كارل كوسا
«على الصعيد الشخصي، أنا ابن الشّياح، لذا فالضاحية الجنوبيّة تعني لي كباقي المناطق والأحياء اللبنانية. أمّا على الصعيد الوطني فأرى التضامن واجباً على كلّ فنّان، وليس خياراً». هكذا عبّر نقيب الفنّانين المحترفين إحسان صادق، من داخل أطلال تلفزيون «المنار» عمّا اعتراه من مشاعر. أتى هذا التصريح ضمن جولة ميدانيّة تفقّدية قام بها فنّانو نقابة الفنّانين المحترفين أمس، في منطقة المربّع الأمني للضاحية الجنوبية ومحيطها.
سكنت الدهشة كلام الفنّانين وملامحهم، وهم يرون مِن داخل الباص المخصّص لنقلهم، دمار بئر العبد. بدأت مسيرتهم التفقّدية على الأرض، في حارة حريك، على وقع أغنية «لازم تعرف يا محتلّ نحنا مين وإنتَ مين» المُنطلِقة من محلّ مجاور للمنار يبيع أعلاماً للحزب وصوراً للسيّدورشة الإعمار التي باشرت أعمالها في «المنار» كانت محطّ إعجاب الوفد، حتّى كادت تنسيهم لوعة الخراب المرّة. فدعا النقيب إحسان صادق جميع اللبنانيّين إلى المزيد من التّوحّد، قائلاً: «كلّما تجذّرنا في أرضنا أكثر، متمسّكين بوحدتنا الوطنيّة الأقوى من أي قنبلة ذرّية، أمكننا الوقوف في وجه هجوم الصهاينة العدواني. في حياتنا لم نحقد على أحد، إلّا اليوم، فنحن حاقدون على هذا الوحش الإسرائيليّ».
فَرَحُ بعض أهالي المنطقة بالوفد الفنّي تُرجِمَ بالتقاط صور له عبر عدسات الهواتف الخلويّة. نقل بعض الفنّانين انطباعات خلّفتها الجولة في نفوسهم. فقال الفنّان صبحي توفيق إن «معظم المباني المدمّرة لا علاقة لها بالمقاومة ولا الحزب. ولكن، هذا ليس مستغرباً مِن قادة إسرائيليّين».
بدورها، تأثرت الممثّلة أمية لحّود ممّا ارتكبه العدوان في حقّ أطفالنا خصوصاً. وسبق أن أدمتها مجازر قتل الأطفال على التلفزيون، حتّى أمست تردد لا شعورياً، كالصغار: «الله يهدِّك يا إسرائيل». هنا المشهد الملموس أكثر قساوة. رغم ذلك، فلحّود لم تُفاجأ بنفسيّات أبناء الضاحية «الرائعة» و«الجبّارة»، لكونها كانت منسّقة إحدى المدارس التي أوت نازحين في جبيل. فاحتكّت بهم عن قرب، إلى حدّ الصداقة: «في منهن فلّوا قبل ما أودعهم...جيت شفتهم كاتبين لي رسائل».
رغم أنّها الزيارة الأولى للفنّان أمير يزبك، بعد العدوان إلى الضاحية، إلّا أنه لم يلحظ اختلافاً كبيراً بين المشهدين الإعلامي والميداني. فكلاهما مؤلم وناقل للحقائق الشائكة. لم يذهله صمود الضاحية ومقاومتها فـ«أهالي الضاحية بيجننوا، وأكثر أصحابي من هنا». لفت الجميع مشهد اعتلاء يزبك جرّافة، أثناء التجمّع، جالساً مكان سائقها.
ولدى استفسارنا منه عن سبب هذا الفعل الرمزيّ أفاد «أنا على أتمّ الاستعداد لمساعدة إخواني وأهلي هنا، قدر استطاعتي، في إعادة إعمار مناطقهم المنكوبة، حتّى ولو بضربة رفش».