دمشق ـــ خليل صويلح
لم تهدأ بعد الضجة التي أثيرت أخيراً بسبب قرار نقابة الفنانين السوريين «معاقبة» من لا يلتزم شروطها. وإذ قرر النقيب الجديد تصعيد المعركة، خرج «نجوم البلد» عن صمتهم معلنين المواجهة...

“لو كان بازوليني عضواً في نقابة الفنانين، ولم يدفع ضرائبه والتزاماته المالية، فسأطوي قيده”. بهذه العبارة الغاضبة ردّ نقيب الفنانين صباح عبيد على منتقديه، إثر الحملة التي شنّها فنانون طالبتهم النقابة بدفع مبالغ مالية متراكمة بحقهم. بين من تمّ “طيّ قيده” في عضوية نقابة الفنانين نجوم معروفون مثل هيثم حقي، وياسر العظمة، ومحمد ملص، وميادة الحناوي...
نقيب الفنانين الذي تسلّم منصبه قبل أشهر خلفاً للفنان أسعد فضة، أراد ترتيب البيت الفني السوري، وتطبيق القوانين والبنود المتعلقة بعمل النقابة. فاصطدم على الفور بجملة اتهامات وذرائع، وضعته في موقع من يحارب “نجوم البلد”، ويسعى إلى فرض شروط صارمة بحق بعض المخرجين غير المصنّفين في هذه المهنة، والفنانين الذين لم يسدّدوا أجورهم للنقابة. وفيما اعتاد المخرجون الحصول على إذن عمل قبل مباشرة التصوير فوراً، سمحت الفوضى الإنتاجية لبعض الشركات بتجاوز هذا الشرط، ومباشرة تصوير أعمالها الجديدة من دون الحصول على إذن عمل. هكذا، اشتعلت شرارة الحرب بين النقابة والفنانين، بعدما وصلت دورية شرطة إلى موقع تصوير فيلم “نصف ميلّغرام نيكوتين” ومصادرة الكاميرا، إثر بلاغ من النقابة يطلب بإيقاف تصوير الفيلم لأن مخرجه محمد عبد العزيز لا يحمل أي صفة نقابية، ولم يحصل على إذن عمل.
لكنّ شركة “الشرق” التي تعمل على إنتاج الفيلم تداركت الأمر، وحُلّ الإشكال ودياً مع النقابة. وما كان من بعض الأقلام الصحافية إلا أن ضخمت الأمر واستغلته بوصفه مانشيتاً ساخناً، بالتواطؤ مع نجوم لديهم أسبابهم الشخصية مع الإدارة الجديدة للنقابة. ولعلّ المستغرب حقاً أن يغضب فنانون (أكثر من 160)، لم يدفعوا التزاماتهم المالية لنقابتهم، ويشنوا حرباً على النقابة لأنها تطبق القوانين.
“الأخبار” التقت مجموعة من الفنانين والمخرجين، وطلبت منهم التعليق على موقف النقابة. في البداية، يقول نجدت أنزور إنه ليس عضواً في النقابة، وتالياً فهو غير مصنّف مخرجاً، “لكن لا ينبغي أن توضع العصي في الدواليب، خصوصاً أن الدراما السورية تواجه اليوم حروباً خفية، بعدما حققت حضوراً استثنائياً في الفضائيات العربية”. وأشار صاحب “المارقون” إلى أن ثلاثة أرباع أعضاء النقابة ليسوا موهوبين، وطالب بـ “لجان تقويم نزيهة”، لاختبار الفنانين للحصول على العضوية.
وإذا كان نجدت أنزور لم يجد مصاعب في الحصول على إذن عمل، فإن آخرين أشاروا إلى أن هذه المشكلة تتكرر مع بدء تصوير أي عمل جديد. واتهم المخرج الليث حجو أعضاء المكتب التنفيذي للنقابة بأنهم يضعون عراقيل مماثلة، لتسريب بعض الممثلين واحتوائهم في الأعمال الجديدة. وقال: “ليس معقولاً أن يطالبوا باستبدالي بمخرج آخر، وهو ما حصل أكثر من مرة، لأنني لا أحمل صفة مخرج، علماً بأنني أنجزت نحو مئتي ساعة درامية. في المقابل، لا أرغب في أن أكون مخرجاً مطارَداً. أما المخرجة الشابة رشا شربتجي، فاعترفت بأنها تحصل على إذن عمل مؤقت، ريثما تنال صفة مخرج.
من هذا المنطلق، طالب بعض الفنانين بأن تستغني النقابة عن شرط الشهادة الأكاديمية للمخرج، بوجود عشرات الشباب الموهوبين، وبغياب المعاهد المتخصصة في الإخراج في سوريا. أما بالنسبة إلى الممثلين، فقد صرّح بسام كوسا لوسائل الإعلام بأن “وضع المؤسسات الثقافية والنقابية وصل إلى درجة من السوء، غير مسبوقة، بوجود إدارات متشابهة، تدعو إلى الخجل حقاً”. فيما اكتفى المخرج هيثم حقي بالقول: “فليطردونا من النقابة، لسنا بحاجة للعودة إليها”. وأشار خالد تاجا إلى ضرورة تحديث القوانين في النقابة لتتماشى مع القفزة النوعية التي وصلت إليها الدراما السورية”.
مشكلة القوانين النقابية القديمة، أنها تعسفية في بعض بنودها، خصوصاً أن الدعوات المتكررة إلى تطوير هذه القوانين لم تجد آذاناً صاغية حتى اليوم. إذ لطالما طالب الفنانون بإنشاء نقابة للدراميين وأخرى للموسيقيين. ويقول هؤلاء إنه لا يجوز أن يعامل المخرج أو الممثل بالطريقة التي يعامل بها عازف الطبلة والراقصة ومطرب الملاهي والكباريهات!