيمي. وتبعت ذلك خطوات تقاربية عديدة بين البلدين وصلت إلى ذروتها بعد زيارة الرئيس السوري، بشار الأسد، للإمارات في آذار 2022، في أعقاب زيارة أخرى لوزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد في تشرين الثاني 2021.
يُضاف إلى ما تقدّم الدور البارز الذي قامت به الإمارات في تقديم المساعدة للسوريين المنكوبين جراء الزلزال المدمر الذي ضرب أربع محافظات سورية وأجزاء من تركيا في شهر شباط من العام الماضي، وما تبعه من زيارة ثانية أجراها الأسد وعقيلته أسماء الأسد إلى الإمارات. وساهم كل ذلك بمجمله في تمتين العلاقات بين البلدين، وأفضى إلى الانتقال إلى آخر خطوة على طريق العلاقات الطبيعية بين البلدين، والمتمثّلة في تعيين السفير الشحي.