ثائر غندورقد يكون حان وقت مجيء وفد قطري لإعادة الأمور إلى نصابها. فالوضع الأمني ليس في أفضل حالاته، والهدنة الإعلاميّة بدأت تترنّح أو نستطيع القول إنها سقطت دون إمكان لتحديد مدّة استمرار هذا السقوط. وتبقى العقبة الحكوميّة هي الأصعب.
المتفائلون في الطرفين يقولون إن إنضاج «طبخة البحص الحكوميّة» يحتاج إلى أسبوع كحدّ أدنى أو 10 أيام، إذا لم تأت «التعليمة» الخارجيّة. وفي جردة سريعة للكتل النيابيّة يتبيّن أن وضع حزب الله هو «الأهدأ»، إذ لا خلاف على حقائب ولا تنافس. لكنّ هذا لا يعفي الحزب وأمينه العام السيد حسن نصر الله من سهام حلفائه السنّة الذين قالوا في العلن، ولا يزالون يقولون في جلساتهم الضيقة، إن كلامه عن توزير سني من حصّته شكّل «ضربة غير موفّقة وإهانة لنا».
أمّا وزراء حركة أمل فإن الثابت الوحيد بينهم حتى الآن هو الدكتور محمد جواد خليفة في وزارة الصحّة، والأسماء الأخرى التي تطرح مرهونة بمستوى التمثيل، لكن برّي لا يُعاني مشكلة في هذا المجال.
تبقى عقدتان أساسيتان: وزراء الجنرال عون، ووزراء فريق 14 آذار. يبدو أن عون سيوزّع وزراءه ثم يختار نوّابه في سبيل المحافظة على وحدة تيّاره، وأسماء المستوزرين المتداولة تأتي في إطار حرق بعضها وفرض بعضها الآخر، لكن الأكيد أن الكثيرين من أعضاء التيار سيكونون محبطين بعد إعلان الحكومة، مما سيضطر عون إلى إرضائهم نيابياً. كما يوجّه بعض المعارضين نقداً إلى عون لمطالبته بخمس وزارات، وهو يعرف أن حقّه ينحصر بأربع مع وزير دولة.
وعند الدخول في تفاصيل نقاشات 14 آذار، لا بدّ للفهم من رسم جداول حزبيّة ومذهبيّة وشخصيّة عديدة. وتقول مصادر محايدة إن مشكلة النائب سعد الحريري هي كثرة حلفائه، وهو أمر لطالما أغنى هذا الفريق سابقاً. وربما قد يكون هذا ـــــ بالإضافة إلى السبب الأمني المعلن ـــــ أحد الأسباب التي دفعت الحريري إلى وقف عمليّة التفاوض، وهو الأمر الذي لم يحصل فعلياً بحسب مصادر في 14 آذار.
وتطول لائحة المستوزرين الموالين، بعض أسمائها من نوع بالونات التضليل مثل اسم منصور غانم البون، فيما تبقى أسماء أخرى تحت الطاولة حفاظاً عليها مثل اسم النائب بطرس حرب إذ لا تزال حظوظه هي الأعلى بين مرشّحي ما كان يُسمّى لقاء قرنة شهوان، باعتباره الأقدر على خوض الانتخابات في وجه عون لأنه يملك قاعدة شعبيّة متوارثة. كذلك يُطرح اسم مستشار الرئيس أمين الجميّل ساسين ساسين ليكون وزير الكتائب الماروني، لأنه الأكثر قبولاً داخل حزبه بعدما أبقى نفسه خارج التجاذبات الداخليّة.
بدورها، لا تُعاني القوّات اللبنانيّة مشكلة في اختيار وزرائها، لكنّ نقاشها مع الحريري يدور حول مطالبتها بتمثيل يستطيع مجاراة تمثيل عون تأميناً للتوازن عند خوض المعركة الانتخابيّة ضده. وهنا تعود عقدة عون إلى الواجهة، فهو يريد قطف الوزارات الخدماتيّة الأساسيّة.
تبقى المعضلة الكبرى في الأوساط السنّية، إذ يتنافس كثيرون على مقاعد ستة. يستشرس هؤلاء، وأبرزهم مصباح الأحدب، في الإصرار على دخول الوزارة. وسرّ هذه الحمّى هو الحفاظ على مقعد نيابي في معركة 2009. باختصار، أكبر عقبة تواجه تشكيل الحكومة هي الانتخابات النيابيّة، أي حصص هذا وذاك في خضمّ نسيان تام لهموم المواطن الحقيقيّة.