تَعِد ثاني أمسيات «مهرجانات بيت الدين» بأن تكون لقاءً خاصاً مليئاً بالتنوع وبالتفاعلات الموسيقية. في 22 الجاري، سيكون محبو الفلامنكو على موعد مع خوان غوميز المعروف بـ«تشيكويلو» الذي سيقدّم سلسلة من الأعمال عزفاً على الغيتار، علماً أنه من الأسماء المرموقة اليوم في عالم الفلامنكو وأكثر المؤلفين نشاطاً في هذا المجال. الفلامنكو يعني دائماً هذه العلاقة الأساسية بين عازف الغيتار والراقصة أو الراقص وعازف الإيقاع. لذا، ينضمّ إلى حفلة غوميز ثلاثة فنانين سبق أن أطلق معهم، في عام 2022، مشروع «كامينوس» وهم: دييغو مانديز على الدرامز، ومارتن ميلينديز على التشيللو، إضافة إلى الراقصة التي نراها في كل مكان هذا الصيف كارن لوغو من «بعلبك» إلى «بيت الدين» فـ«بيبلوس». فهي حالياً من الراقصات الرائدات في المجال، وخصوصاً لجهة ميلها للابتكار في ما تقدمه من عروض راقصة وتوجهها إلى استكشاف آفاق جديدة في الفلامنكو. العرض الذي يقدّمه الفنانون الأربعة على المسرح موسيقي من دون غناء، ينتقلون فيه من نوع موسيقي إلى آخر، من «تانغو» إلى «أليغريا» و«بوليرييا»، وإيقاعات فلامنكو. هذا العرض الذي أطلقه غوميز العام الماضي وُصف بأنه مزيج من النضارة والقوة والعفوية والتفاعل الوثيق بين الفنانين الأربعة على المسرح.
عازف البيانو فادي أبي سعد المعروف بـ «ألِف»


خوان غوميز المعروف بـ«تشيكويلو»

يندرج هذا اللقاء ضمن أمسية مزدوجة كما عرّف عنها المهرجان، إذ سيصعد في الشق الثاني منها الفنان اللبناني غي مانوكيان وفرقته إلى المسرح لتقديم موسيقى مختلفة، تستقطب جمهوراً آخر. مانوكيان صاحب شعبية كبيرة لدى جماهير مهرجانات الصيف، تعود خصوصاً إلى الأجواء والتأثيرات التي تتسم بها حفلاته. لذا أدرج له منظمو المهرجان حفلة إضافية في برمجة هذا العام (في اليوم التالي للحفلة الأولى) ولكن منفرداً هذه المرة، وقد نفدت منذ الآن بطاقات الحفلتين. يقدّم مانوكيان نوعاً من موسيقى الفيوجن الشرقية واقتباسات مجددة، وكثيراً ما يشارك في مهرجانات في العالم. وهذا العام، نرى حضوره طاغياً في مهرجانات الصيف. فسرعان ما سيطلّ مجدداً على جمهور المهرجانات في حفلة يقدّمها مع فرقته في 6 آب ضمن «مهرجانات بيبلوس». عودته إلى مهرجان بيت الدين كانت تلبية لجمهوره الكبير كما أعلن منظمو المهرجان. فمانوكيان نشيط جداً من ناحية إقامة الحفلات ومشاركة فنانين آخرين عالميين بعض الأعمال، ونراه في عروض محلية وعالمية كثيرة تنفد أيضاً تذاكرها بسرعة، وهذا دليل على شعبيته خارج بلاده كذلك. عن أسلوبه الموسيقي، قال مانوكيان سابقاً في إحدى مقابلاتنا معه: «أصولي أرمنية وتربيتي عربية وغربية، فابتكرت نوعاً من الموسيقى الجديدة الخاصة بي». بدأ الفنان مسيرته الموسيقية باكراً، وظهر لديه الميل إلى التأليف في عمر الثامنة. لم يكمل على الدرب الكلاسيكي الذي بدأه لدى تلقيه دروساً في العزف على البيانو في المعهد العالي للموسيقى، وخصوصاً أنّ الإكمال في هذا المجال يتطلب الكثير من الموهبة ومن التمارين والجهد المختلف. وجد لنفسه نمطاً يشبهه، هو ما يعتبره خليطاً بين جذوره الأرمنية وتأثير الحضارات التي ترعرع ضمنها. وسرعان ما ابتعد عن حلمه في أن يصبح لاعب كرة سلة محترفاً، واتّجه نحو التأليف.

أرتور ساتيان


غي مانوكيان

ضمن إطار موسيقى الفيوجن، تستضيف «مهرجانات بيبلوس» في 8 آب (أغسطس) عازف البيانو فادي أبي سعد المعروف بـ «ألِف» في أمسية يمزج فيها بين الفلامنكو والجاز والموسيقى الشرقية، ستكون المحطة الأولى له قبل انطلاقته في جولة أوروبية في الخريف المقبل. يعدّ ألف لهذه الحفلة برنامجاً يجمع فيها فنانين وموسيقيين آتين من عوالم مختلفة، أمثال عازف الهارمونيكا أنطونيو سيرانو، وعازف الكونترباس ييلسي هيريديا، إضافة إلى عازف الإيقاعات باندوليرو. تضمّ الأمسية أيضاً رقص فلامنكو بمشاركة كارن لوغو. أما في الشق الشرقي للحفلة، فينضمّ عازفا القانون والناي جهاد أسعد ورائد إلى هذا الكوكتيل الموسيقي. لن تكون تلك المشاركة الأولى لـ «ألِف» في «بيبلوس» الذي دُعي للمشاركة فيه عام 2001 عندما كان في الـ21 من العمر في بداية مسيرته، فأُطلق عليه لقب «بيانو الشرق» في تلك المرحلة. منذ صغره، كان ألف موهوباً في العزف، معتمداً على أذنه الموسيقية، ولاحقاً تلقى بعض الدروس والدورات من أجل دعم موهبته. وقد مرّ بمراحل موسيقية عدة وتحوّلات في مسيرته وما يقدّمه، إلا أن الموسيقى الشرقية دوماً طاغية في ألحانه ولطالما رغب في إدخال هذه الروح الشرقية إلى البيانو الغربي.
أمسية جاز واحدة أدرجتها لجنة «مهرجانات بيت الدين» ضمن برنامجها


على صعيد آخر، لوحظ هذا العام ابتعاد المهرجانات عن إحياء حفلات الجاز برغم أهمية هذا النمط في هذه التظاهرات، باستثناء أمسية جاز واحدة أدرجتها لجنة «مهرجانات بيت الدين» ضمن برنامجها هذا العام، جمعت فيها أسماء طبعت الجاز في لبنان منذ سنوات. وأصرّ المنظمون على دعوة فنانين لبنانيين يقدّمون هذا النوع من الموسيقى، في سعي لدعم هؤلاء الفنانين الذين قلما يعطون مساحة في مهرجانات الصيف الكبيرة. تضمّ هذه الأمسية الموسيقية دونا خليفة وفرقتها، إضافة إلى أرتور ساتيان وفرقته وعازفين متفرقين معروفين في ساحة الجاز اللبنانية. دونا خليفة ستقدّم ألحاناً جازية بتوزيعات جديدة غناء وعزفاً على الكونترباص برفقة موسيقييها، كما ستؤدي مؤلفات جديدة لها. تعمل حالياً على ألبوم ثالث بعدما كانت أطلقت سابقاً ألبومين خاصين بها. أما أرتور ساتيان، فلا داعي للتعريف عنه، وهو الملقب بعميد موسيقيي الجاز في لبنان وقد درّب وأثر على جيل كامل من الشباب العازفين في المنطقة، علماً أنه أيضاً يعطي دروساً في البيانو في الكونسرفتوار حيث أسّس أول قسم للجاز في الشرق الأوسط وكان من أوائل من قدّموا حفلات الجاز في لبنان ضمن فرقته الثلاثية.