بغداد | أثار استهداف الولايات المتحدة للقيادي البارز في «كتائب حزب الله العراق»، أبو باقر الساعدي، موجة من الاستياء السياسي والشعبي، فيما توعّدت المقاومة الإسلامية بالردّ بواسطة الصواريخ والطائرات المُسيّرة على المصالح والقواعد الأميركية المنتشرة في المنطقة، لكن اللافت كان ظهور عتب من المقاومة على حكومة محمد شياع السوداني، لضعف موقفها من الاعتداء الأميركي. وكان هذا الاعتداء نُفذ بطائرة مُسيّرة أميركية، مساء أول من أمس، في بغداد، حيث طاول سيارة دفع رباعي، ما أدى إلى استشهاد الساعدي مع شخصين كانا معه. وأتى ذلك بعد تبلور اتفاق عراقي - أميركي على تشكيل لجنة عسكرية وإجراء جولات تفاوض لإنهاء وجود قوات «التحالف الدولي» في العراق.وحمّل الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء يحيى رسول، القوات الأميركية مسؤولية استهداف القيادات وتهديد حياة المدنيين في الأحياء السكنية، معتبراً أنّ هذا المسار سيدفع الحكومة أكثر من أي وقت مضى، إلى إنهاء مهمة هذا التحالف الذي «تحوّل إلى عامل عدم استقرار للعراق، ويهدد بجرّ البلاد إلى دائرة الصراع». لكن ذلك لم يمنع المقاومة من تسجيل عتب على الحكومة لعدم اتخاذها موقفاً واضحاً إزاء القوات الأميركية من البلاد. ومن جهتها، تؤكد مصادر في المقاومة العراقية، لـ«الأخبار»، أنّ «استشهاد أبو باقر الساعدي قد يجعل كتائب حزب الله تتراجع عن قرار تعليقها للعمليات العسكرية»، مضيفة أنّ «المقاومة اتفقت على قرارات مهمة من ضمنها التصعيد العسكري المستمرّ ضد القوات الأميركية»، ومعتبرة أن «استهداف قيادات المقاومة بهذه الطريقة يفيد بأنه قد تكون ثمة جهات داخلية، ومنها أمنية، متورّطة في تسريب المعلومات وإعطاء الإحداثيات لواشنطن».
وفي السياق نفسه، يقول القيادي في حركة «النجباء»، مهدي الكعبي، إن «موقف المقاومة ثابت في شأن استمرار عملياتها العسكرية ضد المحتل الأميركي، وربما استهداف القيادات المهمة سيجعل رد المقاومة قاسياً من خلال زخم العمليات». ويضيف، في تصريح إلى «الأخبار»، أنّ «الاستهداف الأميركي لكل قواتنا الأمنية، جعلنا لا نقبل التفاوض ولا التفاهم مع المحتل الأميركي. ولهذا، لدينا عتب على الحكومة وعلى بيانات الناطق العسكري باسم القائد العام، والتي لا ترتقي إلى مستوى دماء الشهداء. وحتى موقف البرلمان للأسف الشديد مغيّب عن عقد جلسات طارئة أو شيء من هذا القبيل». ويتابع أنّ «اللغة الحالية للمقاومة هي السلاح والقوة. ولا تفاهم مع الولايات المتحدة سوى طريق السلاح، لأنها لا تحترم سيادة البلاد ولا القوانين ولا الاتفاقيات الدولية». ويؤكد أن «دور ومكانة كتائب حزب الله مهمّان في المقاومة العراقية. ولهذا، قرار تعليق العمليات محترم، لكن ندعوهم إلى التراجع عنه، ولا سيما بعد استهداف المقاتلين والقيادات البارزة في مقاتلة الإرهاب الداعشي والمحتل الأميركي».
ويقول المتحدث باسم حركة «حقوق» التابعة لـ«كتائب حزب الله»، علي فضل الله، بدوره، إن «بيان الكتائب بتعليق العمليات كان بمثابة رسالة إلى الحكومة العراقية بأن واشنطن لا تحترم المواثيق والاتفاقات. وبالتالي، التزمت الحركة بتعليمات الحكومة، لكنّ أميركا اخترقت الاتفاق بالسلوك الإجرامي في استهداف القيادي أبو باقر الساعدي». ويؤكد، في حديث إلى «الأخبار»، أن «تنسيقية المقاومة، وتحديداً كتائب حزب الله، ستتعامل وفق منهجية أن لكل فعل ردّة فعل، وبالتالي حالة الإجرام المتصاعدة من قبل الجانب الأميركي ستُقابَل بردّة فعل قوية وضربات موجعة تتناسب وحجم الجريمة التي ارتكبتها بحق قيادات عراقية».
خشية من تورّط جهات داخلية في إعطاء الإحداثيات لواشنطن


ويكشف عضو مجلس النواب العراقي، فالح الخزعلي، من جهته، أنه جمع تواقيع أكثر من 100 نائب لتشريع قانون إخراج القوات الأميركية من العراق، مضيفاً أن المجلس بصدد تشريع قانون إخراج القوات الأميركية، وقريباً سيُعرض على جدول الأعمال. ويلفت إلى أن «القانون سيكون عوناً للحكومة ودفعاً للحرج عنها، بعد انتهاك المحتل الأميركي للسيادة وتعميم الفوضى وعدم الاستقرار الذي ينعكس سلباً على سمعة وأداء الحكومة». ويؤكد الخزعلي، لـ«الأخبار»، أنّ «الحكومة جادّة في إنهاء وجود التحالف الدولي، خاصة بعد التهديد الأميركي لأمن العراق من خلال شنّ هجماته على قواتنا الأمنية وقصف مقرات الحشد الشعبي».
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، طارق الزبيدي، فيرى أن «حادثة مقتل القيادي في الكتائب جعلت من فكرة الحوار وفكرة التعاون بين بغداد وواشنطن من الماضي»، معتبراً أن «الاستهداف له دلالات واضحة على مستوى التوقيت والمكان، خاصة أنه جاء في ظل وجود هدنة لدى بعض الفصائل، وفي ظل وجود حوارات مكثّفة من قبل الحكومة لغرض إيجاد مخرج من التواجد الأميركي. أما في ما يتعلّق بالمكان فله دلالة رمزية؛ باعتبار أن الاستهداف تمّ في قلب بغداد».