غزة | في الوقت الذي أعلن فيه وزير الأمن الإسرائيلي، يؤاف غالانت، خلال مؤتمره الصحافي مساء أمس، أن كتيبة خانيونس على وشك الانهيار، كان الإعلام العسكري لـ»كتائب القسام» يَنشر مقطعاً مصوّراً يَظهر فيه المقاومون وهم يفجّرون ست آليات، تنوّعت ما بين دبابة «ميركافا» وجرافة وناقلة جند من نوع «نمر». وبدا المقاومون وهم يعملون بأعصاب باردة، تحت سماء لا تفارقها الطائرات المُسيّرة. وبينما كان أحد الجنود يحفر في الطريق، ويزرع حقلاً من العبوات الناسفة وقفت عليه الدبابة الإسرائيلية، قبل أن تحترق، اعتلى، في مشهد آخر، أحد المقاومين منزلاً، وأطلق قذيفة «الياسين 105» من علوّ على ناقلة جند «النمر»، فيما أَظهر المقاتلون رشاقةً واضحة في التنقّل بين الأزقة، وإطلاق القذائف من مسافات بينيّة ضيّقة جدّاً. ولعلّ التوثيق المنشور يحمل إشارة أكثر أهميّة، إلى أن المقاومين الذين يعملون تحت مظلّة من الطائرات، يستطيعون توثيق الكثير من عملياتهم، بل وينقلونها إلى وحدات الإعلام، التي تقوم بتحريرها على نسق احترافي، ثم نشرها. وإذا كانت العملية تتمّ بكلّ هذه المرونة، فإن الأحرى أن تكون أوضاع قائد حركة «حماس» في غزة، يحيى السنوار، الذي زعم غالانت في المؤتمر نفسه، أنه يتنقّل من نفق إلى آخر، ولا يستطيع تأمين نفسه، أكثر أريحية وهدوءاً.في هذا الوقت، يواصل جيش الاحتلال ممارسة أعلى مستويات الضغط، حيث لم يستثنِ في خلال نهار أمس، أيّ منطقة من شمال القطاع وحتى أقصى جنوبه، من القصف الجوّي، مدمّراً مربّعات سكنية بأكملها في منطقة العقاد في مدينة خانيونس، كما ارتكب أكثر من 15 مجزرة عائلية راح ضحيتها ما يزيد على 100 مواطن. أمّا في شمال وادي غزة، فقد وسّع العدو عمليّته البرية في وسط المدينة، واستقدم عدداً كبيراً من الدبابات والآليات والحفّارات الضخمة، وزجّ بها في منطقة مجمع الجوازات العسكري الحكومي، ومفترق أنصار، وشارع الوحدة، جنوب غربي مدينة غزة. في المقابل، قابلت المقاومة ضغط العدو بضغوط مماثلة، حيث خاض المقاومون اشتباكات عنيفة في كلّ محاور القتال.
زجّ جيش الاحتلال بلواءين عسكريَّيْن لتنفيذ عملية واسعة في شمال وادي غزة


زخم ميداني
نفّذت الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة، ولا سيما «كتائب القسام» و»سرايا القدس»، خلال ساعات نهار أمس، نحو 17 مهمّة عسكرية، حيث أعلنت «القسام» تفجير دبابة «ميركافا» في حي تل الهوى جنوبي مدينة غزة، فيما أعلنت «السرايا» قصف تحشدات العدو في محيط منطقة دوار السراي وسط مدينة غزة، وفي أحياء الصبرة وتل الهوا، بالعشرات من قذائف الهاون وصواريخ 107 القصيرة المدى. ووفقاً لمصادر ميدانية، فإن فصائل المقاومة تمكّنت من تفجير نحو 12 آلية في خلال أربعة أيام من التوغّل في مناطق جنوب غربي مدينة غزة. وفي المنطقة الوسطى، نفّذت وحدة المدفعية في «السرايا»، عملية استحكام ناري مركّز على تحشدات العدو في منطقة المصدر.
ولا يزال ميدان المواجهة الأكثر زخماً، في مدينة خانيونس، حيث أعلنت «كتائب القسام» تفجير دبابة «ميركافا» في محيط مسجد فلسطين غربي المدينة. ومع ساعات الظهيرة، فجّرت دبابة ثانية في غربها، ونفّذت مهمّة مشتركة رفقة «سرايا القدس»، تمكّن فيها المقاومون من تفجير دبابة بقذيفة «الياسين 105» في حي الأمل غربي خانيونس، فيما تمكّن مقاتلو «الكتائب» من استهداف قوّة راجلة كانت تتحصّن في أحد المباني غربي المدينة بقذيفة «تي بي جي» المضادة للتحصينات. وبدورها، أعلنت «السرايا» استهداف قوات العدو المتوغّلة في غرب المدينة بصواريخ غراد. كما نفّذ مقاتلوها مهمّة نوعية، حيث أطلقوا عدداً من القنابل المقذوفة من نوع «برق» تجاه تجمّع لجنود العدو، وحقّقوا فيهم إصابات مباشرة.

البحث عن عز الدين الحداد
أعلن جيش الاحتلال، يوم أمس، أنه زجّ بلواءين عسكريَّين لتنفيذ عملية واسعة في شمال وادي غزة، وتحديداً في منطقة جنوب غربي المدينة التي كان انسحب منها قبل أقلّ من أسبوع ونصف أسبوع، بهدف - وفق ما ذكرت إذاعة جيش الاحتلال - البحث عن عز الدين الحداد، وهو قائد وازن في «القسام»، يقود في الوقت الحالي لواء غزة، وكان أحد أبرز الفاعلين في الوحدة الصاروخية. غير أن الهدف الحقيقي للعملية، وفق ما ذكره مصدر ميداني، هو إنقاذ قوّة خاصّة تسلّلت مستقلّة سيارتَي إسعاف، مماثلتين لسيارات «جمعية الهلال الأحمر»، ووقعت في كمين للمقاومة، إذ يبدو أنها كانت تحاول اختطاف شخصية عسكرية، وقد تدخّل جيش العدو لإنقاذها. «يبحثون عن الشيخ عز... لقد كان في انتظارهم فعلاً»، يختم المصدر حديثه إلى «الأخبار»، منوّهاً إلى فشل المهمّة.