غزة | في الوقت الذي تزدحم فيه وسائل الإعلام بعشرات التصريحات التي تحذّر من مغبّة توجه العدو إلى شنّ حملة برية في مدينة رفح التي تعجّ بأكثر من مليون ونصف مليون نازح، تتصاعد الغارات التي تشنّها الطائرات الحربية على المدينة. ففي الساعات الـ24 الماضية، دمّرت هذه المقاتلات عدداً من المنازل المأهولة، وارتكبت مجزرتَين كبيرتَين، واحدة منهما بحقّ عائلة زعرب في حي النصر، حيث تسبّبت باستشهاد 9 مواطنين، وأخرى في مخيم الشابورة قضى فيها 4 شهداء، فيما ارتقى نحو 5 شهداء آخرين في قصف طاول مناطق متفرّقة في رفح.ومن بين التصريحات المحذّرة المشار إليها، تلك التي أوردتها وكالة «رويترز»، نقلاً عن المفوّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إذ قفز الأخير على فرضية شنّ الاحتلال عملية برية في المدينة، ليتناول الآثار التي ستترتّب عليها، قائلاً: «تدفُّق النازحين الفلسطينيين إلى سيناء سيكون بمثابة كارثة»، فيما اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتريش، أن «أيّ هجوم على رفح سيكون مدمّراً لمليون ونصف مليون نازح». أمّا الخارجية القطرية، فأكّدت، من جهتها أيضاً، حتمية العملية البرية المرتقبة، إذ دعت، في تصريحها، المجتمع الدولي، إلى «اتّخاذ خطوات عاجلة لوقف خطط إسرائيل الرامية إلى غزو مدينة رفح». كذلك، حذّر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من شنّ هجوم إسرائيلي في رفح، على اعتبار أنه «سيؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، وسيمثّل نقطة تحوّل في الصراع».
تزداد الظروف الإنسانية صعوبة في مدينة رفح، حيث يعيش الأهالي شحّاً شديداً في المواد التموينية


أمّا في شوارع رفح، فلم تُثر كلّ تلك التصريحات اهتمام مئات الآلاف الذين تضجّ بهم المنازل ومراكز الإيواء وأرصفة الطرق وفلوات الرمال الباردة، بل اتّجهت العيون فقط إلى الحدود المصرية مع المدينة، حيث تشيّد السلطات مزيداً من الأسوار المرتفعة. ويقول أبو محمد حماد، وهو نازح يقيم في خيمة محاذية للشريط الحدودي: «كل خطوة بتصير في الشق المصري من الحدود، تثير خوفنا. اليوم بيبنوا أسوار، أكثر من مليون بني آدم بيحاولوا يبحثوا عن تفسير، هل هذه الجدران حتى يمنعوا الناس من دخول سيناء، ولا هذه مساحة محاطة حتى يجمعوا الناس فيها، ما حدا فاهم إشي». أمّا أبو علي عاشور، وهو نازح عن حي الزيتون إلى مدينة رفح، فقد قطع عشرات الكيلومترات مشياً على الأقدام، لتفحّص الأوضاع الأمنية في منطقة المواصي غربي خانيونس، يقول لـ»الأخبار»: «رح يجتاحوا رفح، وأنا بحاول أبحث عن خيمة في منطقة آمنة، من خمس ساعات وأنا بأبحث عن متر أرض فاضي في المواصي مش لاقي، الأزمة إنو العالم فوق بعض، مش فاهم وين بدو يرحل أكثر من مليون إنسان».
وسط ذلك كله، تزداد الظروف الإنسانية صعوبة في المدينة، حيث يعيش الأهالي شحّاً شديداً في المواد التموينية، خصوصاً أن سلطات الاحتلال منعت، خلال الأسبوعين الماضيين، إدخال أيّ كمية مساعدات يمكن أن تشكّل فارقاً. ويقول أبو محمد المصري، وهو نازح عن مدينة خانيونس: «كل شيء شحيح، وارتفعت الأسعار إلى عشرة أضعاف سعرها الطبيعي، لكنّ الأكل حالياً مش الأزمة الكبرى، حتى اللحظة هناك ما يكفي لأسابيع، الأزمة في عدم توفّر أيّ نوع من العلاج والدواء، الحصول على حبة أكمول يستلزم معركة بحث قد تستمر لأيام».