لا يزال الوضع العسكري في البحر الأحمر مشتعلاً في ظل العمليات البحرية التي تقوم بها القوات المسلحة اليمنية التابعة لحركة «أنصار الله». تستهدف هذه العمليات البواخر التي لها علاقة بإسرائيل، ما انعكس سلباً على استيراد البضائع الإسرائيلية القادمة من الشرق، إنما انعكس هذا الأمر أيضاً على سلاسل التوريد العالمية، إثر قرار شركات الشحن العالمية تعليق ملاحتها في البحر الأحمر.بسبب العمليات اليمنية، لا يزال ميناء إيلات شبه معطّل. ففي نهاية كانون الأول الماضي تراجع نشاطه بنسبة 85%، بحسب الإعلام العبري. لكن لا ينحصر الضرر اللاحق بالكيان الصهيوني بهذا الميناء، بل بحركة الملاحة البحرية لديه، إذ نشرت صحيفة «ذا ماركر» تقريراً في نهاية شباط تشير فيه إلى أن «حركة الحاويات في موانئ إسرائيل خلال كانون الثاني الماضي، سجَّلت انخفاضاً كبيراً عما كانت عليه في الشهر نفسه من عام 2023، إذ بلغت هذا العام 203 آلاف حاوية، فيما كانت العام السابق 269 ألف حاوية، أي بانخفاض نسبته 25%». عملياً، انقطاع طريق باب المندب عن السفن القادمة من الشرق إلى فلسطين المحتلّة، دفع هذه السفن إلى تحويل مسارها للالتفاف حول أفريقيا، ما أدّى إلى تأخّر في وصول الشحنات بسبب المسار الطويل الذي ترتّب عليها، بالإضافة إلى تحويل الشحنات من ميناء إيلات إلى الموانئ الأخرى التي تعرّضت لضغط متزايد.
الاضطرابات يمكن أن تضيف 0.7% إلى تضخّم أسعار السلع الأساسية العالمية خلال النصف الأول من 2024


اضطرت حكومة العدو للبحث عن طرق أخرى لاستيراد البضائع. لذا، قامت بالتنسيق مع الإمارات العربية المتحدة بإنشاء طريق بري للبضائع القادمة من الشرق مروراً بمرفأ جبل علي في دبي عبر السعودية والأردن نحو الأراضي المحتلة. يزعم المعنيون بهذا المسار البري، أنه يسهم في خفض أكلاف نقل البضائع بأكثر من 80% مقارنة بأكلاف الشحن البحري الحالية التي تضخّمت كثيراً بعد إعادة توجيه السفن التجارية لتسلك الطريق الأطول حول أفريقيا تجنباً لهجمات الحوثيين، لكن هذه الكلفة لا تزال أعلى مقارنة بأسعار النقل البحري في الأيام العادية.
أما بالنسبة إلى انعكاس الأحداث في البحر الأحمر على سلاسل التوريد العالمية، فقد تبيّن أن العديد من شركات الشحن العالمية علّقت الإبحار في البحر الأحمر بشكل عام، وليس فقط إبحار البواخر التي لها علاقة بإسرائيل. هذا الأمر انعكس أيضاً على حركة التجارة بين أوروبا والشرق، خصوصاً مع الصين. وبحسب تقرير أصدره مصرف «JP Morgan» الأميركي، في شباط الماضي فإن «إعادة توجيه السفن حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا يعادل زيادة بنسبة 30% تقريباً في المدة الزمنية للعبور، وبالتالي انخفاضاً بنسبة 9% في فعالية القدرة العالمية لشحن الحاويات». هذا أيضاً أثّر على حركة الملاحة إلى أميركا، إذ ارتفعت كلفة الشحن من الصين إلى الساحل الشرقي الأميركي في شهر كانون الثاني بنسبة 120% مقارنة بشهر كانون الأوّل، كما ارتفعت كلفة الشحن إلى الساحل الغربي بنسبة 140% في الفترة نفسها.
ويذكر المصرف الأميركي أن الاضطرابات يمكن أن تضيف 0.7% إلى تضخّم أسعار السلع الأساسية العالمية خلال النصف الأول من عام 2024 إذا استمرت القفزة الأخيرة في أكلاف شحن الحاويات.