محمد محسن
«هنا مرقد القارئ العربي، حتى يثبت العكس». على مجسّم هشّ من الفلّين الأبيض، محاط بالشموع، نعى طلاب كلية الإعلام والتوثيق الفرع الأول في الجامعة اللبنانية القارئ من المحيط إلى الخليج. لكنّ المفارقة تكمن في مناسبة النعي: المعرض الأول للكتاب في الكلية، الذي نظّمته «الحقيبة الثقافية» في مجلس طلاب الفرع. بديهياً، الطلاب محقّون في نعي القارئ العربي. فمعادلة القاهرة تكتب، وبيروت تطبع وبغداد تقرأ، سقطت. جوع القاهرة وفقرها للحريات لا يساعدان على غزارة التأليف. أما بيروت، فأصبحت تطبع بطاقات السهر وإعلانات السياسيين أكثر من الكتب، باستثناء دور نشر قليلة ما زالت تحفظ للمدينة بعضاً من مكانتها. في العراق، محظوظ من يملك وقتاً ليقرأ شيئاً، غير الأخبار العاجلة عن الانفجارات واللعبة السياسية هناك. بهذه البداية «الواقعية» خطا طلاب الإعلام خطوة جديدة، ترتبط جذرياً باختصاصهم. ففي القاعة المخصصة لـ«الكافتيريا» التي لم تفتتح حتى الآن، رغم كل الوعود، جهد طلاب مجلس الفرع، رغم ضعف إمكاناتهم، في تجهيز القاعة وتوزيع الكتب داخلها. أما باقي طلاب الكلية، فقد كانوا على علم مسبق بالمعرض، من خلال الرسائل التي وزّعتها مجموعة الكلية على موقع الفايسبوك.
يشبه المعرض إلى حدّ بعيد، صورةً مصغرة عن معرض الكتاب الذي نُظِّم منذ ثلاثة أشهر في البيال، بمعزل عن الإمكانات اللوجستية كالإضاءة والتهوئة. جدرانه أوراق صحف لبنانية كثيرة، استغرق العمل على توضيبها وإلصاقها فتراتٍ طويلة كانت تمتد حتى ساعات المساء.
12 داراً للنشر شاركت في المعرض، وأرسلت نسخاً من إصداراتها الجديدة، بلغت قيمتها الإجمالية 10 آلاف دولار، لكن من دون أن يتكلف مجلس الطلاب ثمنها، إذ ستتقاضى الدور ثمن الكتب التي بيعت فقط، وخصوصاً في ظلّ حسومات وصلت إلى حدود 50 في المئة.
مستوى الكتب جيد، والشباب عرفوا ماذا يختارون