في غضون الأيام القليلة التي تحدث فيها القصة، يستفيد الفيلم من العديد من ذكريات الماضي لتحديد العلاقة بين الأخوين... علاقة ستكون بمثابة العمود الفقري للفيلم، بالإضافة إلى موضوع الجنازة والدفن الذي لا يعطيه المخرج الكثير بسبب الموضوع الأكثر إثارة للاهتمام وهو الكشف شيئاً فشيئاً عن صدمات الطفولة المرتبطة بالعلاقة مع الأب، والاختلاف في تصوّر الهجرة، واختلاف شخصية الشقيقين والعائلة المفكّكة.
قصة سياسية لكن أيضاً فيلم عن التجارب الشخصية في بلدين وشعبين يجمعهما تاريخ طويل وإشكالي
تم تقديم الفيلم من خلال جمع ثلاث فترات زمنية: الحداد الحاضر، المرحلة الخاصة بالطفولة في الجزائر، وتلك الخاصة بلحظة شخصية جداً عندما زار إسماعيل عيسى في تايبيه، حين كان ينهي دراسته. يتجنّب حامي مأزق صنع قصة اتهامية للمطالبة بالحق أو للكشف عن العنصرية في الجيش الفرنسي. بدلاً من ذلك، صاغ قصته الداخلية مع شقيقه المفضل بالنسبة إلى أهله، وكيف كان هو يكافح لمدة ثلاثين عاماً في فرنسا من دون أن يجد عملاً قانونياً. هذا الانقسام بين الشقيقين والصراع الحميمي لمفهوم الحب في العائلة، وحب الوطن والانتماء وبالتالي التضحية، هو الأساس الذي أراد المخرج بناء فيلمه حوله ونجح فيه.
نجح الفيلم في استخدام المواد الدرامية لصنع عمل ثري عاطفياً، يمكن من خلاله إنشاء ليس فقط قصة سياسية ولكن أيضاً فيلماً عن التجارب الشخصية في بلدين وشعبين يجمعهما تاريخ طويل وإشكالي، ومشكلات لم تنته إلى اليوم. «من أجل وطني» منفتح على المشاركة العاطفية، وأيضاً منفتح على الحوار عن معنى الوطن، وخصوصاً عندما يتعلّق الأمر بفرنسا والجزائر، وعن الفرنسيين من أصل جزائري في الجيش الفرنسي.
رشيد حامي رقيق على الأشياء، لا يختبئ وراء الصدمة ولكنه يحاول دائماً جعلها سينمائية، متجنباً أي نوع من الاستعراض أو التصوير الإباحي للألم. بينما يدور الفيلم بين الحاضر والماضي، وبين الزيارات اليومية لجسد المتوفي، والعودة بالزمن من خلال الذاكرة، يبقى أسلوب المخرج دائماً منضبطاً وواضحاً وصادقاً، كأن الفيلم نفسه هو شكل من أشكال العلاج، والقدرة على مشاركة الألم والفقدان مع الآخرين.
Pour La France على نتفليكس