شهد عام 1994 نقطة تحوّل في مسيرة فيفي عبده الفنية، بعدما لقيت مسرحيتها «حزمني يا» (إلى جانب مجموعة نجوم من بينهم حسن حسني، مدحت صالح، ماجدة زكي...) شهرة واسعة، وذاع صيت أغنية تؤدّيها يقول مطلعها «يا غالي عليا يا زواوي يا خويا». غير أن اسم «الزواوي» عاد من جديد إلى حياة الفنانة المصرية، لكن من باب غير متوقّع، حيث التهديد بالمرض عبر ما يسمّى بعلم الفلك، عقاباً للفنانة التي رفضت سداد نصف مليون جنيه (17 ألف دولار أميركي) لمنتج مغمور يدعى أحمد الزواوي. تماماً كما بطل فيلم «البيضة والحجر» (إخراج علي عبد الخالق وكتابة محمود أبو زيد ــ إنتاج 1990)، نجح شخص يدعى أحمد الزواوي وينسب نفسه إلى مجال الإنتاج السينمائي، في الظهور عبر الشاشات وإقناع الملايين بأنه السبب في حالة مرضية شديدة تعانيها فيفي. تلك الاعترافات مرّت مرور الكرام على الجهات المعنية بالثقافة والتعليم المفترض أنها مسؤولة عن رفع وعي الجمهور. لم يتدخّل أحد لسؤال القنوات والمذيعين الذين استضافوا الزواوي، كيف يسمحون بترويج مثل هذه الخرافات! غير أن للفنانة المعروفة دوراً رئيسياً بالتأكيد في ما حدث، بسبب استباقها تصريحات الزواوي وتأكيدها للجمهور عبر إنستغرام أنها محسودة، بل طالبت «اللي عمل لها عمل» بأن يفكّه ويرحمها مما هي فيه.

أعلن المنتج أنّه استعان بـ«خادم» من أجل إقعاد الفنانة المصرية

بدأت القصة عندما كرّرت فيفي عبده أخيراً شكواها من تعرّضها لأزمات صحيّة متكررة. رغم أنّها قالت في تصريحات صحافية أنها عاجزة عن الحركة بسبب مشكلات في الغضروف، أيّ حدّدت السبب الطبي، لكنها عادت وقالت إنّ أحدهم قام بـ «عمل» سحر لها. و«العمل» في اللغة الشعبية المصرية، هي أن يقوم شخص آخر بالذهاب إلى دجّال ويطلب منه تعويذة أو شيئاً يشبه ذلك، من أجل مساعدة أو أذية شخص آخر. خرافات تنتشر بشكل أساسي لدى الفئة غير المتعلّمة، وإن كان هناك من المتعلمين والنخبة من يصدّقون هذه الأمور حتى الآن، ومن بينهم فيفي عبده التي لا تجيد القراءة والكتابة كما يعرف جمهورها.
تلا ذلك ظهور أحمد الزواوي من العدم، وتأكيده على أنّه السبب في الحالة الصحية التي تعانيها فيفي. أرجع السبب إلى أنه وقّع معها عقداً عام 2017 لبطولة فيلم، وحصلت على مقدّم العقد نصف مليون جنيه (17 ألف دولار أميركي)، لكنها اختفت ولم تصوّر الفيلم. أطلّ الزواوي ضيفاً على عدد من البرامج، مكرّراً الرواية نفسها، مؤكداً أنه استعان بـ«خادم» متخصّص في علم الفلك من أجل إقعاد فيفي عبده عن الحركة. واعتبر أنه لم يفعل بذلك جرماً بل أخذ حقه، بحسب تعبيره.
اللافت في الموضوع، أن شركة الإنتاج التي يقول الزواوي إنّها كانت ستنتج الفيلم، ليس لها وجود، ولم تنتج أي عمل. كما أنّ لا أخبار عن المشروع السينمائي المذكور، ولم تُذكر أي معلومة عن أبطاله بجوار فيفي. لكن السؤال الذي لم يوجّهه أحد للزواوي، هو سبب انتظاره تلك السنوات حتى يستخدم «علم الفلك» من أجل النيل من عبده! لماذا لم يقدّم شكاوى في نقابة الممثلين؟ ولو قدّمها ولم تستجب النقابة وتحلّ الموضوع، هل فكر وقتها في أن يصيب المسؤولين عن النقابة بالأمراض أيضاً؟
من جانبها، خرجت عزة مجاهد، ابنة فيفي لتؤكد على تحسّن حالة أمها الصحية، نافية معرفتها بقضية الزواوي والأمر برمته. لكنّ تصريحاتها ذهبت أدراج الرياح، لأنّ الجميع يركّز على أن شخصاً ادعى قدرته على إصابة فنانة بالمرض، تماماً كما حدث مع «مستطاع الطعزي» بطل فيلم «البيضة والحجر» (الراحل أحمد زكي) الذي حاول إقناع الناس بأنه دجّال، لكنهم رفضوا واعتبروه صاحب قدرات خارقة!