بغداد | تجهد الحكومة العراقية في سعيها إلى تنظيم العلاقة الثنائية مع الولايات المتحدة، بخاصة بعد استئناف المحادثات بشأن جدولة خروج «التحالف الدولي» من البلاد. ويأتي ذلك فيما تشكّك بعض فصائل المقاومة في نجاح المفاوضات، موضحةً أن توقّف عملياتها العسكرية ضد القواعد الأميركية، جاء ضمن اتفاق مشروط مع القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني. وفي هذا الإطار، يؤكد مصدر رفيع المستوى في مكتب السوداني، لـ«الأخبار»، أن «المفاوضات الجارية بين العراق والولايات المتحدة استؤنفت بعد أن تعهّدت فصائل المقاومة أمام الحكومة بعدم تنفيذ هجمات ضد الأميركيين. وهذا كان أيضاً من ضمن شروط واشنطن لمواصلة الحوار الثنائي». ويضيف المصدر أن السوداني «تلقّى عدداً من الرسائل الأميركية والإيرانية، فيما أبلغته بعض القوى السياسية برسائل مهمة مفادها التمسك بعدم الانجرار إلى حرب جراء التصعيد والاحتقان الذي حدث بين الأميركيين والمقاومة». ويتابع أنّ «التخوف الحالي هو من تواصل الردّ العسكري الأميركي، وهذا قد يجبر المقاومة على شن هجمات انتقامية». وكان رئيس أركان هيئة «الحشد الشعبي»، أبو فدك المحمداوي، قد أكد، في تصريحات تداولتها منصات تابعة لفصائل المقاومة، أن «ثأر الشهيد أبو باقر الساعدي، هو خروج كل القوات الأجنبية من العراق، ولا قبول بأقل من ذلك»، مستدركاً بأن «المقاومة تحترم الحكومة والبرلمان، ولن نتجاوز المرجعية الدينية، ولن نزايد على موقفها، ونحن نعتز بفصائل المقاومة كافة». وفي المقابل، تحدّث مسؤولون في «البنتاغون» عن عدم علمهم بنيّة الولايات المتحدة سحب قواتها المتواجدة في العراق ضمن اتفاقات مع بغداد، مبيّنين أن المحادثات الجارية حالياً هدفها تنظيم العلاقات الثنائية بين الجانبين، ولا سيما في الملف الأمني.
أبو فدك: نحترم الحكومة والبرلمان ولن نتجاوز المرجعية الدينية أو نزايد على موقفها


ومن جهته، يؤكد النائب عن «الإطار التنسيقي»، رفيق الصالحي، أن «البرلمان عازم على تشريع قانون لإخراج القوات الأميركية، فضلاً عن المفاوضات التي تجريها الحكومة والتي نتابعها من كثب، نظراً إلى أهميتها في حفظ سيادة البلاد». ويستدرك الصالحي، في تصريح إلى «الأخبار»، بأن «الجانب الأميركي لن يلتزم بكل تعهداته ولا بالاتفاقيات الدولية، والدليل استهداف قيادات أمنية بارزة، وهذا قد يجعلنا نشكّك في مفهوم الحوار مع واشنطن، نتيجة غياب الجدّية من قبل الولايات المتحدة في مسألة خروجها». ويرى أن «غياب النواب السنة والأكراد عن الجلسات التداولية المهمة التي يعقدها البرلمان لمناقشة قضية وطنية مثل السيادة، ربما يعكس التراخي والمهادنة مع المحتل (...)».
أما أستاذ العلوم السياسية، أحمد العلي، فيعتقد أن «التهدئة جاءت باتفاق ثلاثي بين بغداد وطهران وواشنطن، لإنجاح المفاوضات، ولكن المقاومة العراقية تنتظر النتائج النهائية، وقيمة هذه المباحثات التي يجريها العراق مع الجانب الأميركي». ويشير العلي إلى أن «المقاومة بدأت تدرك حجم خطورة التصعيد على العراق، وانزلاق الأوضاع في اتجاه حرب مفتوحة، وبالتالي بات خيار التهدئة مهماً للجميع، ولا سيما إيران»، مضيفاً أنّ «هناك أطرافاً تريد البقاء الأميركي في العراق والمنطقة، أو ربما تجده حماية لنفوذها. والحكومة العراقية محرجة جداً من تهديدات المقاومة وانتهاك أميركا للسيادة. ولذا، فهي تحاول قدر الإمكان إمساك العصا من الوسط تلافياً للصراع الداخلي».