strong>حسن عليق
رغم انقضاء مدة العقوبات التي حُكِم عليهم بها، لا يزال أكثر من 1200 أجنبياً محتجزين في السجون اللبنانية. وبغية التخفيف من الاكتظاظ قرّر مجلس الوزراء ترحيلهم على نفقة الدولة اللبنانية وتوسعة سجن رومية، طالباً من وزارة العدل تطبيق قانون تنفيذ العقوبات

قرر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها يوم السبت الفائت (10/11/2007) الموافقة على طلب المديرية العامة للأمن العام ترحيل الموقوفين الأجانب الذين أنهوا مدة عقوباتهم في السجون اللبنانية، على حساب الدولة اللبنانية، على أن تنقل الاعتمادات اللازمة لذلك من احتياطي الموازنة العامة.
وتأتي موافقة مجلس الوزراء على طلب الأمن العام في إطار محاولة حل مشكلة الاكتظاظ في السجون اللبنانية، وذلك بناءً على الاقتراحات التي تقدّمت بها اللجنة المكلّفة دراسة أوضاع السجون.
وفي هذا المجال، تشير إحصاءات سَرية السجون في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، والمبرزة خلال الاجتماع الذي عقدته اللجنة المذكورة في السرايا الحكومية يوم 5/11/2007، إلى أن سجن رومية المركزي يضم نحو 3694 محكوماً وموقوفاً، في حين أن «الاستيعاب الطبيعي للسجن بأبنيته الحالية هو بحدود 1050 شخصاً». وأشارت الإحصاءات إلى أن عدد نزلاء جميع السجون اللبنانية بلغ 5776.
وأتى قرار مجلس الوزراء بترحيل المحكومين الأجانب الذين أنهوا محكومياتهم بعدما تبين في كتاب أرسلته المديرية العامة للأمن العام إلى وزارة الداخلية قبل جلسة مجلس الوزراء الأخيرة أن 1378 أجنبياً أنهوا محكومياتهم لا يزالون في لبنان. ويوجد منهم 820 في سجن رومية وسجون المناطق (أكثرهم في رومية)، و441 لدى المديرية العامة للأمن العام، فيما يتوزّع العدد الباقي على سفارات الفيليبين وسيريلانكا وأثيوبيا.
وقدّرت المديرية العامة للأمن العام الكلفة الأعلى لتذاكر السفر إلى البلدان التي ينتمي إليها المحكومون الأجانب بنحو 530 ألف دولار أميركي.

«تحسين أوضاع السجون» في السرايا

وكانت السرايا الحكومية قد شهدت يوم 5/11/2007 اجتماعاً برئاسة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، للبحث «في تحسين أوضاع السجون». وحضر الاجتماع وزيرا العدل والداخلية والمدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني والمدير العام لقوى الأمن الداخلي بالوكالة العميد أنور يحيى، والقاضي شكري صادر، وقائد سرية السجون المركزية في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي العقيد الياس سعادة.
وخلال الاجتماع، عرض المدير العام للأمن العام وقائد سرية السجون المشكلات المتعلقة ببعض الأجانب المنتهية أحكامهم، ولا سيما منهم العراقيون، والاتصالات التي تجرى بشأنهم من قبل منظمة الهجرة الدولية (IOM) ومكتب المفوضية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، إضافة إلى تأخر السفارة المصرية في ترحيل رعاياها كونها ترحّلهم على متن باخرة تأتي إلى بيروت مرة كل شهرين.
واقترح السنيورة استدعاء مندوبي المنظمتين والسفيرين المصري والعراقي للتباحث معهم بما يكفل معالجة الموضوع. ورأى المجتمعون في نهاية جلستهم أن معالجة مشكلة اكتظاظ السجون تتطلب، إضافة إلى ترحيل المحكومين الأجانب، توسعة سجن رومية وتنفيذ المرسوم التطبيقي المتعلق بقانون تنفيذ العقوبات.

قانون تنفيذ العقوبات

ينص القانون المذكور (رقم 463 الصادر يوم 17/9/2002) على إمكان خفض عقوبات المحكومين ذوي السيرة الحسنة، ممن لا تقل العقوبات المحكومين بها عن 6 أشهر. وقد صدر المرسوم التطبيقي الذي يحدد آلية تنفيذه (رقم 16910) يوم 6 أيار 2006، من دون وضعه موضع التنفيذ حتى اليوم.
ويقسّم القانون المذكور المحكومين إلى ثلاث فئات:
1ـــ المحكوم عليهم بعقوبات جنحية أو جنائية مؤقتة. ويستفيد كل منهم من خفض عقوبته بمعدل يتراوح بين سدسها ونصفها إذا كان قد نفذ نصف عقوبته على الأقل.
2ـــ المحكوم عليهم بعقوبات جنائية مؤبدة. ويستفيد كل منهم من خفض عقوبته، إذا نفّذ منها 10 سنوات على الأقل، على ألّا تقل العقوبة الباقية بعد الخفض عن عشر سنوات وألا تزيد على عشرين عاماً.
3ـــ المحكوم عليهم الذين يصابون بالعمى أو الفالج أو بأي مرض عضال ميؤوس من شفائه أو الذين يعانون من مرض خطير يهدد حياتهم أو حياة الآخرين من السجناء، أو أصبحوا مقعدين غير قادرين على خدمة أنفسهم أو القيام بعمل ما. ويمكن للمنتمي إلى هذه الفئة أن يعفى من باقي عقوبته. وأناط القانون مهمة النظر في خفض عقوبات المحكوم عليهم بإحدى غرف محكمة الاستئناف في بيروت، على أن تؤلَّف في كل محافظة لجنة تقدم إلى المحكمة كل 6 أشهر أسماء المحكومين المقترح خفض عقوباتهم.
ورأى المجتمعون في السرايا أن البدء بتطبيق القانون المذكور سيؤدي إلى إخلاء سبيل عدد من المحكومين. ويستلزم ذلك تشكيل اللجنة التي نص عليها القانون في كل محافظة برئاسة قاضٍ متفرغ (مع أن القضاء يعاني نقصاً في القضاة العدليين)، إضافة إلى قائد سرية السجون المركزية وآمر الفصيلة التابع له السجن وطبيبين ومساعد اجتماعي. ورأى المجتمعون أن هذا يتطلب تفريغ عدد من القضاة وتأمين الأطباء والمساعدين الاجتماعيين للقيام بذلك (عدد المساعدين الاجتماعيين العاملين حالياً في وزارة الشؤون الاجتماعية هو 8 من أصل 111).
وفي جلسته الأخيرة، طلب مجلس الوزراء من وزارة العدل «العمل على المباشرة بتنفيذ المرسوم التطبيقي المتعلق بتنفيذ العقوبات».
وبما يخص مشروع توسعة سجن رومية وتأهيله، قدّر رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر في كتاب رفعه إلى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أن المشروع المذكور يحتاج إلى 4 ملايين و602 ألف دولار أميركي، من بينها 3 ملايين دولار كلفة إنشاء مبنى جديد للسجناء بمساحة 4200 متر مربّع.