strong>ثائر غندور
• «الفئة الصامتة» نطقتْ و«شباب بيروت» تحالفوا في سبيل «المنقذ»

«المنقذ»، «المخلّص»، «مش كل عماد عماد»، «هيدا جنرال» شعارات ملأت شوارع لبنان مع صور العماد ميشال سليمان. وكالعادة، لا أحد يتبنّى هذه الصور التي وُلدت في الليل

لم يلتزم «المواطنون» الذين رفعوا صور قائد الجيش بندائه إليهم، بعدما شكرهم يوم الاثنين الماضي من قاعدة القليعات الجويّة وناشدهم «إزالة هذه الصور وإبدالها بزينة الأعياد لتبقى لها بهجتها في نفوس جميع اللبنانيين».
انتشرت أول صور «فخامة العماد» في ملابسه العسكريّة تحت شعار «الوطن الجيش المقاومة» بتوقيع «تحالف شباب بيروت». وهذا كان أول نشاط علني لهذا «التحالف» الذي لم يُعلن عن نفسه جهاراً بل فضّل انتظار ليلة ظلماء من أجل أن يولد. وجاء نشر الصور بعد أيام قليلة من إعلان الموالاة فالمعارضة موافقتهما على انتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهوريّة.
وكرّت سبحة الصور مذيّلة بعبارات وشعارات تتطوّر حسب تطوّر الأحداث، لتنتهي في الأيام الأخيرة بصورته مذيّلة بـ: «لا للفراغ، نعم للرئيس». كذلك عادت وارتفعت شعارات من نوع «الأمر لك»، التي ذيّلت صورة كبيرة لسليمان على مبنى شركة «سركيس غروب» عند اوتوستراد الزلقا البحري.
وهكذا، يُمكن تقسيم الشعارات ثلاث مجموعات: الصور الملصقة على الجدران، اللافتات، والصور الكبيرة والإعلانيّة. وعادةً تتبنّى شركة ما الصور الكبيرة مثل «سركيس غروب» و«حوّاط غروب» وغيرهما، فيما تميّزت شركة «Group Plus» للإعلانات بوضع صور في لوحات إعلانيّة تحت شعار «المنقذ» في منطقتي الجمّيزة ووسط بيروت. وقال مصدر في الشركة رفض ذكر اسمه، إن وضع اللوحات جاء بمبادرة ذاتيّة من الشركة لأنها وجدت أن هناك «توافقاً بين جميع القوى السياسيّة على انتخاب سليمان رئيساً للجمهوريّة، ومن أجل أن ننتهي من هذه الأزمة». وأضاف أن ما تُقدّمه الشركة من لوحات يؤكّد انتماء شركته للبنان «الذي نراه ينهار أمام أعيننا، وهذا قليل مقارنةً بما يجب أن يقدّمه السياسيون». ولفت المصدر إلى أن «Group Plus» تُقدّم عادةً bil boards في عيد الجيش، وحصل هذا خلال تشييع العميد فرنسوا الحاج. وقال إن البلديّات تطلب أحياناً وضع صور من هذا النوع، وهو ما جرى خلال تشييع الحاج من نهر الموت إلى حريصا حيث وضعت صور الشهيد على كلّ اللوحات الإعلانيّة التابعة لشركته، فضلاً عن غيرها.
بالعودة إلى المجموعة الأولى، وهي الصور الملصقة على الجدران، نجد أنها تتميّز بغياب الجهة المتبنّية لها في أغلب الأوقات، كذلك لا وجود لاسم المطبعة عليها. وفي جولة على عدد من المطابع الأساسيّة نفى أصحابها طباعتها، وأشار بعضهم إلى مطبعة مصلحة الشؤون الجغرافية في الجيش، في منطقة عاريا على طريق الشام، وهي التي كانت تسمّى المطبعة الكاثوليكيّة. وزعم هؤلاء أن هذه المطبعة هي التي تقوم بالأمر، «حتى لا يعرف أحد من يطبع الصور». لكن أحد الضبّاط في مديريّة التوجيه نفى ذلك قائلاً: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، المواطنون هم من يطبعون الصور». واستبعد أحد العمداء المتقاعدين طباعة الصور في مطبعة مصلحة الشؤون الجغرافية في الجيش «لأن صوراً غير موقّعة إنما تحتاج إلى السرّية، وهذا غير متوافر في هذه المطبعة لوجود عسكريين من مختلف الجهات السياسيّة يمكن أن يتحدّثوا عن الأمر». وينقل العميد عن بعض المقرّبين من العماد ميشال سليمان استياءه من الصور، «لأنّه بالع الموسى على كل الحالات، إذ لا يُمكن أن يقمع هذه الظاهرة حتى لا يُتّهم بالديكتاتوريّة، وإذا انتشرت يُتّهم بأنّ مخابرات الجيش وراءها». وفي المقابل أكد عميد آخر أن الصور تطبع في عاريا.
لكن هذا لم يمنع استمرار انتشار «الصور اليتيمة» في مختلف شوارع لبنان، وبعناوين جديدة مثل: «مش كل عماد عماد»، «عماد التحرير» و«هيدا جنرال» خصوصاً في منطقتي جبيل وكسروان. وتميّزت عمشيت، بلدة الجنرال سليمان، بالانتشار الكثيف للصور، كذلك له صورة كبيرة على سرايا جبيل المؤلّفة من ثلاث طبقات، وقد كانت تتحضّر للاحتفال بانتخابه. وترتفع صورة كبيرة أخرى في عين الرمّانة عليها شعار القوات اللبنانيّة مع عبارة «هيدا إلنا».
ولم يترك الفنانون هذه المناسبة دون استغلال، فوضع بعضهم صوراً كبيرة له مثلما فعل أمير يزبك في الناعمة، وكان قد أدى أغنية عن الجيش خلال خدمته للعلم.
أمّا المجموعة الثانية، أي اللافتات، فقد انتشرت في أغلب الشوارع، دون ذكر اسم الخطّاط الذي كتبها، وموقّعة أحياناً من أشخاص معروفين، وفي أغلب الأوقات من مجهولين مثل «أنصار الجيش» و«الفئة الصامتة». لكن الغريب هو أن هذه الفئة، أي الصامتة، قرّرت النطق في إحدى الليالي ووزّعت أحاديثها التي ترى في سليمان بطلاً في حرب «البارد»، لكن الاتصال بها بقي مستحيلاً لأنها صامتة جداً.
ويتميّز بعض الأشخاص مثل الدكتور محمد علي الموسوي، بوضع لافتات تناسب كل مرحلة، فابتدع شعارات مثل «القائد ميشال سليمان: العون والأمل والمستقبل لوطنٍ آمنٍ قويٍّ ومستقر» و«تحيّة عزة للجيش اللبناني ومقاومته. القائد ميشال سليمان: التقاء واستقرار للبنان واللبنانيين».
بدوره، يقول صاحب معرض «المبيّض» للسيارات درويش الخليل إن سليمان «رجل يستحق أن نرفع صوره ونمدحه، حتى لو لم ينتخبوه رئيساً، فهو رئيسنا، لأنه حفظ البلد طوال سنتين وحمى الناس وأشغالها من الاعتداءات ومنع الفتنة بمختلف أنواعها. هو عماد الوطن وعماد الجيش». ويقول الخليل إنه وضع الصورة من تلقائه، لكنّه يرفض ذكر اسم الخطاط الذي كتب له: «العماد سليمان: مخلّص لبنان».

صور
لحود


يتحدّث عميد سابق في الجيش عن الفترة التي انتخب فيها إميل لحود رئيساً للجمهورية عام 1998، وكان حينها قائداً لأحد الألوية. ويشير العميد إلى أن عدداً من جمعيّات المجتمع المدني التي تدور في فلك النظام السوري تولّت طبع الصور ونشرها في مختلف شوارع بيروت. ويؤكّد أنه لم يكن للجيش ومخابراته دور يُذكر في تلك العمليّة. ويتذكّر العميد أنه مع عدد من الضباط، عاقبوا بعض عناصر الجيش الذين قاموا بلصق صور للحود. ويرى الأمر دليلاً على عدم نشر المخابرات صور سليمان، خصوصاً أنه «يشبه لحود كثيراً في هذا الموضوع».
ويقول العميد السابق إن نشر الصور مسيء لسليمان، لكونه يضعه في موقع لم يتبوأه بعد، ويتخوّف من أن يكون الهدف «حرق اسم العماد سليمان».