عين الحلوة ـ خالد الغربيشحذ صوت فيروز «أنا لا أنساك فلسطين... الآن الآن وليس غدا أجراس العودة فلتقرع» همّة صبايا وأطفال مخيم عين الحلوة ممن جاؤوا أمس إلى شارع في المخيم يُفضي إلى مقر جمعية النجدة الاجتماعية، التي أحيت يوم الأرض، «فكان بمثابة محاكاة لأمهم الأرض ولفلسطينهم» بلغة غير تلك المألوفة في مخيمات الشتات، التي عادةً ما تحتفل بطقوس التضامن، إما بالاعتصامات المندّدة أو بعرّاضات مسلحة، وإما بحرق الإطارات.
أمس، حملوا ريشة وقلماً ليفرغوا ما بداخلهم من أحلامهم، وآمالهم الكبرى من آلامهم. «لو لم تكن فلسطين بلادي لاخترت أن أكون بلا جنسية»، تكتب ندى ابنة السابعة عشرة على واحدة من عشرات لافتات الكرتون، التي تعانقت على الجدار مع صور القادة والشهداء.
حكى أطفال مخيّم عين الحلوة وفتيته قصة مأساتهم. رسموا وكتبوا «كل الناس لها أوطان تعيش فيها إلا نحن لنا وطن يسكن فينا». وها هي قرية عكبرة ـ قضاء صفد حاضرة بصورها وصورة مفتاحها، وإن بدا أن الصدأ قد نال منه، لكنه يبقى متوثباً لمهمة قادمة تقول مريم الحوراني، ومع صور عكبرة كانت صور لأخواتها، هنا خربة عربين ـ قضاء عكا (عكا التي لا تميز صورها عن مدينة صيدا لأوجه الشبه) وهناك صفورية قضاء نابلس، ومعهما اللوبية قضاء الناصرة ..صور تأخذ الحضور إلى فلسطين.
مع التوافد الكبير لأطفال المدارس للتعبير على طريقتهم، يبدو أن المآسي ولّادة للإبداع. «وطني متى ستشفى من جروحك»، سؤال أكبر من عمره يخطّه الطفل محمد فادي الصياح (ابن التسع سنوات)، بينما زميلته ترسم قلباً مثخناً بالجراح والسهام «قلب الوطن المجروح»، وكتابات ورسوم بينها «الأرض بتتكلّم عربي» و«باب الأقصى من حديد ما بيفتح إلا بشهيد» و«التمسك بالأرض والشرف التمسك بالعودة والمقاومة». وأطفال علّقوا على صدورهم كرتونة أشبه ببطاقة تعريف، ومن أين جاؤوا ومن أين يتحدّرون «أنا من الخليل» و«أنا من بيت جالا»، بينما نغم السيد (5 سنوات) كتبت على صدرها قريتي البصة ـ قضاء عكا تشتهر بزراعة القمح.
ولكون المناسبة هي ذكرى يوم الأرض، فقد أرّخت لافتة ما حصل يومها وأبعاده الوطنية.
قبل الختام غنّى الأطفال وأنشدوا، فيما القَبَضات مرفوعة، وتصفيق حار لأغنية «يا كيان الفصل العنصري جدارك رح ينهار راجع ع بلادي فلسطين ..لو مهما الليل طال».
«أردناه يوماً فلسطينياً مع أن كل أيامنا هي فلسطين»، تقول المشرفة على جمعية النجدة الاجتماعية ميسر طه، وتضيف: «إننا نحيي هذا اليوم بالتوقيع والشعر وبالكلمة التي قد تكون أحيانا أشد وقعاً من الرصاص».
من جهة ثانية، أحيت لجنة دعم المقاومة في فلسطين الذكرى بلقاء تضامني مع الشعب الفلسطيني، أمس، في دار نقابة الصحافة، في حضور ممثلين عن الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية وعدد من ممثلي الهيئات والمنظمات الإنسانية والاجتماعية والثقافية والنقابية.
وتحدث في اللقاء عضو لجنة دعم المقاومة في فلسطين حمزة البشتاوي، النائب مروان فارس باسم الأحزاب اللبنانية، عضو المجلس السياسي لـ«حزب الله» حسن حدرج، رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية الدكتور علي الشيخ عمار، ومسؤول حركة «فتح الانتفاضة» نمر قدورة. وشدّدت الكلمات على التمسك بالمقاومة حتى إنجاز التحرير والعودة إلى فلسطين.