بسام القنطار
مثّل مؤتمر منظمات المجتمع المدني محاولة لتعزيز النقاش بشأن سبل للمشاركة في جهود إعادة التأهيل بعد عدوان تموز 2006 وفي الوقت الذي أطلقت فيه الحكومة اللبنانية الورقة الاصلاحية وتستعد لعقد مؤتمر باريس 3

نظمت «شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية» و«الصندوق الكندي للتنمية الاجتماعية» و«اوكسفام كيبيك» و«برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» في فندق «كراون بلازا» أمس، مؤتمراً بعنوان «مشاركة منظمات المجتمع المدني في إعادة إحياء لبنان وتنميته». بحضور نحو 450 ممثلاً عن منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية والوزارات والبلديات والسفارات الأجنبية ووكالات الأمم المتحدة.
المؤتمر الذي تميز بحضور متنوع وحاشد لمختلف أطياف المجتمع الأهلي اللبناني والمنظمات الدولية العاملة في لبنان، حاول المجانسة بين برامج المجتمع المدني والبرنامج الحكومي لإعادة التأهيل والإعمار. ورغم أن الجهود الأهلية العفوية التي نشأت إبان العدوان ونشطت في إعمال الإغاثة لم تُعطَ الحيز المفترض لنقاش التجربة، فإن كثافة الحشد عكست رغبة واضحة في استطلاع سبل تعزيز العلاقات ولا سيما مع الجهات المانحة التي تقدر قيمة ميزانيتها المقرر أن تصرف على التأهيل وإعادة الاعمار في العام الجاري بما يزيد على مليار دولار أميركي.
المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية زياد عبد الصمد، قال في كلمة الافتتاح «ان الورقة الإصلاحية التي ستقدمها الحكومة اللبنانية إلى مؤتمر باريس 3 تتضمن جانباً اجتماعياً، مما يمكن اعتباره إضافة نوعية إلى الخطة الحكومية التي قدمت الى مؤتمر باريس 2 وما سبقها وتلاها، إن هذه الخطة يجب أن تأخذ في الحساب وفي المقام الاول، إمكان استدامتها، وفي هذا السياق لا بد لها من أن تنطلق من تطوير نظامَي الضمان الاجتماعي والصحي واعتماد سياسات صحية واجتماعية عادلة تنسجم مع الحاجات الفعلية للمواطنين، ولا تقتصر على معالجات قصيرة الأمد لمشاكل تنتج من عدم فاعلية أنظمة الخدمة العامة المقدمة. وفي هذا السياق، لا بد من الاتجاه نحو إشراك قطاع الأعمال في عملية تؤدي إلى زيادة فاعلية الخدمات المقدمة».
ثم تحدث رئيس مجلس الإنماء والاعمار نبيل الجسر، فأشار إلى أنه «لا أحد يناقش اليوم مبدأ المشاركة بين المجتمع المدني والمؤسسات العامة، القضية هي في إرساء قواعد واضحة لهذه المشاركة، وقبل النظر الى العلاقة بين الطرفين، على كل طرف ان يهيئ نفسه لهذه العلاقة».
الممثلة المقيمة لبرنامج الامم المتحدة الانمائي الدكتورة منى همام أعربت عن طموحها الى «ان يتوصل المشاركون في المؤتمر الى برنامج عمل للإعمار والتأهيل في القطاعات الأكثر حاجة». ثم تحدث سفير كندا لويس دولوريمييه، فأوضح أن «الحكومة الكندية قدمت 30,5 مليون دولار مساعدات للشعب اللبناني ومساهمة في إعادة الاعمار، بالاضافة الى مساعدات فنية قدمتها لقطاعات الصحة والصرف الصحي والمياه وغيرها»، مشدداً على «الخبرة الكندية في التعامل مع منظمات المجتمع المدني التي تشكّل جسراً لأي تعاون». وأشارت ممثلة الصندوق الكندي للتنمية الاجتماعية ماري باراديس الى ان «المجتمع المدني ساهم كثيراً في تخفيف آثار الحرب، وقد ساهم الصندوق في تقديم مساعدات للمنظمات المدنية وعمل بالتنسيق مع عدد من الوزارات، محاولاً تقديم الاعانات لبعض اللاجئين الفلسطينيين الذين تضرروا من الحرب». المنسق العام لتجمع الهيئات الاهلية التطوعية في لبنان جوزف فرح لفت «إلى غياب الموضوع الاقتصادي الاجتماعي عن صميم الحوارات الرائجة» وأضاف: «اوَ لم يحن الوقت ليدرك المتساجلون الزجالون غالباً، أن السياسة هي القناة التي تؤدي إلى رفاهية الإنسان وتطوره وترقّيه، والعكس باطل».
ثم عقدت جلسات عمل حول رؤية الحكومة والمجتمع المدني لإعادة التأهيل والاعمار. ومسائل البنية التحتية الأساسية للمجتمعات المحلية بما في ذلك المياه والصرف الصحي والأحوال المعيشية والتنمية الزراعية، والخدمات الاجتماعية الأساسية ــ التعليم والصحة وإعادة الاندماج والمصالحة، والمجموعات الضعيفة المعرَّضة، والمساعدة المستدامة في عملية إزالة الألغام والتخطيط المدني والبيئة. ويستكمل المؤتمر أعماله اليوم من خلال جلسات متوازية تهدف الى صياغة مخرجات تشمل: رسم خريطة «من يفعل ماذا»، آلية تنسيق يتَّفق عليها تهدف إلى خفض التكرارية والاستفادة القصوى من الموارد المتوافرة، وإطار عمل لتعزيز العمل على مراقبة عمليتي إعادة التأهيل وإعادة الاعمار.