اعترف الاحتلال الإسرائيلي بتورّطه في تشغيل قناة «72 عذراء ــ بلا رقابة» على تليغرام، وأنّها أُديرت من أعضاء قسم داخل مديرية العمليات التابعة لقوّات العدو. ويأتي هذا الكشف في أعقاب تحقيق نشرته صحيفة «هآرتس» الشهر الماضي. وبحسب المصادر التي استشهدت بها الصحيفة العبرية، فإنّ الوحدة المسؤولة عن الحرب النفسية ضد «الأعداء والجماهير الأجنبية» في قوّات الاحتلال أنشأت القناة في 9 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أي بعد يومين فقط من عملية «طوفان الأقصى». إجراء اتُخذ مواربةً وبشكل غير رسمي، بهدف استثارة واستهداف الجمهور الإسرائيلي.

قبل شهر، كانت القناة تضم أكثر من 700 منشور وصورة ومقطع فيديو لقوات الاحتلال وهي تنفذ جرائم قتل وتدمير في قطاع غزة، وشجعت متابعيها البالغ عددهم 5300 على مشاركة المحتوى. منشورات القناة مليئة بدعوات الكراهية والقتل والتهجير والإبادة. وكانت صور وفيديوات الشهداء الغزيّين مصحوبة بتعليقات مشينة، مع التركيز على التصوير المروع للجرائم. إضافة إلى ذلك، نُشرت مواد من التحقيقات الجارية أو معلومات سرية، تباهت القناة بـ «حصريّتها من غزة». كما تمّت مشاركة آلاف مقاطع الفيديو والصور التي تصوّر عمليات القتل والتدمير، مع تشجيع المتابعين على نشر المحتوى على نطاق واسع. وفي 11 تشرين الأوّل، حُمّل مقطع فيديو على القناة لمركبة إسرائيلية وهي تسير بشكل متكرر فوق جثة أحد الشهداء، مصحوباً بتعليق، «جيد جداً، غيرشون! ادهسه ادهسه! اللعنة على الأوغاد».
هي ليست المرّة الأولى التي يحاول فيها قادة الاحتلال رفع عزيمة المستوطنين عبر مشاهد التنكيل بالجثث. ففي عام 2021، كُشف عن قيام قوّات الاحتلال بحملات دعائية خادعة ضد المستوطنين. إذ أطلقت حينها حملة تهدف إلى تعزيز الوعي بهجماتها و«كلفتها» على الفلسطينيين. وبموازاة ذلك، نشرت حسابات مزيّفة على وسائل التواصل الاجتماعي تحتوي على صور للدمار الواسع النطاق في القطاع، داعيةً متابعيها إلى المشاركة «حتى يعرفوا أنّنا ننتقم بشكل كبير».
يستخدم الاحتلال الحرب النفسية في محاولةٍ لتقويض خطاب المقاومة، والتأثير على السكان والترويج لنجاحاته. وأخيراً، اشترى الصهاينة منظومة رقمية متكاملة لمواجهة المقاومة على منصات التواصل (الأخبار 29/1/2024). هذه القوّات البائسة التي تتباكى أمام الصحف الغربية والعالمية على أنّ حماس استطاعت أن «تسيطر على عقل الشباب الغربي» عبر منصات التواصل والدعاية، يتكشّف لنا وللعالم بأسره يومياً احترافها في الحقارة وصناعة الفبركات والترويج للإبادة والتهجير والتطهير العرقي. كيان يملك المال والحظوة السياسية الغربية، يتخذ من مؤسسات العالم «الديموقراطي» منصة للتباكي على ما حصل لليهود في المحرقة، فيبتزّهم عبر الموازنة بين انتقاد الصهيونية ومعاداة السامية، ويقفل على الفلسطينيين كل منافذ الحياة، مانعاً عنهم الماء والدواء والطعام والوقود والاتصالات والإنترنت، ويطلب من كبرى منصات التواصل إغلاق الصفحات المناصرة لهم، فيما يُمعن في الشر إلى حدّ ملاحقة الطلاب الغربيين في بلادهم. هكذا، يتلصّص على حساباتهم الافتراضية ويراقب ما يقوله أساتذتهم ويطرد مديري الجامعات. وفي الوقت نفسه، تدير منظومته العسكرية أحقر أساليب الدعاية للتنكيل بالفلسطينيين والسخرية منهم واضطهادهم. في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنّ اعتراف جيش الاحتلال بإدارة قناة «72 عذراء ــ بلا رقابة»، يأتي في سياق ما تحاول إسرائيل فعله دائماً، أي أن تُظهر للغرب أنّها كيان يخضع للمساءلة والقانون. وهو أمر يمكن لأصغر طفل فلسطيني أن يكذّبه.