إبراهيم عوض
سألت الشخصية العربية القطب المعارض البارز بعد أن ودّع وفد الجامعة العربية إذا ما كان متفائلاً بالمسعى الذي يقوم به ويأمل بتوصله إلى حل ما يهدئ الأوضاع المضطربة في لبنان، فأجابه مبتسماً: «أستعيد هنا كلمة رئيس الوفد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لأقول بأنني متشائل». ثم أضاف بصوت هادئ: «أنا بطبيعتي أميل إلى التفاؤل وأحاول البحث عن نقطة بيضاء في الصفحة السوداء وما تقوم به الجامعة «أحسن من لا شيء» فهي على الأقل تحرك الجمود الطاغي على الساحة الداخلية وتضخ بعض الإنعاش في جسم الحوار الذي دخل في غيبوبة منذ زمن». وقبل أن يتابع هذا القطب كلامه، دخل إليه أحد مساعديه ليعلمه بأن الوزيرة نايلة معوض رفضت اقتراح موسى بأن يلتقيها مع وفد من فريق 14 آذار، وأصرت على أن تجتمع به على انفراد، على أن ينضم إليهما مدعوون من الفريق المذكور إلى مأدبة عشاء تقيمها في منزلها في الحازمية (أقيمت المأدبة ولم يحضر موسى). كما أخبره بأن محطة تلفزيونية واحدة (A.N.B) كانت تنقل وقائع المؤتمر الصحافي الذي عقده الأمين العام للجامعة بعد لقائه رئيس «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ولم تلبث أن قطعت البث بعد أن تبين لها أنها الوحيدة التي تفعل ذلك، ومع غياب ملحوظ للمؤسسة اللبنانية للإرسال L.B.C. المحسوبة على «القوات». وهنا استرد القطب المعارض البارز ابتسامته ونظر إلى ضيفه معلقاً: «نعم يا سيدي.. الـ«أل. بي. سي» أصبحت «أل.بي. سيتان» ونأمل ألا نصل إلى مرحلة الاثنين، أي الحكومتين والرئيسين وهلم جرا..».
وقال القطب المعارض: «لو نظرنا إلى ما يجري في العراق والأراضي الفلسطينية لأدركنا تماماً حجم المخاطر التي تهدد الأمة العربية كلها لا دولة دون أخرى. فالفتنة لن تتوقف هنا بل ستمتد إلى هناك». وتساءل: «من كان يتخيل أن يصبح الشيعي عدواً للسني أو العكس، ويقتل المواطن مواطنه؟ هذا ما نراه في العراق وتعلمنا به الأخبار الواردة من هناك، فيما اللافت أن الأكراد سنة وشيعة لم يلجأوا إلى مثل هذه الأعمال وأبقوا على التآلف داخل مجتمعهم». ورأى هذا القطب أن «الحل الوحيد للقضاء على هذه الفتنة هو العودة إلى القومية العربية والتمسك بمبادئها».
ولاحظ القطب المعارض البارز أن الفتنة أصابت الداخل الفلسطيني، لكن بوجه آخر لا علاقة للطائفية به. وأبدى تخوفه من انتقال «العدوى» إلى المخيمات الفلسطينية في لبنان، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «من حال دون ذلك هم المجموعات الإسلامية داخلها». وبشيء من الاستغراب قال القطب المعارض بصفته الشخصية العربية: «تصّور عصبة الأنصار المطلوبة من العدالة تمنع الفصائل الفلسطينية من الاقتتال في ما بينها. أليس هذا زمن العجائب؟».
وبدت الشخصية العربية مترددة وهي تطرح سؤالاً آخر على مضيفها يتعلق بما سمعه وقرأه عن علاقة تيار سياسي نافذ في لبنان بمجموعة «فتح الإسلام» فجاءه الجواب بشكل غير مباشر، إذ أبلغ القطب المعارض البارز سائله «أن المعلومات والتقارير التي جمعت لديه أفادت بوجود علاقة بين قوى أمنية معينة وهذه المجموعة، وقيام الأولى بتسهيل حركتها في بعض المراحل، علماً بأن هناك من يؤكد في لبنان أن «فتح الإسلام» تابعة لتنظيم «القاعدة» وهذا ما أعلنته الولايات المتحدة أيضاً».
وانطلق القطب المعارض البارز من هذا الطرح للولوج إلى موضوع حكومة الوحدة الوطنية، مؤكداً أنها الحل الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة، مذكراً بما فعلته الحكومة الإسرائيلية قبل أيام، موضحاً أنها سارعت لتدارك انهيارها بعد الهزيمة التي لحقت بها جراء حربها على لبنان. وأشار إلى «أن رئيس الحكومة إيهود أولمرت الذي يتصف بالغباء أدرك أنه لا مجال لبقاء حكومته على قيد الحياة من دون مشاركة قوى أخرى فيما وها هو غريمه إيهود باراك ينضم إليهما».
وفيما رأى هذا القطب أن ما أقدم عليه أولمرت يستحق التوقف عنده، تساءل لماذا لا يقدم السنيورة على القيام بالمثل والاتعاظ بموقف صائب وإن كان صادراً عن
عدو.