أعلن المبعوث الأممي كوفي أنان أنه سيطلع مجلس الامن الدولي، اليوم، على نتائج محادثاته في المنطقة بشأن الأزمة السورية. وحذّر أنان، في مؤتمر صحافي عقده بعد مباحثاته مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، من توسع أعمال العنف في سوريا لتصل إلى قرب الحدود مع العراق. وقال «أجريت نقاشاً جيداً مع رئيس الوزراء نوري المالكي، وكان مثلنا قلقاً جداً من أعمال العنف والقتل، وأبدى دعمه لخطة الست نقاط وآلية تطبيقها».
وأضاف «جئت إلى المنطقة لمناقشة الأزمة السورية، وأخذتني رحلتي إلى دمشق وطهران والآن في بغداد، وحصلت على فرصة لمناقشة هذا الأمر مع القادة لبحث وقف القتل من أجل الشعب السوري، وكذلك لضمان عدم انتقال الصراع السوري إلى جيرانه». وتابع «يجب أن نكون خلاقين من أجل وقف العنف. لقد حاولنا ذلك على المستوى الوطني، في 12 نيسان الماضي، لكن المحاولة لم تنجح، والآن هناك جيوب عنف جدية حول العراق».
من جهته، أكد المالكي دعمه لجهود المبعوث الأممي لإيجاد حلّ للأزمة في سوريا، وقال، مخاطباً أنان، «نعلم أن مهمتكم صعبة، ولكن لا بد من بذل الجهود لوقف القتل وإيجاد حل سياسي يحقق الأهداف المشروعة للشعب السوري». ولفت إلى إمكان انعكاس الأوضاع في سوريا على العراق والمنطقة سلباً وإيجاباً، داعياً إلى التحلي بأقصى درجات المسؤولية في التعامل مع الأوضاع في سوريا. وأضاف أن «الوقت ليس وقت تصفية حسابات بين هذا الطرف أو ذاك»، مشدداً على ضرورة أن «تنصبّ كل الجهود على كيفية إيقاف القتل وحقن الدماء وإيجاد حل سلمي يحقق أهداف الشعب السوري». وعبّر المالكي عن خشيته من تنامي التطرف نتيجة تصاعد وتيرة العنف والقتل، قائلاً «علينا العمل لتطويق النار وإطفائها بدل صبّ الزيت عليها». وأعرب عن استعداد العراق للقيام بأي عمل من أجل ذلك، مرحّباً بـ«أي تغيير يأتي عبر الحوار». ودعا المالكي إلى وقف التدخلات الإقليمية في سوريا، معتبراً أن «أي تدخل إقليمي يستدعي تدخلاً مضاداً، والشعب السوري هو الذي يدفع الثمن».
وكان أنان قد صرّح بعد محادثات مع وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، في إيران، أن «الأسد اقترح وضع منهج تدريجي يبدأ من بعض المناطق التي شهدت أسوأ أعمال عنف في محاولة لاحتوائه فيها، والبناء خطوة بخطوة على ذلك لإنهاء العنف في مختلف أرجاء البلاد». وقال أنان إنه يحتاج إلى بحث الاقتراح مع المعارضة السورية، ولا يمكنه الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
وفي سياق متصل، قال أمین المجلس الأعلی للأمن القومي الإیراني، سعید جلیلي، إن حلّ القضیة السوریة یكون «عبر الدیموقراطیة ولیس عبر إرسال السلاح والقیام بأعمال إرهابیة». ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» عن جلیلي قوله، خلال استقباله المبعوث الدولي كوفي أنان، إن «طریق حل القضیة السوریة هو طریق الحل السوريّ، والذي ینبغي متابعته من قبل الشعب والحكومة السوریة من دون التدخل الأجنبي». وأضاف أن «الخلفیة التاریخیة لبعض، الدول مثل أمیركا، بدعم الدیكتاتوریین والممارسات اللادیمقراطیة، تشیر إلی أن هذه الحكومات لا یمكن أن تكون جزءاً من حل القضیة السوریة، وأن شعوب المنطقة تعتبر الحكومة الأمیركیة الجزء الأهم من مشاكل المنطقة». وأشار إلى أنه «يجب متابعة الحوار السیاسی في سوریا، تزامناً مع الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار». واقترح أن یقوم مراقبو الأمم المتحدة «بالحیلولة دون دخول السلاح والعناصر المسلحة إلی سوریا».
وفي ما يبدو رداً على أنان، رفض البيت الأبيض، أمس، المقولة التي ترى أن بإمكان إيران أداء دور «إيجابي» في الأزمة السورية. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، في تصريح صحافي في الطائرة الرئاسية التي أقلّت باراك أوباما إلى ولاية ايوا (وسط)، «لا أعتقد أن بإمكان أحد أن يقول جدياً إن إيران كان لها تأثير إيجابي على التطورات في سوريا».
وفي مؤشر على رفض الخطة الجديدة لأنان، كرر كارني التعبير عن رغبته في أن تُطبّق خطة أنان الأساسية. وقال «نعتقد أن من الضروري أن تدعم المجموعة الدولية الخطة، وأن تطبّق هذه الخطة، وأن يجري الانتقال الذي تدعو إليه هذه الخطة بدون الرئيس الأسد». وأضاف «لا نزال متشكّكين جداً حيال رغبة الأسد في الوفاء بتعهداته»، محذراً من أن «الاصطفاف خلف بشار الأسد يعني الاصطفاف خلف طاغية ووضع بلادك على الجانب الخاطئ».
من جهتها، قالت روسيا، أمس، إنها ستكون مستعدة لاستضافة اجتماع جديد للقوى العالمية لإنهاء الصراع في سوريا، واقترحت توسيع المحادثات لدعوة دول أخرى من بينها إيران. وصرّح نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أنّ موسكو تقدمت بالاقتراح في اجتماع جنيف، يوم 30 حزيران الماضي. وأضاف «من ناحيتنا، يمكنني تأكيد أننا سنرحّب بتنظيم جلسة عادية لمجموعة عمل في موسكو». وكرر بوغدانوف موقف روسيا من أن أي اجتماعات مماثلة في المستقبل يجب أن تشمل دولاً أخرى لها نفوذ في الشأن السوري، أي إيران والسعودية.
وفي السياق، انتقدت المتحدثة باسم «المجلس الوطني السوري»، بسمة قضماني، موقف إيران من الأزمة السورية، وقالت، في مؤتمر صحافي في موسكو، إن «إيران في الواقع تشارك في الجرائم التي ترتكب ضد الشعب في سوريا، لكونها تقدّم المساعدة المالية والعسكرية للنظام». وأشارت إلى أن ممثلين عن المجلس وصلوا إلى موسكو، على أمل أن تساعدهم روسيا في التحوّل إلى نظام جديد في سوريا. وقالت إن المجلس الوطني يرفض الحوار مع النظام في سوريا، ولا يمكنه التفاوض معه إلا بشأن التحول إلى نظام سياسي جديد. وأضافت «أنهم يأملون أن تساعدهم روسيا في طيّ الصفحة المتعلقة بالنظام القديم والتحول إلى نظام ديمقراطي جديد». وقالت إن فصائل المعارضة السورية «تجمعها الموافقة على تغيير النظام السياسي السوري». وانتقدت قضماني تحفّظ المجتمع الدولي على التدخل في ما يخص الأزمة السورية، رغم سقوط آلاف القتلى منذ اندلاع الأحداث، مشيرة إلى ضرورة إعادة ثقة الشعب السوري بقدرة المجتمع الدولي على إيجاد حل سياسي للأزمة.
بدورها، دعت الصين الأطراف المعنية بالأزمة السورية إلى مواصلة دعم جهود الوساطة التي يقوم بها المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، ليو ويمين، إنّ «الصين تؤمن بأن المهمة الملحّة حالياً هي مواصلة دعم جهود الوساطة وتنسيقها، والتي يقوم بها أنان، وحثّ الحكومة السورية وقوى المعارضة على تنفيذ خطته السداسية».
أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، فقال إنه اتفق مع ضيفه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، في المباحثات التي أجراها معه أمس، على إعطاء سوريا بداية جديدة من دون الرئيس بشار الأسد. وصرّح كاميرون، في المؤتمر الصحافي المشترك مع هولاند، «اتفقنا أيضاً على إنهاء العنف في سوريا، وإطلاق انتقال سياسي فيها، وإعطائها بداية جديدة من دون الرئيس الأسد».
وقال الرئيس الفرنسي إنه ناقش مع كاميرون «تكثيف الضغوط على النظام السوري وبدء عملية الانتقال السياسي في سوريا». وأضاف «نحن نفضّل تقوية العقوبات على النظام السوري، ونسعى أيضاً لإقناع الروس والصينيين بأنه لن يكون هناك أسوأ من انتشار الفوضى في سوريا، وأنّ ذلك سيعرض مصالحهم للخطر».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، إرنا)