القاهرة | يلوح في الأفق خلاف بين مصر والولايات المتحدة في إطار المباحثات الجارية حول التهدئة في قطاع غزة، وذلك بفعل غياب أيّ صغط أميركي حقيقي على الجانب الإسرائيلي لوقف الحرب. وترى القاهرة، وفقاً لما أفادت به مصادر مطّلعة على المباحثات، «الأخبار»، أن الموفدين الأميركيين إلى المناقشات الجارية، باتوا من مستوى أقلّ من أن يمارسوا ضغوطاً على ممثّلي الاحتلال الساعين إلى إهدار مزيد من الوقت في التفاوض. وبحسب المعلومات أيضاً، فقد شهدت الأيام الماضية اتصالات ثنائية مكثفة بين مسؤولين مصريين وأميركيين حملت انتقادات غير مباشرة من القاهرة لواشنطن، في شأن الموافقة الضمنية للأخيرة على المماطلة الإسرائيلية، وعدم إحداث أيّ اختراق في ملفّ المفاوضات، وسط استمرار السجال حول النقاط العالقة نفسها، فضلاً عن العودة، في بعض الأحيان، إلى نقاط جرى تجاوزها.وفيما يزعج مصر غياب حديث أميركي صريح ومباشر حول الوضع الإنساني في غزة، وكيفية التعامل معه، بما يضمن الحدّ الأدنى من مقوّمات الحياة لأهالي القطاع، فهي طالبت، وفق مسؤولين مصريين، شاركوا في اللقاءات، الولايات المتحدة، بضمان إدخال المساعدات والمواد الإغاثية إلى غزة، خلال الأسابيع المقبلة، في حال قرّر العدوّ المضيّ قُدماً في مخطّط اقتحام مدينة رفح، والذي «تعمل القاهرة على تعطيله». ويأتي ذلك بعدما طرح مسؤولون إسرائيليون، في الأيام الماضية، آليات لإيصال المساعدات إلى الفلسطينيين بعيداً من معبر رفح، فضلاً عن تقليص المساعدات التي تدخل عبره، بالتزامن مع العملية العسكرية المحتملة، فيما اعتبرت القاهرة أن إغلاق المعبر بالتزامن مع العمليات العسكرية الإسرائيلية «لن يكون خياراً ممكناً»، من دون وجود بدائل «تضمن إدخال المساعدات نفسها».
طرح مسؤولون إسرائيليون آليات لإيصال المساعدات للفلسطينيين بعيداً من معبر رفح


في هذه الأثناء، تكثّفت النقاشات حول استقبال المساعدات (الإماراتية خصوصاً، بالإضافة إلى بعض الدول الأوروبية) عبر المعابر الإسرائيلية، لكن القاهرة تشترط، لقبول هذا المقترح، أن تكون هناك رقابة أممية تضمن إدخال الكميات المتَّفق عليها، وذلك تجنّباً لتعميق الحصار الذي تفرضه تل أبيب على سكان القطاع. وفي هذا السياق، بدأت القاهرة، بالتنسيق مع «الأونروا»، تعمل على توفير دعم مالي يضمن استمرار عمل المنظّمة الإغاثية خلال الشهر المقبل، إلى جانب التحرّك لإدخال مزيد من المساعدات مع اقتراب شهر رمضان، فيما لم تتلقَّ بعد ردّاً على طلب إنشاء مخيم إغاثي جديد في مدينة خانيونس جنوب القطاع، تحت إدارة مصرية، من أجل إيواء مئات العائلات الفلسطينية. ويأتي ذلك فيما يستمرّ التنسيق المصري - القطري مع الفصائل الفلسطينية من أجل التوصل إلى رؤية تدعم الإسراع في إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار.
وعلى خط مواز، أكّد مسؤولون مصريون لنظرائهم الإسرائيليين، أنه «لن تكون هناك فرصة لإنقاذ الأسرى الإسرائيليين في القطاع من خلال التحرّك العسكري»، نظراً إلى أن «الفصائل الفلسطينية نجحت في نقلهم إلى مواقع لم تتمكّن إسرائيل من الوصول إليها حتى خلال الاقتحامات السابقة»، مطالبين إيّاهم بـ«دراسة أيّ خطوة بشكل جيد قبل التحرّك العسكري، والاستعداد لتحمّل تبعاتها»، ومحذّرين من «زيادة نسبة الخطورة على حياة الأسرى».
يأتي هذا كله في وقت قدّمت فيه مصر مرافعتها في قضية ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية أمام «محكمة العدل الدولية»، أمس، إذ أكدت استمرار تل أبيب في السياسات التشريدية والتهجيرية بحقّ الشعب الفلسطيني، وعملها المستمرّ من أجل خلق ظروف حياتية مستحيلة في قطاع غزة. وتضمّنت المرافعة المصرية الدفوع القانونية لتأكيد اختصاص المحكمة بمنح الرأي الاستشاري في تلك المسألة، ومن الناحية الموضوعية تأكيد عدم شرعية ممارسات الاحتلال الممنهجة ضدّ حقوق الفلسطينيين المشروعة وغير القابلة للتصرف.