strong> راجانا حميّة
يخوض الجامعيّون اللبنانيون في فرنسا تحدّياً جديداً في إثبات قدرتهم على مساعدة الطلّاب الوافدين من لبنان لإكمال دراساتهم. تحدٍّ يحمل في طيّاته الكثير من الأمور لعلّ أهمّها اثنان، على الأقلّ بالنسبة إلى من عايشوا فكرة الاغتراب، وأوّل هذه الهواجس مساعدة الطلّاب القادمين إلى «البلاد» الجديدة على تسيير أمورهم كافّة بدءاً من التعليمية وصولاً إلى الرياضيّة والصحّية، وثانيها دفعهم إلى استيعاب فكرة «الهجرة المؤقّتة».
لم يكن سهلاً على هؤلاء الجامعيين إيجاد الطريقة التي يتغلّبون فيها على هجرتهم الإجبارية، فكان لا بدّ من وسيلة تجنّبهم والوافدين الجدد عناء التفتيش عن نقطة جديدة للبداية في بلد مختلفٍ كلّياً عمّا ألِفوا، وتعيد لمّ شملهم ضمن مجموعة مصغّرة قريبة من «محتويات وطنهم». عند هذه النقطة، بدأت فكرة إنشاء جمعيّة تضم الجامعيين اللبنانيين في فرنسا «association des universitaires libanais en france» تتبلور، إلى أن ولدت في 14 كانون الأول من عام 2005، ضمن نطاق يتناسب مع الولادة الأولى، فاقتصرت في أوّل الأمر على مدينة غرونوبل «GRONOBLE» في فرنسا. ومن ثمّ توسّعت لتشمل أربعين مدينة فرنسيّة.
بقيت الجمعية محصورة في فرنسا، رغم وجهتها اللبنانيّة، فلم تصل إلى الجامعات اللبنانيّة إلاّ في الآونة الأخيرة، بعدما ارتأى منظّموها توزيع إعلاناتها على مجالس الطلّاب والهيئات الطالبية ضمن الجامعات.
ويشير أمين الجمعيّة الطالب كمال بيضون إلى أنّ «الجمعيّة تسعى حالياً إلى توسيع نشاطاتها في الجامعات اللبنانيّة عبر تنظيم ندوات تعريفية بها والسعي إلى وضع إعلانها ضمن المواقع الإلكترونية لهذه الجامعات».
بدأت الجمعية نشاطها في «غرونوبل» عن طريق العلاقات الشخصيّة، وتجري مساعدة الوافد إلى فرنسا بناءً على توصيات تنتقل بين اللبنانيين المقيمين في تلك المنطقة. ومع انتشارها في المناطق الأربعين، طوّرت الجمعية «خدماتها» لتصل إلى ستّة أهداف قابلة للتوسّع، تبدأ من «المطار وصولاً إلى تأمين الإقامة».
ترافق الجمعيّة الطلّاب الوافدين إلى فرنسا في مختلف شؤون حياتهم وتساهم في تقديم النصائح والتوجيه العلمي وتفعيل التبادل العلمي وعقد اجتماعات دورية بينهم والجامعيين اللبنانيين المقيمين، إضافة إلى تنظيم النشاطات الاجتماعية والثقافية والرياضية والعلمية وغيرها. كما أنّها قد تبدأ نشاطها من لبنان، إذ يشير بيضون إلى «أنّنا في أحيان كثيرة نساعده على تعبئة طلبه في السفارة الفرنسية في لبنان، كما نساعده على تأمين السكن قبيل وصوله إلى فرنسا».
أمّا الخدمة الأبرز التي تقوم بها الجمعيّة، فهي تعريف الطلّاب الجدد على نمط الدراسة في الجامعات الفرنسية، إضافة إلى مساعدتهم على اختيار الاختصاص. وقد أنشأت الجمعية لهذه الغاية موقعاً إلكترونياً «www.aulf.org»، ضمّنته معلومات تفصيلية عن المؤسّسات التربوية الفرنسية و«الاختصاصات الموجودة، إضافة إلى شرح مفصّل عن نمط الدراسة فيها والشهادات التي يحصلون عليها». كما تطرّقت فيه إلى فصل عن الحياة الطالبية والضمانات «من تأمين الإقامة وإجراءات التسجيل في الجامعة التي يختارها والضمان الاجتماعي والعمل لتأمين المصروف» وبعض التوصيات الضرورية «كتعوّد نمط جديد من الحياة واعتبار اللغة الفرنسية هي اللغة الأم على الأقل ضمن الحصص الدراسية». كما أنّها فتحت حساباً مصرفياً في مصرف «societé générale» لتسهيل تحويل الأموال من عائلاتهم إليهم، إضافة إلى تأمين حساب مصرفي لهم فيه.
وتحاول الجمعية في الوقت الراهن إضافة بعض البنود، ولا سيّما في ما يتعلّق بلمّ الشمل، وقد بدأت هذه الخطوة عبر إقامة حلقات حوارية مفتوحة عبر البريد الإلكتروني بين الجامعيين اللبنانيين في فرنسا ولبنان، ويتولّى الإشراف عليها مستشارون يقومون بتزويد الراغبين في إتمام دراساتهم في فرنسا بالمعلومات الضرورية، إضافة إلى الإجابات عن استفساراتهم».