بسام القنطار
برامج خاصّة للفئات المهمّشة وانقطاع الدواء المجاني كارثة اقتصادية تهدّد المرضى

مقارنة ببقية دول العالم، الدول العربية ضمناً، لا تبدو مشكلة انتشار الإيدز في لبنان تهدد الأمن الصحي الوطني. لكن تسجيل 55 حالة جديدة هذا العام يشير إلى أن المشكلة قائمة وينبغي أن تعطى الأولية في التوعية والرعاية والتأهيل.
سجلت أوّل إصابة بفيروس «الإيدز» في لبنان عام 1984. وتشير الزيادات السنوية إلى انتشار مستمر للعدوى، حسب البلاغات التي تصل إلى البرنامج الوطني لمكافحة «الإيدز» في وزارة الصحة العامة في لبنان. ويؤكد مدير البرنامج الدكتور مصطفى النقيب أن العدد التراكمي للإصابات بلغ 985 إصابة، حتى آخر تشرين الثاني 2006، منها 55 إصابة جديدة موزعة بين 46 رجلاً و 9 نساء، أي بمعدل إصابتين للإناث مقابل كل عشر إصابات للذكور. ويشير النقيب إلى «أن 71.71 في المئة من الإصابات كانت عن طريق علاقة جنسية غير محمية مع شخص مصاب، وقد حدثت في معظم الأحيان محلياً، وبينها 51.88 في المئة نتيجة علاقات مختلطة، أي بين رجل وامرأة، و9.82 في المئة نتيجة علاقات مثلية، و5.84 في المئة نتيجة علاقات جنسية بين أشخاص مزدوجي الجنس، و6.15 في المئة نتيجة نقل الدم، و 4.7 في المئة نتيجة تعاطي المخدرات، و2.30 في المائة من الأم إلى جنينها». ويعترف النقيب بأن عمل البرنامج الوطني يعاني نقصاً حاداً في الميزانية، ولولا المنظمات المانحة لكان من المستحيل القيام بأي دور يذكر.
وتتولى وزارة الصحة العامة تأمين الدواء المجاني للمصابين بمرض الإيدز، ويُوزَّع مركزياً في مستشفى الكرنتينا. لكن تكمن المشكلة الأساسية في الانقطاع المستمر لهذا الدواء، فيضطر المرضى إلى شرائه على حسابهم من الصيدليات والمستشفيات الخاصة، علماً بأن تكلفته تبلغ حوالى ألف دولار شهرياً. ولكن النقيب يؤكد «أن مسألة انقطاع الدواء قد تمت معالجتها بشكل كبير في السنتين الماضيتين، وعلى عكس ما كان يحصل منذ خمس سنوات حين كان ينقطع الدواء لمدة تزيد على ثلاثة شهر، فإنّ آخر انقطاع كان منذ عام لكنه لم يطل لأكثر من نصف شهر». ويشير النقيب إلى أن السبب الرئيسي الذي كان يؤدي إلى الانقطاع عدم وجود إحصاءات دقيقة بعدد المصابين، إضافة إلى وفود أعداد كبيرة بشكل مفاجئ، وهو ما يؤدّي إلى نقص في المخزون، إضافة إلى الإجراءات الإدارية المعروفة في المناقصات وصرف النفقات العامة. أمّا اليوم، فإن البرنامج بات على تواصل مع 95 في المئة من المرضى ويؤمن الدواء بشكل شهري.
ولا تستثني خدمات وزارة الصحة العامة اللاجئين الفلسطينيين إذا كانوا مسجلين في قائمة الأونروا. ولكن تبقى المشكلة قائمة بالنسبة للفلسطينيين غير المسجّلين على قوائم الأونروا، لأنّ هؤلاء لا تعترف بهم وزارة الصحة ولا تقدّم لهم أي خدمات، الأمر الذي يزيد عزلتهم وتهميشهم في حال إصابتهم بأمراض مزمنة وخطيرة كالسل أو السرطان أو الإيدز.
أمّا الجمعيات غير الحكومية المشاركة في «البرنامج الوطني لمكافحة الايدز»، فيرتكز عمل بعضها على برامج خاصة بفئات المثليين والمثليات. ويؤكد جورج قزي منسق جمعية الحماية اللبنانية للمثليين والمثليات (حلم) أن الجمعية تنفذ برنامج خدمات وتوعية بالتعاون مع جمعية العناية الصحية، ويرتكز البرنامج على المساندة النفسية عبر تنظيم جلسات متابعة اجتماعية ونفسية في مركز الجمعية، إضافة إلى التوعية داخل العائلة للمساعدة في التعاطي مع ابنهم أو ابنتهم للوقاية من المرض. كما تشمل الخدمات التي يقدمها البرنامج فحصاً مجانياً وسرياً للمثليين والمثليات، وتوزيع الواقي الذكري بشكل مجاني.
وترتفع نسبة انتقال مرض الإيدز نتيجة تعاطي المخدرات على المستوى العالمي عبر الاستعمال المتكرر للحقن. لكن رئيس جمعية الشبيبة لمكافحة المخدرات إيلي لحود يؤكد «أن الجمعية لم تصادف سوى مصاب واحد من بين عشرات المرضى الذي يتلقون العلاج والتأهيل في المركز». لكن لحود يدق ناقوس الخطر نتيجة تفشي مرض الالتهاب الكبدي «C» بين المدمنين. وعادة يكتشف هذا المرض بعد أن يجري المدمن الذي خضع للتأهيل معاملات السفر للهجرة نتيجة حاجته للهروب من الضغط الاجتماعي، فيكتشف إصابته بهذا المرض، وهو الأمر الذي يؤدي إلى إلغاء التأشيرة إضافة إلى تعميم اسمه على كل دول العالم. وينتشر هذا المرض عبر نقل الدم الملوث، إضافة إلى انتشاره بنسبة 6 في المئة عبر العلاقات الجنسية.