strong>فاتن الحاج
لا تزال وزارة التربية والتعليم العالي تتحفظ على مشروع إدخال مفاهيم «التربية الجنسية» في المدارس، أو إنّ الوزارة، كما تقول ممثلة المديرية العامة للتربية في اللجنة التنفيذية للمشروع، نينا اللحام تسير بخطوات «دقيقة» وما زالت في طور الإقناع بـ«المصطلح»، «فالمعنيون في الوزارة يؤثرون استبدال «الصحةالجنسية » بـ«الصحة الإنجابية». بل يبدو أنّ مقاربة القضية تأتي من وحدة التربية الصحية لا من التوجيه التربوي. فالموجهون التربويون يشعرون بحرج في الموضوع وصعوبة التعامل بسرعة مع المعلومات الجنسية. تسرد اللحام حادثة في إحدى مدارس الجنوب خلال تنظيم حملة عن «الصحة الإنجابية» حين اعترض أحد المفتشين التربويين على النشاط، بحجة أنّ المفهوم يمرر بشكل متسلل في «الأنشطة اللاصفية»، فيما لم يُدرَج في المناهج التعليمية. ومن شأن ذلك برأي المفتش أن يلفت نظرهم إلى قضايا «نائمة» لا تمر بوجدانهم.
في المقابل، تسأل جمانة القاضي من وزارة الشؤون الاجتماعية: أين وزارة التربية والمناهج من «الصحة الجنسية»؟ وخصوصاً أنّ وزارة الشؤون الاجتماعية أدت الدور التمهيدي لإدخال مفهوم «يحكى به همساً» وهي تؤدي المساندة التقنية في مشروع لا يزال في أولى خطواته، بعدما اختبرت تجربة متكاملة في هذا المجال منذ عام 1999. توضح القاضي أنّ الحملات التي تنظمها الوزارة تسلّط الضوء على الموضوع من دون أن تلقي كامل المسؤوليات على عاتقها. يذكر أنّ الوزارة جددت عرض فيلم «شو رأيكن» قصة حملة لتحفيز صانعي القرار على اتباع الخطوات المناسبة.
كما تعمل وزارة الشؤون الاجتماعية والمركز التربوي للبحوث والإنماء بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان على إنتاج رزمة كسب تأييد صانعي القرار لإدخال مفاهيم الصحة الإنجابية والنوع الاجتماعي في المدارس. وعقدت الجهات الثلاث، أمس، لقاءً تشاورياً، في فندق هوليداي إن ــــــ فردان، بغية وضع مسودة للرسائل الموجهة إلى التربويين والمكاتب التربوية والمؤسسات التابعة لها والهيئات الأهلية في المجتمع المدني، لتوجيه الرأي العام نحو المفاهيم الصحيحة. أما اللافت فغياب الممثلين في المكاتب التربوية عن اللقاء.
وأوضحت رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة ليلى فياض أنّ اللقاء يأتي استكمالاً للقاء التقني في أوتيل بادوفا في العام الماضي، حيث أجريت أربع دراسات حقلية تزامنت مع توعية تجريبية في سبع مدارس. وقد أظهرت النتائج تجاوباً من التلامذة والأهل وتعطشاً للتعمق في مفاهيم الصحة الإنجابية والرغبة في استقاء المعلومات بصورة علمية وواضحة من مصادرها الصحيحة، ولا سيما أنّ اللقاءات المباشرة كشفت وجود معلومات ومفاهيم خاطئة لدى الأهل والتلامذة، ما يجعل هذا الأمر موضوعاً ملحاً يستوجب القيام بمبادرات ميدانية من تعاون المؤسسات المتخصصة عبر تأمين مراكز الدعم النفسي والاجتماعي للمراهقين وأهلهم.
ورأت ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان أسمى قرداحي أنّ زيادة توفير المعلومات ورفع مستوى وعي الشباب بقضايا الصحة الإنجابية والجنسية حق من حقوق الإنسان. وقالت: «يشكل المراهقون محورنا الأساسي وتعد المدارس أفضل نقطة دخول للوصول إليهم»، مؤكدة أهمية توفير الخدمات والمعلومات بطريقة صديقة للشباب تحفظ لهم حقوقهم في اختيار ما هو مناسب للمحافظة على صحتهم. وعرضت مارتين نجم كتيلي من برنامج الاستراتيجيات السكانية والتنموية إطار عمل استراتيجية كسب التأييد الخاصة بقضايا السكان في لبنان، فأكدت الحاجة للعمل مع الإعلاميين لتعميق مفاهيم السكان والصحة الإنجابية والجنسية. أما منى حسونة فتناولت تجربة الشراكة العالمية للشباب للوقاية من السيدا وهي فريق شبابي اجتمع أعضاؤه على كسب تأييد صانعي القرار باعتبارهم الضمانة لبرامج أكثر فاعلية في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الشباب.
وتطرقت ممثلة صندوق الأمم المتحدة في اللجنة التنفيذية للمشروع إلى نتائج الدراسات الأربع، مشيرة إلى أنّ التحدي يكمن في تعبئة الوعي الوطني العام وتدريب المعلمين وإنتاج مواد تربوية خاصة بالتربية الجنسية وإعداد برنامج نموذجي لمدة 3 سنوات واعتماد مبادئ ناجحة كالتربية من خلال الأقران.
وتولى الخبير الإقليمي زياد رفاعي من فريق دعم صندوق الأمم المتحدة في عمان التعريف بخصائص المراهقين والتحديات التي يواجهونها من البالغين، مركزاً على ضرورة استقاء المعلومات الجنسية من مصادرها الموثوقة. لفت رفاعي إلى أنّ الحذر ليس مرتبطاً بديانة معينة أو ثقافة محددة أو بلد بحد ذاته، والدليل أنّ الولايات المتحدة أوقفت التمويل الفيدرالي لبرامج الثقافة الجنسية.