غسان سعود
رغم صعوبة الربط بين صورتي 27 كانون الثاني الماضي و5 شباط 2006، فإن قواعد القوات اللبنانيّة والوطنيين الأحرار والكتائب تجد في الصورة الأولى رديفاً يمكن إشهاره في وجه الشاهرين، تهكماً، للصورة الثانية في وجههم لانتقاد التحالف مع تيار المستقبل، الذي شارك عن قصد أو عن غير قصد في اقتحام حيٍّ في «قلعة صمود المسيحيين». وإسراع الموالين إلى تسمية الحوادث الأخيرة «حوادث الأحد الأسود» لم يأت، في هذا السياق، من فراغ. فهو الاسم نفسه الذي أطلق على حوادث الأحد 5 شباط 2006، وكأن المسمي أراد عبر المسمى الجديد أن يمحو هوية صاحب الاسم القديم.
ويعرض أهل الموالاة رواية تفصيلية عن حوادث 27 كانون الثاني، يصبح معها الكلام عن خلفيات «الغزوة» وأخطارها ثانوياً. وإذ تتجنب قواعد مسيحيي السلطة التطرق إلى تفاصيل ما حصل في الشياح، والهوية الحقيقية لمن ألقى قنبلة عين الرمانة، تركز على خطورة ما كشفته الاضطرابات الأخيرة من استعداد أحد الأطراف لاقتحام منطقة مجاورة لمنطقته، والتعرض لأهلها. ومن هنا، ينتقل الحديث إلى الكلام عن سلاح حزب الله، وضرورة التفكير في ما يمكن أن تصل إليه الأمور في ظل استعدادات مبيّتة كهذه.
وهنا «الخطر الحقيقي» الذي يهدد لا عين الرمانة وحدها، بل الوجود المسيحي برمّته. إضافة إلى إثبات الأحد الماضي أن الكلام على «ميثاق شرف أبدي» بين المسيحيين والشيعة نتيجة التفاهم، كان مجرد ضحك على الذقون. ويسوّق بعض أنصار الموالاة أن سلفيين هم الذين خرقوا المتظاهرين في 5 شباط 2006 وحرفوا اتجاه التظاهرة لإثارة فتنة سنيّة ـــــ مسيحيّة. فيما جهد تيار المستقبل لاحقاً لوصل ما انقطع وإعادة المياه إلى مجاريها.
وترد الأوساط الشعبيّة المعارضة بأن بين الموالين من يصرّ على تضخيم ما حصل في الشياح ليمحو من الذاكرة المسيحية «همجيّة» الغاضبين من المس بالقرآن والذين اعتبرهم يومها رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع حلفاء لا يفترض التعرض لهم. وينتهي بعض شبان المعارضة المسيحيّة بالتنظير في الفرق بين التطرف السنّي والتطرف الشيعي، وإيجابيات الثاني مقارنة بالأول، منبهين إلى أن «غزاة الأشرفية» كانوا يشتمون المسيحيين ويتعرضون خصوصاً للسيارات التي تحمل صوراً ورموزاً دينيّة، وقد اعتدوا على الكنيسة، فيما لم يرمَ في 27 كانون الثاني حجر واحد على كنيسة مار مخايل، ولم يسمع أي هتاف يمس كرامة المسيحيين. وحين دعي أهالي الشياح وعين الرمانة إلى القداس يوم الأحد الماضي في كنيسة مار مخايل، هرع أهل المنطقتين ليتلاقوا، فيما «يكاد يكون مستحيلاً أن نجد ملتحياً واحداً من جماعة 5 شباط يصلي في الكنيسة».
وعلى هامش كلام الفريقين، ثمة بين المسيحيين من يقول إن ثمّة سعي هنا وهناك للنيل من رمزية المناطق التي شكلت بالنسبة إلى اليمين المسيحي مواقع نضالية عصيّة، وفي مقدمها الأشرفية وعين الرمانة. وهنا، يصبح التمييز بين 5 شباط و27 كانون الثاني بلا معنى.