طرابلس ــ عبد الكافي الصمد وفريد بو فرنسيس
ناشد الرئيس عمر كرامي «الجميع الخروج من الشارع خشية ضياع لبنان وتلاشيه، جراء اقتتال عبثي لن يؤدي إلا إلى الخراب والدمار»، معتبراً أن «الفتنة التي تذر بقرنها لن تكون لمصلحة أحد سوى إسرائيل»

ورأى كرامي في اللقاء السنوي الأول لقادة وكوادر «حزب التحرر العربي» الذي عقد في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس، أن «هذه المآسي تدمي القلب، وهي فتنة لطالما حذرنا منها، وأن هذا الحقن الطائفي والمذهبي المستمر منذ أشهر، وهو يحقن الشارع بالسموم، مطلب أجنبي في سبيل تحقيق ما وعدوا به من شرق أوسط جديد، وأن الفتنة بين السنة والشيعة أو بين المسلمين والمسيحيين، هي مقتل للبنان. وإنني باسمكم أتوجه بنداء من القلب إلى كل الإخوة في لبنان، بأن ما يحدث هو كارثة على لبنان، فحرام أن يضيع لبنان من بين أيدينا وأن يتلاشى، وأن يعاني من اقتتال عبثي لا يؤدي إلا الى الخراب والدمار».
وإذ لوحظ حضور مميز وكبير في اللقاء، أشارت مصادر مقربة من كرامي الى أنه «أصرّ على عقد اللقاء في موعده بعد نصائح وجهت له لتأجيله، إثر الأحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة، بهدف تسجيل موقف يرفض فيه كل ما يحصل، ويشرح خلفياته الحقيقية».
وعلى وقع هتافات التأييد لكرامي، والتي كان أكثرها «انت المفتي يا عمر»، والتي ردّ عليها ممازحاً: «جيبوا لي العمامة والجبّة، فكل أجدادي كانوا مشايخ»، توجّه «الى كل لبناني وكل حر وشريف، بالطلب منهم أن يخرجوا من الشوارع، فكفانا سفك دماء وإزهاق أرواح بريئة وعصبيات لا تبني أوطاناً ولا تحفظ حقوقاً ولا كرامات».
وأضاف: «وطننا لبنان يمر اليوم بأخطر المراحل وهو على مفترق طرق، فإما أن يسلك طريق الخير ويتمسك بوحدته الوطنية وبأخوة اللبنانيين في سبيل بناء الوطن وتناسي الأحقاد والحقن الطائفي، وإما الانزلاق الى ما يخططه له الخارج من مستقبل أسود دام». ورأى أن «هذا الخارج لا يخفي شيئاً، وهم أعلنوا منذ البداية أنهم يريدون إقامة شرق أوسط جديد، وهذا الشرق الأوسط الجديد معناه تغيير الخريطة الجغرافية وحدود الدول بالشكل الذي نعرفه، والذي ستنشأ معه دويلات طائفية ومذهبية وعرقية تتنافس وتتناحر وتستمر في الضعف والانحلال لتبقى إسرائيل الدولة الوحيدة والقادرة، ودخول المنطقة في العصر الإسرائيلي وتسخير موارد وخيرات وثروات هذه الدول في سبيل خدمة إسرائيل ومن وراءها. ولقد شاهدنا ذلك في العراق، هذه الدولة العظيمة والغنية والمؤمنة بقوميتها العربية وبتفاعلها مع الأمة العربية في السراء والضراء».
وقال: «في هذا الزمن الرديء القابض فيه على مبادئه وثوابته الوطنية كالقابض على الجمر، وكذلك الأمر بالنسبة للقابض على القيم والتقاليد التي تقوم على النزاهة والأخلاق والتضحية والصدق والوفاء. في هذا الزمن الرديء الذي تختلط فيه مفاهيم الوطنية بمفاهيم العمالة والخيانة وتضيع المعايير والمقاييس فلم نعد نعرف ما هي الوطنية وما هي الخيانة. وفي هذا الزمن الرديء الذي يُجوّع فيه الناس، ويصبح مشروعاً شراء الضمائر والرشوة، ويصبح الواقف في وجه هذا الانحلال والانهيار متهماً، ويصبح كل من البائع والشاري بطلاً وطنياً».
أضاف: «نحن في المعارضة، لأننا نؤمن بأنه وبسبب تركيبة لبنان الخاصة، لا يمكن أن يكون هناك استقرار إلا إذا اتّبعنا ديموقراطيتنا الخاصة وهي الديموقراطية التوافقية، ولو كان الأمر متعلقاً بأكثرية أو أقلية، لوقع خلل في المعادلات، ولكانت السياسات المذهبية فعلت أفعالها الخبيثة، لكن الذين وضعوا اتفاق الطائف أدركوا هذا الأمر الطائفي والمذهبي الخطير، والذي بسببه لم نستطع بناء دولة القانون، فالولاء للطائفية والمذهبية هو قبل الولاء للوطن، وهذا يؤدي الى الحكم العشائري الذي نعيشه». وأوضح: «هناك أمور تعتبر من الأساسيات لا يجوز أن تتخذ فيها القرارات إلا بالتوافق، مثل المحكمة الدولية، ومؤتمر باريس ــ 3 وغيرها الكثير. هذه القرارات اذا لم تتخذ بالتوافق فالنتيجة هي ما نراه ونشاهده اليوم من انقسام وشلل وفوضى ومخاطر نعيشها. لذلك كان من رأينا ورأي المعارضة أنه يجب تأليف حكومة وحدة وطنية لحماية وصيانة السلم الأهلي في لبنان، ولكن فريق الأكثرية رفض تلبية هذا المطلب، وبقي على عناده، حتى بعد استقالة وزراء الطائفة الشيعية».
وأضاف: «اليوم وصلنا في لبنان الى ديون بلغت 42 مليار دولار، والأموال القادمة ستزيد الدين العام، وستذهب الى بنوكهم التي اشترت فيها سندات خزينة، أي من «العب الى الجيبة»، وهذا أمر يحتاج الى نقاش ولا يحصل في حكومة من لون واحد، بل في حكومة اتحاد وطني. يريدون السنيورة رئيساً للحكومة، وكلنا نريده رئيساً للحكومة، ونريد الأكثرية في مجلس النواب أن تكون أكثرية في الحكومة، لكن كل ما تطلبه المعارضة هو مشاركة حقيقية، ومن غير ذلك لن يمشي الحال».