مرّ عام على اختطاف الفتى زياد غندور والشاب زياد قبلان ثم العثور على جثتيهما في منطقة جدرا، من دون أن تتمكن السلطات من توقيف المشتبه فيهم الرئيسيين، وهو المطلب الذي تصر عليه عائلتا الضحيتين
رضوان مرتضى

«لقد مات عصفور زياد بحسرة فراق حبيبه»، قالت والدة زياد غندور وهي تجلس أمام منزل العائلة المتواضع في وطى المصيطبة. تستذكر المرة الأخيرة التي رأته فيها، عندما حضر صديق العائلة زياد قبلان يوم 23 نيسان 2007، فطلب الفتى زياد الإذن للذهاب مع قبلان. ومنذ تلك اللحظة، لم ترهما.
أخته نوال فقدت «الأخ الحنون»، ووالداه يعيشان على أمل الاقتصاص من القاتل قضائياً في ظل دولة من المفترض أن تعطي الحق لأصحابه. أما والدا زياد قبلان فبات الحزن عنوان حياتهما. الوالد ترك عمله منذ مقتل ابنه، ولم يعد هناك ما يحوّل نظره بعيداً عن المصيبة، ووالدته فقدت أغلى ما تملك: ولدها البكر، فلا يبقى أمامها سوى أن تدعو ربها للاقتصاص من قتلته. أما شقيق زياد قبلان، طارق، فقد ترك المدرسة بعد أزمة نفسية تولّدت لديه بعد مقتل شقيقه الأكبر.
غداً ستحيي عائلتا الغندور وقبلان الذكرى السنوية الأولى لجريمة اختطاف ابنيهما وقتلهما. بماذا يختلف هذا العام عن سابقه؟ تقول والدة زياد قبلان والغصة تخنق صوتها: «كنت أتمنى أن أوزع بطاقات دعوة لعرسه، لكنهم استبدلوها لي بدعوات لحضور ذكرى استشهاده». عام مر والقتلة حسب أهالي المغدورين لا يزالون طلقاء. والدة زياد غندور ابن الاثني عشر ربيعاً لا تزال تسأل بكثير من الألم والغضب عن ذنب وحيدها الذي رحل، مستنكرة «بقاء القاتل طليقاً من دون أن يلقى القبض عليه»، وتنظر إلى قطة بيضاء تقف بباب المنزل: «إنها قطة زياد، لا تزال تنتظره، لكنها لا تعلم أنه لن يعود».
تشاركها في مصاب فقد الولد والدة زياد قبلان التي لم تستطع أن تحبس دموعها. تتوقف للحظات عن البكاء ثم تواسي نفسها بالقول: «لقد أحبه الله أكثر مني فأخذه إليه»، لتذكر أن ما يمنحها الصبر هو إيمانها بأن الله سيأخذ حق ولدها.
حال الأمهات لايختلف كثيراً عن حال الآباء الذين لم يكن وضعهم أفضل. فوالد زياد قبلان يدفعه شوقه لزيارة قبر ابنه يومياً، حيث يجلس عنده حوالى ساعة، يعود بعدها إلى المنزل، منتظراً قدوم اليوم التالي ليعيد الكرة. والد زياد غندور كان منهمكاً بتعليق الصور والأعلام تحضيراً للذكرى التي تحمل عنوان «كي تبقى قضيتهم حية في ضمير الوطن» والتي ستقام نهار الأحد في 27 من الشهر الجاري عند الساعة الرابعة في محلة وطى المصيطبة.
يتهم أهل زياد غندور إخوة الشهيد عدنان شمص بقتل ابنهم، قائلين بأن «حزب الله هو الذي يحمي القتلة، وهم موجودون في المربع الأمني تحت حماية الحزب».
بالمقابل، أكّد مصدر مقرّب من حزب الله لـ«الأخبار» عدم صحة ما ينسب للحزب، مؤكداً أن الحزب يصر على تحقيق العدالة وعدم التدخل في التحقيقات القضائية. أما وكيل أشقاء الشهيد شمص المحامي بلال الحسيني، فقد رفض أي «استباق للتحقيقات التي لم تنتهِ بعد»، مؤكداً غياب أي «دليل حسي على تورط موكليه في الجريمة». وذكّر الحسيني بأن «القرار الظني في القضية لم يصدر بعد، وبالتالي، لا يزال القضاء صاحب الكلمة الفصل في هذه القضية».
وعلى صعيد التحقيقات، يقول عم الشهيد غندور: «هناك موقوفون معظمهم ممن خطط ودبّر للعملية، في حين أن منفذي الجريمة لا يزالون أحراراً وأماكنهم معروفة». وقد وجّه غندور شكراً للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عموماً، وفرع المعلومات خصوصاً، بسبب دورها بالتحقيق في القضية.
ووجهت عائلتا الشهيدين عبر «الأخبار» نداءً إلى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله طالبتا فيه بالتدخل للوفاء بالوعد الذي قطعاه لتسليم المشتبه فيهم بقتل زياد غندور وزياد قبلان. وقد شددت والدة غندور على استحلاف السيد نصر الله بدم ابنه هادي بواجب الوفاء بوعده عن طريق المساعدة في الاقتصاص من القتلة عبر تسليمهم.
ملف التحقيقات في القضية أحيل على المجلس العدلي مباشرة بعد الجريمة، وعُيِّن القاضي مالك عبلا محققاً عدلياً في القضية. ومنذ بدء التحقيق، أوقِف نحو عشرين شخصاً للاشتباه فيهم، ولا يزال ثمانية أشخاص قيد التوقيف. وكان القضاء قد ادعى على هؤلاء بجرم المشاركة في التحضير للجريمة أو المساعدة على تنفيذها أو إخفاء معلومات أو إخفاء سيارة يشتبه في استخدامها في الجريمة. أما المدعى عليهم الرئيسيون، وهم أشقاء الشهيد عدنان شمص، فلا يزالون متوارين عن الأنظار، ولم تتمكن القوى الأمنية حتى اليوم من توقيف أحدهم، فيما لا يزال منزل أحدهم مختوماً بالشمع الأحمر.
وعلمت «الأخبار» أن التحقيقات بالقضية باتت شبه منتهية، وأن المحقق العدلي القاضي مالك عبلا أحال الملف على النيابة العامة لإبداء المطالعة في الأساس تمهيداً لإصدار القرار الظني.