يستمرّ «مسلسل» التلميح والتسريب والرسائل المبطّنة المتبادلة بين إسرائيل والولايات المتحدة، فيما يظل نجميْه رئيسُ الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي جو بايدن. وفي وقت متأخر من ليل أول من أمس، أجرى بايدن اتصالاً آخر بنتنياهو - الذي كان يعقد اجتماعاً لحكومته - استمرّ نحو 40 دقيقة بحسب وسائل الإعلام لمناقشة عدّة قضايا تتعلّق بالحرب على قطاع غزة، ومنها المفاوضات حول صفقة تبادل وتهدئة جديدة. وأمس، قال بايدن إنه أجرى اتصالاً مع نتنياهو، مضيفاً: «أوضحت لرئيس الوزراء الإسرائيلي أنه يجب أن يكون هناك وقف مؤقّت لإطلاق النار لإخراج الرهائن». وتابع أنه «يحدوني الأمل ألّا يقوم الإسرائيليون بأي غزو برّي واسع النطاق في هذه الأثناء»، آملاً أن «تتمّ صفقة تبادل، ونتمكّن من إعادة الأميركيين، والتفاوض جارٍ حالياً بشأن اتفاق». وتوجّه إلى نتنياهو قائلاً: «هناك رهائن أميركيون لدى حماس، وليس إسرائيليون فحسب».بدورها، نقلت مجلة «بوليتيكو» عن مسؤول أميركي مطّلع قوله إن «إدارة بايدن ترى أن العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح كارثة من الأفضل تجنّبها»، وإن «الخلافات بين بايدن ونتنياهو قد تصل قريباً إلى درجة الغليان، في ظلّ خطط إسرائيل لشنّ هجوم بري على رفح». وأشار المسؤول إلى أن «نتنياهو لم يعطِ بايدن أي إشارة في آخر اتصال، بل إنه يعيد النظر في العملية المحتملة في رفح». ومن جهتهم، قال 5 أعضاء من «الحزب الديمقراطي» في «مجلس الشيوخ» الأميركي، لصحيفة «واشنطن بوست»، إن «استراتيجية الحرب (الإسرائيلية) غير مقبولة، وخلّفت تأثيراً هائلاً على الفلسطينيين». وأضاف هؤلاء أن «نتنياهو تجاهل لأشهر طلبات بايدن العاجلة لتكون العمليات أكثر دقّة»، متابعين أن «معالجة الوضع في غزّة مسؤولية واشنطن، لأنها أكبر داعم لإسرائيل عسكرياً».
لكن في المقابل، «سيقدّم الجيش الإسرائيلي للمستوى السياسي، الأسبوع المقبل، خطّة مفصّلة للدخول إلى رفح، تنصّ على ما يبدو على نقل الفلسطينيين إلى أجزاء أخرى من جنوب ووسط غزة وليس إلى شمالها»، بحسب «القناة 12» العبرية، التي أضافت أن «غالانت وغانتس يعتقدان بوجوب الدخول إلى رفح إذا لم يتمّ التوصّل إلى اتفاق تبادل بحلول شهر رمضان». وبحسب «القناة 13» الإسرائيلية، فإنه «في ظلّ التوتر مع واشنطن، بدأت إسرائيل بإعداد وثيقة تتضمّن الخطوط الحمر في المفاوضات»، لكنّ «الوثيقة ليست مقترحاً جديداً للصفقة، بل هي مبادئ توجيهيّة». أما داخل الحكومة الإسرائيلية، فقد «ساد توتّر كبير اجتماع مجلس وزراء الحرب (أول من) أمس، وغانتس وآيزنكوت هدّدا نتنياهو بحلّ حكومة الحرب، إذا ما استمرّ باتّخاذ قرارات منفردة بشأن الرهائن».
سيقدّم الجيش الإسرائيلي للمستوى السياسي، الأسبوع المقبل، خطّة مفصّلة للدخول إلى رفح


كذلك، أشار يارون أبراهام، مراسل «القناة 12» العبرية، في تقرير للقناة نفسها، أمس، إلى «خلافات في الرأي على أعلى مستوى قبل شهر رمضان». وبحسب التقرير، «يوم الأحد المقبل، سيعقد رئيس الوزراء مناقشة محدودة يتم من خلالها تحديد السياسة الإسرائيلية تجاه شهر رمضان، وتحديداً في ما يتعلّق بدخول المصلين من الضفة الغربية والقدس الشرقية للصلاة في المسجد الأقصى». وتابع أن «معركة حقيقية تدور خلف الكواليس في ما يتعلّق بهذا النقاش، حيث يسعى وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، إلى عدم السماح لمسلمي الضفة الغربية بدخول الحرم القدسي على الإطلاق». وكشف أنه «بالأمس طُرحت هذه القضية في مجلس الوزراء وقال بن غفير : «من غير الممكن اغتصاب النساء في غلاف غزة، وسنتصرّف كما لو أن كل شيء طبيعي وسنسمح لهنّ بالتلويح بأعلام حماس واللافتات المؤيّدة للسنوار في المسجد الأقصى»». وفي المقابل، تحذّر المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية، وعلى رأسها «الشاباك» والجيش، من أن «مثل هذه السياسة، إذا تمّ قبولها، يمكن أن تحرّض قطاعات بأكملها تخضع حالياً لنوع من السيطرة، وتحوّل المسجد الأقصى إلى نقطة محورية تتجمّع فيها الساحات»، أو «كما عرّفها مسؤول أمني كبير في أذني: البرميل المتفجّر الحقيقي». وبحسب المراسل الإسرائيلي، فإن «الشاباك والجيش يوصيان بتحديد عمر 45 عاماً فما فوق، بينما توصي الشرطة بالسماح لأي مسلم يزيد عمره على 60 عاماً بالدخول والصلاة في الحرم القدسي»، لكن «بن غفير يتحدّث عن حظر كامل». أما بالنسبة إلى فلسطينيي الداخل المحتلّ، فإن «الشاباك لا يريد التقييد على الإطلاق، فهم يزعمون أن ضرره أكثر من نفعه، والشرطة تتحدّث عن إمكانية الدخول بدءاً من سنّ 45 عاماً فما فوق، ويتحدّث بن غفير عن سن 70 عاماً وأكثر».