صور ــ أمال خليللم يهتم معظم الناس في منطقة صور باسم مفتيهم الجديد قَدْر اهتمامهم السابق بقرار المجلس الشيعي عزل السيِّد علي الأمين. ومعظمهم ما زالوا غير قادرين على التمييز بين ما ينص عليه قانون تكليف المفتين «الطبيعي» الذي تتحرك بموجبه هيئات المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لتنصيب أحد رجال الدين في هذا المنصب أو ذاك، والدوافع الحقيقيّة السياسيّة الكامنة وراء عزل السيِّد علي الأمين من منصب مفتي صور في هذا الوقت بالذات، علماً بأن ولاية المفتي، مثل رئيس الطائفة، تمتد مدى الحياة بحسب قانون إنشاء المجلس (الذي عدّل القانون السابق الذي حدد الولاية بست سنوات، ثم حددها ببلوغ الشخص المعني سن الخامسة والستين).

وتأتي «واقعة» عزل الأمين سابقة في تاريخ المجلس، ويبرّرها البعض بأنّها نتيجة لخروج الأمين على بنود الميثاق العام لأهداف المجلس التي أطلقها مؤسّسه الإمام موسى الصدر. إذ إنه، رغم ارتفاع أصوات سياسيّة مختلفة عن «الخطاب الشيعي العام» منذ عام 2005، فإن المستهجن، بحسب أحد رجال الدين، كان «جنوح بعض ممثّلي الطائفة المنضوين تحت جناح المجلس الإسلامي الشيعي إلى أقصى المواقع المعادية للطائفة التي يمثّلها». من هنا، يمكن القول إن تحويل الأمين إلى الملاك وتعيين رئيس المحكمة الجعفرية في صور الشيخ حسن عبد الله مفتياً بدلاً منه، هو النتيجة الطبيعية لثلاث سنوات من الخطاب السياسي الذي تبنّاه الأمين، والذي «لا يعبّر عن أهل صور والجنوبيين الذين يفتي بأمرهم، بل يعاديهم».
مع العلم أن دار الإفتاء في صور لم تعاود نشاطها بعد. ويبدو أن التغيير سيطاول كل شيء، من تبديل المفتي إلى نقل مقر الدار، حيث هي الآن، إلى مركز الإمام الصدر للدراسات الإسلامية في الجامعة الإسلامية ــــ فرع صور، التابعة أيضاً للمجلس الشيعي، على أن تتحول دار الإفتاء بما تشمل من إقامة سكنية للمفتي مقراً لحركة أمل في الجنوب. لكن الثابت الوحيد، بحسب عبدالله، هو «السير على نهج الإمام الصدر في وحدة الطائفة وحماية ثوابتها الوطنية، والذي يحتّمه أولاً وأخيراً الواجب الشرعي لرجل الدين في أي موقع كان».
ويتغاضى المفتي الجديد، في الظاهر، عن الجدل الذي يسم تكليفه منصب مفتي صور إثر عزل الأمين بعد أيام من اقتحام بعض الأهالي دار الإفتاء حيث يقع منزله، ومطالبة أبنائه الذين كانوا حاضرين والموظفين بالمغادرة قبل أن يرفعوا على مدخله أعلام أحد الحزبين النافذين في المنطقة وفي المجلس الشيعي واتخاذ القرار بإقفاله. لكنه يدافع عن شرعية قرار تكليفه الصادر عن الهيئة الشرعية في المجلس «التي لها الحق وحدها في تعيين المفتين وتحديد مواقعهم الجغرافية بما يتناسب مع الصالح العام للطائفة ومراعاة الإدارة والنظام عبر لجنة الإدارة والتنظيم التي ترعى التكليف من الناحية القانونية والشرعية». معبّراً من جهة أخرى عن عدم تصوره «أي خطاب ديني لا يبنى على الثوابت الوطنية ووحدة المسلمين واللبنانيين». وانطلاقاً، فإنه لا شك ناجح في إعادة النصاب إلى «الخطاب الأوحد» القديم، وخصوصاً في حضن مباركة أولي الشأن في الطائفة والمنطقة.