رام الله | لم تكد ساعات قليلة تمرّ على العملية العسكرية التي شنّتها قوات الاحتلال، صباح أمس، في بلدة السيلة الحارثية التي تقع إلى الشمال الغربي من مدينة جنين، حيث اغتالت المقاوم محمد عادل شلبي، حتى وقعت عملية فدائية في مستوطنة «حومش» قرب بلدة سيلة الظهر، جنوبي المدينة، أسفرت عن إصابة 4 جنود إسرائيليين، 2 منهم جروحهم خطيرة، بحسب ما أقرّ به العدو. وقالت «القناة 12» العبرية إن الهجوم عبارة عن «عملية مزدوجة»، «شملت إطلاق نار على موقع عسكري إسرائيلي»، لاستدراج جنود الاحتلال، ثم «تفجير عبوة ناسفة» لحظة تجمّع هؤلاء. وإذ استطاع المنفذون الانسحاب من المكان، فقد شكّل هذا الكمين المحكم صفعةً «قاسيةً» للعدو، بحسب وصف مصدر أمني إسرائيلي، في حديث إلى القناة، علماً أنّ العملية وقعت على منتصف الطريق العام المؤدي من جنين إلى نابلس، حيث تتربع بلدة سيلة الظهر في مثلث الرعب (جنين، نابلس، طولكرم)، نظراً إلى حالة المقاومة الممتدة فيه. وتبعت العملية الفدائية، ثماني عمليات إطلاق نار، في مدن «المثلث»، بالإضافة إلى مدينة قلقيلية، إذ استهدف مقاومون نقطة البيرين في جنوب هذه الأخيرة، بالإضافة إلى استهداف حاجز سالم غرب مدينة جنين، واستهداف موقع قرب مستوطنة «أفني حيفتس» جنوب شرق طولكرم. أما نابلس، فشهدت وحدها 5 عمليات إطلاق نار، استهدفت حاجز صَرّة (جنوب غرب)، وحاجز حوارة العسكري (جنوب)، وحاجز بيت فوريك (شرق)، والنقطة العسكرية المقامة على جبل جرزيم في المدينة، فضلاً عن الشارع الاستيطاني قرب قرية زواتا، شمال غرب المدينة.وأعلنت «كتيبة جنين»، التي كانت قد نعت الشلبي (40 عاماً)، بقولها إنه «أحد قادتها الميدانيين وقائد مجموعات السيلة الحارثية ومؤسسها»، واصفة عملية اغتياله بـ«الجبانة»، في وقت لاحق، عبر مكبرات الصوت في مساجد مدينة جنين ومخيّمها، مسؤوليتها عن «كمين حومش». وفي تفاصيل اغتيال الشلبي، الذي يُعدّ أحد أبرز المقاومين الملاحقين في بلدة السيلة الحارثية، فإن قوات خاصة من جيش الاحتلال اقتحمت البلدة صباح الجمعة، حيث حاصرت منزله، ودفعت بعدد كبير من الآليات العسكرية، لتندلع اشتباكات مسلحة عنيفة تمكّن خلالها المقاومون من تفجير عبوات ناسفة محلية الصنع بآليات العدو. وأثناء الاقتحام، اعتقلت قوات الاحتلال ثلاثة شبّان، أحدهم شلبي بعد إصابته، قبل أن يُصار إلى الإفراج عن اثنين منهم عند مدخل البلدة لدى انسحاب جيش العدو الذي أعلن استشهاد شلبي لاحقاً.
تبدو التقديرات الأمنية الإسرائيلية بانفجار الأوضاع في شهر رمضان، أكثر معقوليةً نظراً إلى ديمومة المقاومة والاشتباك


وجاءت هذه العملية بعد ليلة اقتحامات وتفتيش في عدد من مدن الضفة الغربية وبلداتها، تخلّلتها عدة مواجهات مسلحة، وحوادث مقاومة من بينها إطلاق النار على النقطة العسكرية الإسرائيلية المقامة على جبل جرزيم في نابلس. وعلى إثر ذلك، انتشرت قوات الاحتلال بشكل مكثّف في المنطقة، واقتحمت عدداً من البلدات جنوبي محافظة نابلس، كما داهمت عدة منازل وفتّشتها. أيضاً، اقتحم جيش العدو بلدة عزون شرق مدينة قلقيلية، وداهم عدداً من المنازل في البلدة وعبث بمحتوياتها، واعتدى بالضرب المبرح على الشاب محمد زكي بدران في منزله، لينقل الأخير إلى «مستشفى درويش نزال». كما اندلعت مواجهات عنيفة في عزون، حيث استهدف المقاومون قوات الاحتلال المقتحمة بعبوات متفجرة محلية الصنع، توازياً مع إطلاق النار تجاهها في منطقة المرج في مدينة قلقيلية، وفي مناطق متفرقة جنوبي المدينة. وبالتزامن، اقتحمت قوات الاحتلال مدن رام الله وأريحا وبيت لحم والخليل، وداهمت عدداً من قراها وبلداتها التي شهدت مواجهات.
أما مدينة القدس، التي تتجه الأنظار إليها في الجمعة الأخيرة قبل حلول شهر رمضان، فقد حوّلتها قوات الاحتلال إلى ثكنة عسكرية، بفرض قيود وإجراءات مشدّدة عند بوابات المسجد الأقصى، وفي البلدة القديمة، ونصب حواجز عسكرية، وسط انتشار مكثف لعناصر الجيش والشرطة والمخابرات في شوارعها وأزقّتها. وبيّنت مقاطع مصورة اعتداء قوات الاحتلال على الوافدين إلى المسجد بالضرب والتنكيل، عند باب الأسباط، ومنعهم من الدخول لأداء الصلاة، واعتقال اثنين منهم واقتيادهما إلى مركز القشلة في البلدة القديمة، فيما أدّت مجموعة من الشبان صلاة الجمعة، في حي رأس العمود المجاور للبلدة القديمة، بعد منعها من الوصول إلى الأقصى.
وإزاء ذلك، تبدو التقديرات الأمنية الإسرائيلية بانفجار الأوضاع في شهر رمضان في الضفة، أكثر معقولية، نظراً إلى ديمومة حالة المقاومة والاشتباك، واستمرار العمليات الفدائية غير المتوقعة التي تضرب إسرائيل في كل مرة في مقتل. وإلى جانب «كمين حومش»، سجّل الأسبوع الأول من آذار نحو 100 عمل مقاوم في الضفة والقدس، أسفرت عن إصابة 3 مستوطنين، واستشهاد 7 فلسطينيّين. أما شهر شباط المنصرم، فقد شهد مقتل 5 وإصابة 17 جندياً ومستوطناً إسرائيلياً بجروح مختلفة في عمليات متفرقة للمقاومة في الضفة، بلغ مجموعها 402، من بينها 30 في جنين، و17 في نابلس، فيما أسفرت المواجهات المسلحة عن استشهاد 36 فلسطينياً برصاص الاحتلال ومستوطنيه.
وكان من أبرز عمليات المقاومة في الشهر الماضي، عملية الشهيد فادي جمجوم من مخيم شعفاط، والتي نفّذها في 16 شباط في محطة للحافلات، شمال مدينة «كريات ملاخي» في «غلاف غزة»، وأسفرت عن مقتل إسرائيليَّين اثنين وإصابة 4 بجروح بين متوسطة وخطيرة. وتُضاف إليها عملية إطلاق النار التي نفّذها 3 مقاومين في 22 شباط، قرب حاجز الزعيم في القدس المحتلة، والتي أسفرت، بدورها، عن مقتل جندي وجرح 7 مستوطنين آخرين واستشهاد اثنين من المنفذين؛ هم محمد زواهرة وأحمد الوحش، واعتقال المنفذ الثالث، كاظم زواهرة، بعد إصابته برصاص الاحتلال. وفي 29 شباط، نفذ الأسير المحرر وأحد ضباط الشرطة الفلسطينية، محمد يوسف ذياب مناصرة، من مخيم قلنديا شمالي القدس المحتلة، عملية إطلاق نار في محطة وقود قرب مستوطنة «عيلي»، جنوبي نابلس، أسفرت عن مقتل إسرائيليَّين اثنين، واستشهاده.