فداء عيتاني
بعيداً من حقد بعض السياسيين اللبنانيين على الفلسطينيين في المخيمات، يتحدث مرجع أمني لبناني عن توافر معلومات جدية عن حجم دور مجموعات فلسطينية متهمة بالتورط في إطلاق النار في منطقة الطريق الجديدة في 25 كانون الثاني الماضي، ونية هذه المجموعات القيام بعمليات أمنية ضد أهداف تابعة لقوات الأمم المتحدة في لبنان، وصولاً الى اكتشاف أسلحة وذخائر متطورة وساعات توقيت يمكن برمجتها لعدد من الأيام. ويتقاطع حديث المرجع مع معلومات توافرت عن موقف القوى الفلسطينية الرسمي في المخيمات مما يجري في لبنان، ليؤكد هذا التقاطع معلومات الطرفين.
يسخر المرجع الأمني مما تم تداوله في الإعلام عن الأسلحة والأعتدة المكتشفة حديثاً، ويقول ان «هذه الأسلحة يملكها أحد المخبرين العاملين مع جهاز أمني رسمي لبناني، وطلب منه تسليمها قبل حوالى شهرين»، وهو ما تم فعلاً، إلا ان الإعلان عن هذه الذخائر تم أخيراً بشكل مبالغ فيه بعض الشيء لغايات سياسية.
المرجع يؤكد في لقاء خاص ان التقديرات تشير الى ان الإعلان عن الأسلحة المصادرة «تم على سبيل الرد على مقالة سيمور هيرش»، لإعطاء إشارة واضحة داخلياً وخارجياً الى ان القوى الرسمية اللبنانية تكافح الإرهاب ولا تقدم العون الى المنظمات السنّية المتطرفة.
ويوافق المرجع على المخاوف التي تراود العديدين من جرّ الفلسطينيين في لبنان الى حرب مخيمات جديدة عبر توريطهم، سواء باتهامهم وإلباسهم لبوس الإرهاب أو عبر استخدامهم خزاناً بشرياً لرفد التحركات السياسية وإشراكهم في نزاعات مسلحة ومشاكل الأحياء في المناطق السنية ضد مناصري المعارضة.
إلا ان ما أثار اهتمام القوى الفلسطينية هو اكتشافها ان عدداً صغيراً من كوادرها ارتبط في إطار «مقاولات من الباطن» مع قوى محلية في مناطق مثل الطريق الجديدة المتداخلة مع مخيم شاتيلا، وأدى هذا الاكتشاف الى مسارعة العديد من القوى الفلسطينية الى عقد اجتماعات عالية المستوى بعضها مع بعض ومع قوى لبنانية معارضة، وانفتحت مروحة الاجتماعات بين بيروت ودمشق لتؤكد عدة نقاط أبرزها إخراج الفلسطيني من التداول في الصراع السياسي اللبناني، والعمل على لمّ القوى لأطرافها ومؤيديها وأنصارها ومحازبيها ومنع استخدامهم عبر كوادر رُشيت أو عرضت نفسها خدمةً لأطراف محلية أضعف، أو لا ترغب على مستويات قيادييها في دخول لعبة الدم في الأزقة الخلفية.
وطرحت قوى لبنانية معارضة التحدي أمام القوى الفلسطينية عبر اجتماعات قيادية في بيروت ودمشق لإثبات قدرتها على الإمساك بالشارع الفلسطيني في لبنان، تماماًَ كما أثبت الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله قدرته على الرد على السياسيين اللبنانيين الطامحين إلى توريط الفلسطينيين في كل المشكلات الداخلية (عبر إحدى خطبه الأخيرة).
القوى الفلسطينية التي استجابت لمطلب لمّ الشارع الفلسطيني في المخيمات وإبعاده عن النزاعات اللبنانية لم تمانع، وحتى لم تعلن أسماء من اعتقلته القوى الأمنية اللبنانية من المخيمات كشقيق أحد المتورطين في عمليات بيع السلاح في منطقة الطريق الجديدة وإطلاق النار فيها (م. ك. المنضوي إلى تنظيم فلسطيني)، علماً بأن القوى الأمنية اللبنانية تتابع عملية توقيف المتورطين في المخيمات، وتبحث عن المطلوبين.
وتكوّنت صورة لدى الأجهزة اللبنانية المختصة أكثر وضوحاً عن دور الفلسطينيين في المشكلات الداخلية عبر عمليات رصد روتينية مارستها خلال الإعداد لذكرى 14 شباط الماضي، حيث لاحظت مجموعة صغيرة من الكوادر الفلسطينية التي تمارس تعبئة في المخيم وتدفع الى مشاركة فلسطينية في ذكرى اغتيال رفيق الحريري، وراكمت المرجعية الأمنية معلوماتها وقاطعتها بحيث تأكدت من ان عمليات التعبئة التي مارسها كوادر من عدد من تنظيمات فلسطينية مختلفة مرتبطة بلبناني من كوادر تيار المستقبل (ن. ب.)، وهم أنفسهم من يمارس عمليات بيع السلاح في الطريق الجديدة بمساعدة الشخص نفسه. وتقول هذه المصادر ان قيادة تيار المستقبل لا تشجع خيار التسلح، وان عمليات بيع السلاح تأتي من قرارات صغيرة تتخذها كوادر متفرقة، وتسهم في ترويجها كوادر فلسطينية لأسباب محض مالية.
وتؤكد المعلومات ان الفلسطينيين المتهمين ساهموا مباشرة في إطلاق النار يوم 25 كانون الثاني، إضافة الى ما بات يعرف باسم «مجموعة أبو فراس» التابعة للحزب التقدمي الاشتراكي. وتتعامل القيادات المعنية مع الموضوع من أكثر من زاوية، وإن كانت المراجع الأمنية اللبنانية تعترف بأنه «لا حل أمنياً لمشكلة سياسية». إلا ان المعالجات الأمنية وخصوصاً في ضوء «عدم اتخاذ قرار نهائي من جانب الأطراف السياسية بالتسلح»، يمكن ان تجنّب توريط الفلسطينيين في ما بات عنوان المرحلة من «فتنة» ضد الشيعة قد تغرق البلاد في حرب هامشية غير متوقعة.