بعد نحو شهر من مثول إسرائيل أمام «محكمة العدل الدولية» التابعة لـ«الأمم المتحدة»، بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، بدأت، أمس، جلسات الاستماع التي تعقدها المحكمة نفسها بشأن «الآثار القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية»، منذ عام 1967، فيما من المتوقع أن تدلي 52 دولة بإفاداتها في هذا الصدد، علماً أنّ ذلك يعدّ أكبر عدد من الدول التي تشارك في قضية واحدة أمام «العدل الدولية»، منذ تأسيس الأخيرة عام 1945. وتُعقد جلسات الاستماع الشفوية المُشار إليها، والتي ستستمر أسبوعاً، بناءً على طلب تقدمت به، في 31 كانون الأول 2022، «الجمعية العامة للأمم المتحدة»، بإصدار «رأي استشاري غير ملزم»، بشأن «الآثار القانونية الناتجة من سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية».وأقرّ القرار بتأييد 87 دولة ومعارضة 26، من بينها كندا، وامتناع 53، من بينها سويسرا، عن التصويت، بعدما أيّدته الدول العربية بالإجماع، وسط انقسام في صفوف الدول الغربية. وإلى جانب الدول المشار إليها، ستشرح ثلاث منظمات دولية، وهي: «جامعة الدول العربية»، «الاتحاد الإفريقي» «ومنظمة التعاون الإسلامي»، أمام المحكمة، سبب دعمها لـ«الإجراءات الإسرائيلية أو معارضتها لها». في المقابل، رفضت إسرائيل الحضور، واختارت إرسال «حجة مكتوبة» بدلاً من ذلك.
وفي وقت لاحق، نشرت «العدل الدولية»، أمس، بياناً يعود إلى حزيران 2023 تحذر فيه إسرائيل من أن «أي رأي استشاري تصدره المحكمة بشأن الأراضي الفلسطينية سيكون مضراً لأي حل يتم التفاوض عليه حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني»، على حدّ تعبيرها. وفي مستهل جلسة الإثنين، اتهم وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، إسرائيل بممارسة «الفضل العنصري والإبادة الجماعية» بحق الفلسطينيين، مطالباً بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية على الفور.

«نهاية العام»
ويستمع قضاة المحكمة، وعددهم 15 برئاسة القاضي اللبناني نواف سلام، إلى الإفادات، في وقت يرى فيه مراقبون أنّ مسار إصدار القرار سيكون «متعِباً» «وطويلاً»، وقد يستغرق حتى نهاية العام الجاري. وفيما تُعدّ أحكام المحكمة الدولية ملزمة في العادة - بالرغم من أنّ الأخيرة لا تمتلك، في معظم الأحيان، «الأدوات» الكافية لتنفيذها -، إلا أنّه في هذه القضية تحديداً، لن يكون القرار الذي تصدره «ملزماً». وعليه، تقول المحكمة إنّ «الجهاز أو الوكالة أو المنظمة (التي لجأت إليها)، ستكون حرّة في تنفيذ الرأي الذي يصدر بأي وسيلة متاحة لديها، أو عدم القيام بذلك حتى». بمعنى آخر، من غير المتوقع أن يجبر هذا القرار إسرائيل على وقف الانتهاكات التي ترتكبها، إلا أنّه سيزيد من الضغوط الدولية التي تتعرض لها بالفعل حكومة بنيامين نتنياهو، ومن خلفها الولايات المتّحدة، لإنهاء المجازر المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين.