نعمت بدر الدين
استغربت مصادر ألمانية مطّلعة إهمال الحكومة اللبنانية لمشاريع الاتفاقات اللبنانية ـــــ الألمانية التي تقدمت بها الحكومة الألمانية والتي تتضمن دعماً متعدّد الوجوه للبنان بما في ذلك المجالات العسكرية والتقنية والثقافية، مؤكدة أن هذا الدعم يجري تقديمه دون شروط سياسية أو غير سياسية. وتتراوح هذه الاتفاقات ما بين اتفاقات تعاون ودعم، مثل دعم البحرية اللبنانية، تدريب الشرطة والقوات المسلحة. وكل هذه الاتفاقات غير مشروطة وتتضمن تبرعات وهبات لا تطلب المانيا في مقابلها شيئاً من لبنان.
وقالت المصادر إن جميع هذه الاتفاقات معلقة في الوقت الحاضر وحمّلت مسؤولية تعليقها الى الجانب اللبناني الذي لا يوافق على دخول المساهمات والهبات المقدمة، فضلاً عن معدّات تم شراؤها في لبنان من الجانب الالماني، إلا بعد دفع الرسوم الجمركية والضرائب دون أي إعفاء، مشيرة الى أن هذه الهبات والمعدات هي هدايا ومساهمات لإقامة مشاريع دعم للبنانيين. ورجحت أن السياسة التي تنتهجها وزارة المال التي تسعى إلى زيادة إيرادات الحكومة وتمنع الإعفاء من الرسوم الجمركية والضرائب على الهدايا المقدمة الى لبنان هي جزء أساسي في تعليق هذه الاتفاقات.
وتجدر الإشارة الى أن الحكومة اللبنانية كانت قد أبدت استعجالاً في توقيع اتفاقات تعاون مع الولايات المتحدة رغم اتضاح وجود شروط سياسية واقتصادية فيها، كما تأكد من خلال انكشاف معلومات عن اشتراط أميركي لتغيير عقيدة الجيش مقابل تسليحه بما لا تعترض عليه اسرائيل. وأكدت هذه المصادر أنه لم يتم حتى الآن التعامل بجدية مع مشروع الاتفاق الذي لا يزال مهملاً في الأدراج بدل تأليف لجنة لبنانية ـــــ ألمانية مختصة ومتنوعة من وزارتي الدفاع والخارجية ومستشارين لدراسة الاتفاق والتوقيع عليه.
وأعطت المصادر الألمانية مثالاً على إهمال الحكومة اللبنانية مشروعَ الاتفاق الذي تقدمت به الحكومة الالمانية منذ شهر شباط الماضي ولا يزال نائماً في الأدراج بدل الاهتمام به، نظراً لأهمية مضمونه، وتشكيل لجنة لبنانية ـــــ ألمانية مختصّة من وزارات الدفاع والخارجية والمال ومستشارين لدراسة مشروع الاتفاق، وكذلك الاتفاقات المعلّقة الأخرى، مؤكّدة أنّ النفع من هذه الاتفاقات يعود كله إلى لبنان.
وينصّ مشروع الاتفاق المذكور على مبدأ قيام ألمانيا بتدريب خاص لعناصر القوات المسلحة اللبنانية، على أن يتم تحديد المساعدة التي تقدمها الحكومة الالمانية في اتفاقات وتدابير منفصلة، يتفق عليها بين الحكومتين، مع التشديد على أن تلتزم العناصر الالمانية التقيد بالقوانين والاصول والعادات والتقاليد المعمول بها في لبنان من غير التدخل في الشؤون الداخلية، وستقتضي مهمّتهم هذه الإذن لهم بالاقامة مدة من الزمن في لبنان، وقد يحتاج الامر كذلك الى الترخيص بالاقامة لعدد من الموظفين الالمان من غير العسكريين، كما تحدد مهمات الأفراد الألمان في اتفاقات وتدابير.
ويعفى العناصر الالمان على أساس الاتفاق من شكليات سمة الدخول، ويمكنهم السفر من لبنان وإليه باستعمال جوازات سفر مدنية او رسمية او بطاقات هوية مرتبطة ببطاقات هوية عسكرية او رسمية، كما يتمتعون بحرية التنقل الضرورية لإنجاز مهماتهم في الأراضي اللبنانية.
ويمنح الالمان امتيازات وحصانات تمنح للأشخاص الإداريين والتقنيين وفقاً لمعاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي أُقرّت في عام 1961، على ألا يخضع الألمان المقيمون في لبنان لموجبات دفع الضرائب أو أية تكاليف أخرى على دخلهم بصفتهم عسكريّين أو موظّفين مدنيين في حكومة ألمانيا أو على أي دخل من مصادر أخرى من خارج الأراضي اللبنانية.
ويحق لهم قيادة المركبات في لبنان برخص وإعادة تصديرها، اضافة الى معدّات للاستعمال الشخصي وللاستهلاك معفاة من الضرائب والرسوم الجمركية أو أية أكلاف أخرى. كذلك يحق لهم حمل شعاراتهم ورموزهم الوطنية وعرضها.
وتتنازل الحكومتان المعنيتان عن الدعاوى إحداهما على الاخرى في حال وجودها او وجود دعاوى من عناصر في هذه ضد عناصر في تلك في ما يتعلق بالأضرار التي تلحق بالأملاك أو فقدانها.
ورأت مصادر سياسية لبنانية اطلعت على مضمون الاتفاق أنه مفيد وضروري للدولة اللبنانية التي تحتاج قواتها الى مزيد من التدريب العسكري والتقني ولا سيما غير المشروط منه، معتبرة أن إهمال الحكومة هو جزء من سياسة حصر التعاون في المجال العسكري مع الولايات المتحدة. ودعت هذه المصادر إلى إيلاء اهتمام أكبر لعروض التعاون التي قدمها عدد من الدول الأوروبية والإسلامية لما فيه مصلحة لبنان والكفّ عن توريط لبنان في علاقة استتباع للولايات المتحدة.