حالما أطلقت شركة «ميتا» المالكة لفايسبوك وإنستغرام وواتساب تطبيق «ثريدز»، حتى هرع المستخدمون عالميّاً لتجربته، ولم يكن اللبنانيون استثناءً. التطبيق الجديد المتّصل جزئيّاً بإنستغرام، يشبه تويتر من حيث الشكل العام ونوع المحتوى ويهدف إلى مقارعته ومنافسته. ولئن هناك عوامل عدّة أدّت إلى نجاحه بهذه السرعة الهائلة، إلّا أنّ الأرقام الأوّلية فاقت التوقّعات. إذ اجتاز «ثريدز» عتبة الثلاثين مليون مستخدم خلال أقلّ من 24 ساعة، بينما احتاج تويتر إلى أكثر من ثلاث سنوات لبلوغ الرقم نفسه.مع ذلك، المقارنة ليست عادلة ولا تعكس دقّة بالضرورة، إذ إنّ الحقبة التي نشأ فيها تويتر (بعد 2006) كانت مختلفة تماماً، بحيث لم يكن عدد مستخدمي الإنترنت برمّته، لا فقط مواقع التواصل، كما هو اليوم. زد على ذلك، استغلّ مالك «ميتا» مارك زوكربيرغ لحظة ضعف تويتر المثالية، إذ تزامن إطلاق التطبيق الجديد مع إعلان مالك تويتر إيلون ماسك نيّته الحدّ موقّتاً من عدد التغريدات التي تظهر للمستخدم (وادّعى لاحقاً أنّ هدفه كان أن يترك الناس هواتفهم المحمولة قليلاً)، ما أثار استهجان المستخدمين ودفعهم إلى البحث عن بدائل. لكنّ ذلك يعني أنّهم سيعودون عاجلاً أم آجلاً إلى تويتر بعد خفوت غضبهم (وانتهاء مفعول التضييق على التغريدات ربّما). أمّا النقطة الأهمّ وراء أرقام التطبيق الجديد الضخمة، فهي اتّصاله بنيويّاً بتطبيق إنستغرام، بحيث لا يتوجّب على كلّ من لديه حساب على الأخير، سوى تنزيل التطبيق الجديد والولوج إليه عبر حسابه على إنستغرام، وهو ما شجّع اللبنانيّين خصوصاً على الدخول إلى «ثريدز» بهذه القوّة، وهم الذين اعتادوا أن يكونوا السبّاقين في تجربة أيّ تكنولوجيا جديدة!
القائم المشترك الذي طبع كلّ منشورات المستخدمين اللبنانيّين على «ثريدز» كان الحديث عن التطبيق نفسه ومنافسته لتويتر، وهو ما لم يختلف عالميّاً. لكن بالطبع، لدى اللبناني دائماً نكات و«ميمز» خاصّة به لا يفهمها أحد غيره، تمّ استخدامها للسخرية من الوضع القائم. الكثير من المستخدمين الجدد كانوا من روّاد تويتر، لكنّ الغالبية كانت من روّاد إنستغرام ممّن لا يستخدمون تويتر أو بالكاد يعرفون شيئاً عنه، وبالتالي أعجبتهم طريقة تقديم المحتوى، ما يعني احتمال تحوّلهم إلى تويتر مستقبلاً. لكنّ الثابت هو ألّا جمهور سينزح من تطبيق إلى الآخر بشكل دائم، إذ إنّ مستخدمي تويتر سيبقون عليه ولو استخدموا «ثريدز» إلى جانبه، ما يعزّز نظريّة أنّ التطبيقَين سيتعايشان جنباً إلى جنب كما فايسبوك وإنستغرام، وسيكون لجمهور كلّ منهما «هويّة» تختلف عن الأخرى، وخصوصاً في لبنان حيث لكلّ منصّة تواصل «صبغة» معيّنة.
إزالة منشورات منذ اليوم الأوّل من عمر «ثريدز»


السياسة ستبقى على الأرجح في تويتر حيث صفحات السياسيّين والقيود الأقلّ تشدّداً من قيود «ميتا» التي باشرت بالفعل إزالة منشورات منذ اليوم الأوّل من عمر «ثريدز»، بعضها لم يكن سوى نكات. فيما سيكون «ثريدز» بمثابة إنستغرام آخر لكن مع إضافة ميزة نشر النصوص إلى جانب الصوَر، ما يعني أنّه سيكون له طابع ترفيهي. النقطة الأخيرة يدعمها اتّجاه عدد كبير من المشاهير والفنّانين والمؤثّرين اللبنانيّين إلى التطبيق الجديد خلال ساعات قليلة من إطلاقه، وحصولهم على عدد لافت من المتابعين في يوم واحد. لكن بالعودة إلى نظريّة «التعايش»، فإنّ عدداً لا بأس به من اللبنانيّين، ولا سيّما من الشباب والمراهقين منهم، يتّجهون إلى تويتر «هرباً» من أفراد عوائلهم أو حتى بعض أصدقائهم. وهذا يعني أنّهم لن يحبّذوا وجود هؤلاء الحتمي على المنصّة الجديدة المتّصلة بإنستغرام. لذا لا يمكن التكهّن من الآن حول ماذا سيحلّ بكلّ من تويتر و«ثريدز»، لكنّ الأيّام الأولى بعد انطلاقة الأخير كانت كفيلة بإظهار اختلاف المحتوى و«هوى» الجمهورَيْن.